قال الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، إن سوق العمل الفلسطيني يشهد تدهورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خصوصًا فيما يتعلق بتطبيق مبادئ العمل اللائق التي يضمنها قانون العمل الفلسطيني، فقد تراجعت نسبة الالتزام بالمواد القانونية الخاصة بحقوق العمال، ولا سيّما تلك المتعلقة بالأجور وظروف العمل، كما استُخدمت بعض الثغرات القانونية بطريقة أسهمت في إخراج عدد كبير من العمال من سوق العمل، وحرمتهم من الحماية القانونية الواجبة.
وأشار الاتحاد، إلى أنه قد ارتفعت نسبة البطالة في القطاع الخاص نتيجة قوانين سمحت بمزيد من استغلال العمال وضعف الرقابة على تطبيق الحقوق الأساسية، وزادت الأوضاع سوءًا بفعل الإغلاقات المتكرّرة في المناطق الفلسطينية، التي صعّبت حركة تنقّل العمال والعاملات، وأثّرت سلبًا على إمكانية حصولهم على أجور عادلة، كل ذلك أدّى إلى انتهاك الحد الأدنى من الحقوق العمالية، وفتح الباب أمام مظاهر العمل القسري والجبري داخل سوق العمل الفلسطيني.
وأضاف: لا ننسى التطور العلمي والتكنلوجي وظهور المهن الجديدة التي تتطلب قوانين عمل توائم هذه التغييرات بما يضمن للعامل الفلسطيني حقوقه المشروعة والتي توائم الإنتقال العادل، والإقتصاد الأخضر، التي ستحسن من جودة الإنتاج للعامل، وبالتالي رفع كفاءة العمل، وتحسين الاقتصاد الوطني الفلسطيني، بما يضمن مراقبة الأسواق لمحاربة غلاء المعيشة، وموائمة التغيرات البيئية المتسارعة.
ومن هذا المنطلق وفي الوقت الذي يحيي فيه العالم “اليوم العالمي للعمل اللائق”، يقف العامل الفلسطيني في مواجهة واحدة من أكثر الأزمات حدة في تاريخه، أزمة لا تقتصر على الفقر أو البطالة فقط، بل تمتد لتشمل القمع والاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، في ظل احتلال عسكري يضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية التي تنص على حق الشعوب في العمل، والكرامة، والحياة الحرة.
وتابع: إن مفاهيم العمل اللائق كما أقرتها منظمة العمل الدولية—من توفير فرص عمل، وشروط عمل عادلة، وحماية اجتماعية، وحوار اجتماعي فعّال—تبقى بعيدة كل البعد عن واقع العمال الفلسطينيين، الذين يدفعون يوميًا ثمنًا باهظًا نتيجة السياسات الاحتلالية الممنهجة التي تستهدفهم في لقمة عيشهم وكرامتهم، لقد أدى العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى تعطل عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين عن العمل لمدة تجاوزت العامين، ما أسفر عن ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 510 آلاف عاطل عن العمل، وسط غياب تام لأي خطة إنقاذ أو دعم اقتصادي حقيقي من الجهات المانحة أو الدولية.
أما العمال الذين كانوا يعملون داخل أراضي عام 1948، فقد تم منعهم من دخول أماكن عملهم، ما أدى إلى خسائر شهرية تقدر بمليار و350 مليون شيكل، في واحدة من أقسى الضربات التي تلقاها الاقتصاد الفلسطيني المعتمد بشكل كبير على دخل هؤلاء العمال.
وفي موازاة ذلك، يعاني موظفو القطاع العام من انقطاع متكرر في رواتبهم الشهرية بسبب استمرار الاحتلال في احتجاز أموال المقاصة الفلسطينية، ما أدى إلى خلل كبير في الأداء الاقتصادي، وتراجع القدرة الشرائية، وتفاقم الأزمة الاجتماعية والمعيشية لعشرات آلاف الأسر.
كما يعاني الاقتصاد الفلسطيني من تضييق خانق على الحركة التجارية وحركة العمال والموظفين، نتيجة نصب الاحتلال لأكثر من 1205 حاجزًا عسكريًا وبوابة إلكترونية في الضفة الغربية، ترافقها إغلاقات متكررة للمدن والقرى والبلدات، ما يحول دون الوصول إلى أماكن العمل، ويعيق النشاط الاقتصادي، ويقوّض مقومات الاستقرار والمعيشة.
ولم تسلم الأرض من هذا العدوان، حيث تواصل سلطات الاحتلال والمستوطنون عمليات التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي الزراعية وقطع أشجار الزيتون، وقد بدأ الفلسطينيون هذا العام موسم الزيتون بعدد أقل بـ20,390 شجرة، تم اقتلاعها أو تجريفها أو حرقها، في جريمة بيئية واقتصادية مستمرة تهدد سُبل عيش آلاف الأسر الزراعية.
وفي تصعيد خطير وغير مسبوق، تعلن حكومة الاحتلال عن نيتها إنشاء معتقل خاص بالعمال الفلسطينيين، في خطوة تمثل قمة العنصرية والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، هذا الإعلان يأتي بعد عامين من تعطل آلاف العمال، وفي وقت تمنع فيه الظروف السياسية والاقتصادية التي يفرضها الاحتلال إيجاد بدائل للعمال في السوق الفلسطيني، لا سيما في ظل غياب نظام حماية اجتماعية شامل، وانعدام التأمين ضد البطالة أو أي ضمان اجتماعي يوفر الحد الأدنى من الأمان المعيشي للعامل وأسرته.
ولا يقف العدوان عند الإجراءات الاقتصادية، بل يمتد إلى الاستهداف المباشر لحياة العمال، حيث ارتقى 42 شهيدًا من “شهداء لقمة العيش” منذ السابع من أكتوبر 2023، كما تم اعتقال أكثر من 32 ألف عامل فلسطيني خلال نفس الفترة، في واحدة من أبشع حملات القمع التي تستهدف قوة العمل الفلسطينية، تحت ذرائع أمنية واهية.
واستطرد: إننا في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وفي هذه المناسبة العالمية التي من المفترض أن تُكرّس للكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، نؤكد على ما يلي: في هذا اليوم أننا لا نحتفل بشعارات لا تجد لها مكانًا في واقعنا، بل نُطلق صرخة مدوّية للعالم أجمع: لا عمل لائق تحت الاحتلال! ولا كرامة عمالية في ظل الحصار والاستيطان والقمع! وندعو كافة الاتحادات والنقابات العمالية في العالم، ومنظمة العمل الدولية، إلى تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية في فضح ممارسات الاحتلال، ودعم حقوق العمال الفلسطينيين في الحرية، والعمل، والكرامة الإنسانية، فلا يمكن الحديث عن عمل لائق تحت الاحتلال، ولا عن عدالة اجتماعية في ظل الحصار والاستيطان ومصادرة الحقوق، ولا يمكن الحديث عن تحقيق الكرامة للعمال والشعب الفلسطيني في ظل وجود الاحتلال، معا حتى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، معا حتى تحقيق العدالة والحماية الإجتماعية التي تضمن العمل اللائق لعمالنا وعاملاتنا".
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.