كتبت - مرام محمد

لم يعد طلاب التعليم الفني مجرّد متلقّين للمعرفة، بل أصبحوا عناصر فاعلة في تطوير مجالات حيوية تمس حياة الناس بشكل مباشر، من خلال ما يمتلكونه من مهارات عملية، وتجارب ميدانية، وروح ابتكارية تواكب متطلبات العصر.

وفي السنوات الأخيرة، برزت نماذج مشرّفة من خريجي التعليم الفني، ممن امتلكوا القدرة على الإنتاج، والابتكار، والمنافسة في سوق العمل، وتمكنوا من تحويل رحلتهم التعليمية إلى قصص نجاح حقيقية على أرض الواقع.

ومن بين هذه النماذج الملهمة، تبرز الطالبة أميرة، ابنة التعليم الفني بمحافظة الجيزة، التي أثبتت أن الطموح والإصرار قادران على رسم طريق نحو مستقبل مشرق.

فقد أنهت دراستها الفنية بمجموع مرتفع أهّلها للالتحاق بالمعهد العالي للهندسة، بعد مشاركتها مع زملائها في تصميم يد صناعية ذكية تساعد ذوي الهمم على الحركة والإمساك بالأشياء، في مشروع ابتكاري يعكس تميزهم وتفوقهم العملي.

أميرة وزملاؤها يعرضون مشروع تخرجهم

ولم تكتفِ أميرة بنجاحها الأكاديمي، بل سعت أيضًا إلى تحقيق الاستقلال المادي، حيث عملت في مجال العقارات إلى جانب دراستها، لتكون نموذجًا مشرفًا للفتاة الطموحة التي تعتمد على ذاتها، وتؤمن بأن التعليم الفني هو نقطة انطلاق نحو مستقبل مليء بالفرص والإنجازات.

فريق عمل مشروع اليد الصناعية الذكية داخل مدرستهم

قالت أميرة محمد محروس، 20 عامًا، خريجة المدرسة الفنية المتقدمة نظام الخمس سنوات، قسم الإلكترونيات، إنها اختارت التعليم الفني عن قناعة تامة، حيث حصلت على نسبة 96.5% في شهادة التعليم الفني، والتي أهلتها للالتحاق بالمعهد العالي للهندسة بأكتوبر، وهي الآن في سنة الإعدادي.

وأضافت خلال حديثها لـ"اليوم السابع": "لم يكن هدفي مجرد حفظ المناهج العلمية للإجابة في امتحان نهاية العام والحصول على شهادة، بل أردت أن أكتسب مهارات عملية تؤهلني مباشرة لسوق العمل، ولذلك فضّلت التعليم الفني على الثانوية العامة، رغم أن مجموع الشهادة الإعدادية كان يؤهلني للالتحاق به".

مدير عام التعليم الفني بالجيزة تكرم الطالبة أميرة

وتابعت: "في التعليم الفني، من أول يوم كنا نطبق ما نتعلمه عمليًا، نعمل بأيدينا على أجهزة مثل الهواتف والتليفزيونات والشاشات، وهذا ما يجعل التعليم الفني مختلفًا وفعّالًا".

وأوضحت أن المدرسة تضم خمسة أقسام، وأنها اختارت قسم الإلكترونيات لأنه الأعلى مستوى والأكثر ارتباطًا بسوق العمل، مضيفة: "كان اختياري لقسم الإلكترونيات خطوة مهمة في حياتي المهنية".

وأكدت أن أسرتها دعمت اختيارها، معتبرين التعليم الفني خيارًا عمليًا وأكثر تميزًا من الثانوية العامة، رغم بعض التحفّظ من الأصدقاء الذين اعتبروا أن فترة الدراسة في التعليم الفني أطول.

وكيل وزارة التعليم بالجيزة يكرم أميرة وزملائها المتفوقين

أما عن مشروع تخرجها، فذكرت أن المشروع كان عبارة عن طرف صناعي يعمل بإشارات المخ، شارك فيه تسعة طلاب، وكان الهدف منه تقديم حل إنساني مبتكر يفيد المرضى، وليس مجرد مشروع أكاديمي عادي.

وأوضحت أنهم صمموا ماكيت للطرف الصناعي يعتمد على إشارات المخ للتحكم في حركة اليد، وطوروا تطبيقًا إلكترونيًا يتحكم في تحريك كف اليد وأصابعها، لأنه كان بحاجة وقتها إلى إشراف طبي لتطبيقه على أرض الواقع.

صورة جماعية لطلاب التعليم الفني المتفوقين بالجيزة

وفي الوقت الحالي، تعمل أميرة في مجال العقارات إلى جانب دراستها، كما سبق وأن أسست مشروعًا خاصًا لصناعة الإكسسوارات اليدوية، لتكون نموذجًا للفتاة الطموحة التي تعتمد على نفسها.

واختتمت رسالتها لطلاب الإعدادية قائلة: "إذا كنت تريد أن تتعلم مهارة حقيقية وتكون جاهزًا لسوق العمل، فالتعليم الفني هو الخيار الأمثل، فهو يضم أقسامًا متعددة تلبي مختلف الطموحات".

مشروع التخرج الخاص بأميرة وزملائها