سياسة / اليوم السابع

وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة القادمة بعنوان هي الرحم الثاني والأم الكبرى

حدَّدت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة 24 من  أكتوبر 2025م، الموافق 2 من جمادى الأولى 1447هـ، بعنوان: " هي الرحم الثاني والأم الكبرى".

وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو التوعية بضرورة وأهمية الحفاظ على البيئة وأثر ذلك في بناء الحضارة.

ونشرت الوزارة نص الخطبة الاسترشادية كالآتى:

الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أبدع الكون بنظام دقيق، وجعل لكل شيء قدرا ومقدارا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين، فكان خير من مشى على الأرض، وأكثرهم رفقا بمخلوقاتها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وبعد

فالبيئة هي كتاب الله المنظور الذي زاده الله زينة وجمالا، وصنع الله الذي تتجلى فيه قدرة الخالق عظمة وبهاء، فالحفاظ عليها ليس مجرد شعارات ترفع، أو فعاليات تعقد، بل هو جزء أصيل من عقيدتنا، وعبادة نتقرب بها إلى ربنا، فالجمال النبوي في التعامل مع البيئة ليس مجموعة من النصوص الواردة عنه صلى الله عليه وسلم، بل دعوة للتفكر في خلقه، والحفاظ على صنعته، لترى في قطرة حياة، وفي ورقة الشجر آية، وفي صوت الطائر تسبيحة، لتتحول مساحتك الخاصة إلى واحة خضراء، فكن رسالة الجمال النبوي للعالم؛ لتعمر الأرض بالحب، وتزينها بالرحمة، وتملأها بالجمال، ولتتعلق بجمال الكون من حولك: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾.

أيها النبيل، أما تأملت يوما في تلك العلاقة الفريدة التي نسجها الجناب المعظم في التعامل مع الأكوان؟ ألم يرسخ حضرته لمبدأ الاستدامة الزراعية في مواجهة مشكلة الاحتباس الحراري من خلال هذا الحديث: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان، أو طير، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة» ليبقى الأجر والثواب الأبدي، فتتحول الزراعة من مجرد نشاط اقتصادي إلى عبادة متواصلة، فكل ثمرة طيبة، وكل ظل ممتد، وكل نفس نقي يخرج من الغرس، هو رصيد من الحسنات لا ينقطع، وأثر لا ينتهي، فمهمة الإصلاح البيئي، وتعمير الكون لا تعرف الكلمة الأخيرة، فقمة الإيجابية البيئية والتعلق بجمال الأرض، تتجسد في هذا البيان المحمدي: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها».

أيها الأكارم، إليكم تلك القاعدة المحمدية: «إماطة الأذى عن الطريق صدقة» التي حولت عملية تنظيف البيئة المحيطة من مجرد أعمال دنيوية إلى مرتبة عبادية، في لفتة عميقة، لنظافة المظهر، ورقي الجوهر، ونشر ثقافة الجمال، ونهي صريح عن كل مشاهد القبح والتلوث، مما يعكس نظرة حضارية تتجاوز النظافة الشخصية إلى النظافة البيئية، ثم امتدت الرحمة المحمدية لتشمل الحيوان والطير، فنهى عن اتخاذ الكائنات الحية غرضا للرمي، وحث على سقي كل كبد رطبة، وجعل فيها أجرا، ووفر لها الحماية المستدامة في صورة حمى يمنع فيه صيد الحيوان، وقطع الأشجار، وقلع النبات.

أيها النبلاء، إن إجراءات الجناب النبوي بمثابة ميثاق إنساني خالد، يجمع بين الفضيلة الروحية والمصلحة الدنيوية، فهو يضع الإنسان في موضعه الصحيح كخليفة مكلف بالعمارة والإصلاح، لا بالتخريب والفساد، وفي الإرث النبوي الحلول المبتكرة لأزماتنا البيئية المعاصرة؛ حلول لا تقوم على القوانين الرادعة فحسب، بل على وازع الضمير الذي يرى في صون الأرض صونا للعقيدة، وفي رعاية الطبيعة رعاية للأمانة، وفي كل شجرة مغروسة أملا مزدهرا يضيء دروب الأجيال، قال سبحانه: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب﴾.

أيها الكرام، إن مسؤوليتنا تجاه بيئتنا هي مسؤولية فردية وجماعية، تبدأ من كل واحد منا، في بيته، وفي عمله، وفي طريقه، فلا تحقرن من المعروف شيئا، فإماطة الأذى صدقة، وغرس شجرة صدقة، علينا أن نكون قدوة حسنة لغيرنا، وأن نربي جيلا يعي أهمية هذه الأمانة، جيلا يحب الجمال ويحافظ عليه، جيلا يدرك أن كل ما في هذا الكون يسبح بحمد الله، فلا يليق بنا أن نكون نحن سببا في إفساد هذا التسبيح، فلنتحد جميعا، أفرادا وجماعات، من أجل حماية كوكبنا، ومن أجل مستقبل أفضل لأبنائنا، لنجعل من الحفاظ على البيئة ثقافة حياة، وسلوكا يوميا، وعبادة نرجو بها وجه الله، قال تعالى: ﴿والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون﴾.

*****

الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله.

سادتي الكرام، إن ظاهرة العنف ضد الأطفال هي أخلاقي يضرب أساس المجتمع، وإعلان قسوة مذلة على كائن أعزل، لا يملك إلا البراءة درعا، والثقة سلاحا، وعندما يتحول البيت أو المدرسة إلى مكان يمارس فيه الإيذاء تحت سلطة زائفة، يتحول الطفل إلى ظل يخاف النور، ويهاب الخطوة، وتصبح الضحكة المكتومة صرخة لا يسمعها أحد، فالعنف سواء كان صفعة عابرة تترك ألما كامنا في الذاكرة، أو كلمة جارحة تعلق الطفل بين قوسين من الشعور بالدونية والخوف من العقاب، ما هو إلا إفلاس تربوي وخيانة للأمانة، هل نسينا توجيهات النبوة حين قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، واصفا قمة الإحساس والرحمة: «من لا يرحم لا يرحم». 

أيها الآباء وأيتها الأمهات، أنتم الغيث الأول الذي يسقي الحنان والأمان، فكيف يجوز للغيث أن يتحول إلى سوط يجلد الروح؟ أو صوت رعد يزلزل الثقة؟ ألم يصل إليكم الحنان النبوي الذي كان يغمر أطفال المدينة؟ ألم تدركوا أن الطفولة تتوقف عنها الأحكام الشرعية؟ إن الطفولة هي النسق الروحي الذي يتشكل في بيئة العطف والأمان، لكنها مهددة اليوم بالعنف الإلكتروني الذي يقتحم عش البراءة، حاملا معه مشاهد عنف إلكترونية تزين القتل وتطبع العدوان، مما يؤدي إلى تبلد الإحساس لدى الطفل، ودفعه لمحاكاة السلوك العدواني في واقعه، تابعوا أطفالكم، وامنعوا عنهم مشاهد العنف، واستجيبوا لهذا النداء الإلهي: ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة﴾.

رسالة إلى المجتمع المدرسي، أنتم الإطار الكبير الذي يضم الأطفال بالرحمة والعطف، فالمدرسة يجب أن تكون امتدادا لدفء البيت لا مسرحا لتمزيق الكرامة، فكل نظرة سخرية، وكل إهمال، وكل إشارة استعلاء تجاه طفل لا يجد من يدافع عنه، هي رصاصة في صدر المستقبل، تعالوا جميعا لندع الطفولة تزهر في سلام، تتنفس هواء الود، وتستنشق عبير الحياة في أمن وأمان.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا