يفنى الإنسان ويبقى الأثر، فإذا كان طيبا يعيش أمد الضهر ويتوارث من يأتي بعده خطوات ذلك التأثير، فرغم وفاته منذ سنوات عديدة إلا أن قراءته ما زالت تصدح في أذان المحبين والعاشقين له وحكاياته مع كبار القراء ما زال يرددها الأحفاد والمقربين، فهنا في قرية المنشية جنوب قنا عاش الشيخ عبد الصمد المنشاوي صاحب الحنجرة الذهبية، والذي حاكى كبار القراء وقتها منهم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد صديق المنشاوي، ليجمع ذلك الشيخ بين المنشاوي وعبد الصمد في اسم واحد، ويلقى ربه في حادث بعد عودته من إحدى الحفلات، ولكن تتردد قراءته من بعده.

وهنا داخل المندرة الصغيرة ستطلع عيناك يمنيا ويسارًا لتجد صور كبار القراء معلقة على الحائط، لتحكي كل صورة منهم قصة مع القارئ وحفيده من بعده محمود عبد الباسط عبد الصمد، الذي امتلك صوتا مميزا جعله محبوبا في أعين الجميع مستكملا سيرة جده، وبهدوء يسرد محمود حكايات سمعها عن جده وقصة حضور الشيخ المنشاوي له خصيصا كي يستمع له في إحدى الحفلات بقرية دندرة، كما أثنى عليه وعلى صوته الجوهري وتمكنه في القراءة.

قال محمود عبد الباسط، حفيد الشيخ عبد الصمد المنشاوي، إنه تأثر بجده في أفعاله ولاسيما الأشياء الخدمية التي كان يقوم به بجانب القراءة فتأثر جده بقراءة الشيخ المنشاوي وكذلك تأثر هو بقراءة جده وحكمته في إدارة المواقف وحبه للخير الذي كان يفعله في قريته جنوب قنا، وكان يتشابه اسم جده مع الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الحقيقي، فجده زرع وهو حصد ذلك الحصاد، لافتًا أنه لا يريد الشهرة من وراء القراءة ولكنه يريد استكمال مسيرة جده والقراءة عند المحبين للنبي.

وأوضح الشيخ فتحي المنشاوي، قارئ قرآن كريم، أن الشيخ عبد الصمد تأثر بالشيخ محمد صديق المنشاوي في القراءة وكان محبا له فهو من مواليد 1940 وتوفي عام 1991 وتعلم علي يد الشيخ محمد سليم القراءات السبع في قرية أصفون المطاعنة وحفظ القرآن على يد الشيخ محمد هارون عندما كان صغيرًا، لافتًا أنه كان يعمل مؤذنا بمسجد القرية وكان يقرأ لصلاة الجمعة في مسجد مصنع السكر بقوص.

وقال المهندس عمران حسن، من أهالي القرية، إن الشيخ عبد الصمد أنشأ مدرسة ابتدائية في القرية لتعليم الأطفال وكان قبل وفاته بفترة بسيطة مرشح للقراء في إذاعة القرآن الكريم، وكان العديد من المستمعين إلى القرآن الكريم يفضلون سماع القرآن من الشيخ عبد الصمد، ومن المفارقة الغريبة أن أول قارئ يأتي من خارج البلدة في واجب عزاء كان أثناء وفاة الشيخ عبد الصمد لأنه كان متواجد في جميع المناسبات الدينية وواجب العزاء بالقرية والقرى المجاورة.