كتب محمود عبد الراضي
السبت، 15 مارس 2025 05:30 مفي ليالي رمضان المضيئة، يحرص المصريون على سماع أصوات قراء القرآن التي تملأ الأرجاء قبل آذان المغرب، تلك الأصوات التي تملك قدرة عجيبة على تهدئة النفوس وإضاءة الروح، حيث يظل قراء القرآن المصريون جزءًا لا يتجزأ من طقوس الشهر الفضيل.
إن تلاواتهم المرتلة ترتبط بالوجدان المصري، وتغذي قلوب الصائمين، حيث تصبح لحظات الاستماع إلى القرآن قبل الفطور بمثابة رحلة روحانية نحو الطمأنينة والإيمان.
في أروقة الصعيد المصري، وتحديدًا في مركز المنشاة بمحافظة سوهاج، وُلد الشيخ محمود صديق المنشاوي، في بيئة قرآنية مملوءة بالعظمة الروحية. حفظ القرآن الكريم في سنٍ مبكرة لم تتجاوز الثامنة من عمره، ليشعل بصوته العذب طريقًا نحو مستقبلٍ قرآني مشرق. هو الابن البار للقارئ الشيخ صديق المنشاوي، والشقيق الصاعد للقارئ الشهير محمد صديق المنشاوي، فما كان له إلا أن يسير على درب عائلته العريقة في تلاوة القرآن الكريم، ويمضي قدمًا ليصبح هو الآخر من أبرز الأصوات التي تتلو كلام الله في الأرض.
ورغم فقدانه لأخيه محمد صديق المنشاوي، فإن الشيخ محمود صديق المنشاوي، الذي توارث الموهبة والقدرة على إضفاء مسحة من الخشوع في النفوس، استمر في مسيرته القرآنية، مُجسدًا لقيم الإيمان والتفاني في تعليمه وتلاوته. وبعد ثمانية أشهر فقط من رحيل شقيقه، تمكن الشيخ محمود من الالتحاق بإذاعة القرآن الكريم، وبدأت تلاواته تتردد عبر الأثير، ليصبح جزءًا من واحدة من أرقى الختمات القرآنية المشتركة التي تعرض على المستمعين.
تتميز تلاوات الشيخ محمود صديق المنشاوي برشاقة الصوت وعمق التعبير، حيث سجل المصحف مرتلاً، فكل حرفٍ يخرج من بين شفتيه وكأنما يغسله بعبق الإيمان. لم تقتصر تلاواته على الأثير المصري فقط، بل انتقلت إلى العديد من البلدان العربية والإسلامية مثل الكويت والإمارات والسودان وإيران وماليزيا وجنوب أفريقيا، ليظل صوته الرخيم يطوف العالم حاملاً رسائل القرآن بصدق وعذوبة.
عاش الشيخ محمود صديق المنشاوي ليمثل صوتًا من أصوات الرقي القرآني، حيث كانت محافل قراءته تزين العديد من المناسبات الدينية والعزاء في صعيد مصر، وجعل من تلاوته رمزًا للوطنية والإيمان. عائلة المنشاوي ليست فقط أسرة قرآنية عريقة، بل هي مدرسة في الإيمان والروحانية، صنعت منها أجيالٌ من القراء الذين لا يزالون يحيون بيننا بأصواتهم الندية التي تتردد أصداؤها في كل زاوية من زوايا الدنيا.
شهر رمضان في مصر ليس مجرد فترة صيام، بل هو رحلة روحانية تتجسد فيها الطقوس المتجددة، ومن أبرزها استماع المصريين لتلاوات قرآن مشايخهم المفضّلين، مع دقات أذان المغرب، تملأ أجواء المنازل والشوارع أصوات القراء الكبار ليصبحوا جزءًا من الروح الرمضانية، هذه الأصوات العذبة التي تلامس القلوب قبل الفطور، أصبحت جزءًا من هوية الشهر الكريم، حيث تمزج بين الهدوء والسكينة، وتعيد للأذهان ذكرى إيمانية طيبة تمس الأعماق، فتجعل كل لحظة من رمضان أكثر تقديسًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.