حوادث / اليوم السابع

النصب الإلكترونى.. فخاخ تبتلع مدخرات المواطنين

في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا بشكل غير مسبوق، باتت جرائم النصب الإلكتروني واحدة من أخطر التهديدات التي تطال المواطنين، وتمتد آثارها من الخسائر المالية الفادحة إلى الانهيارات النفسية والعائلية.

ورغم تزايد التحذيرات من هذه الوقائع، لا يزال البعض يقعون في فخ المحتالين الرقميين، مدفوعين بالثقة الزائدة أو الطمع في السريع.

تتنوع أساليب النصب الإلكتروني بين إعلانات وهمية لبيع منتجات وخدمات، وصفحات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى رسائل عبر البريد الإلكتروني أو المراسلة تدعي وجود فرص استثمارية مغرية أو مميزة، وغالبًا ما تبدأ القصة بإقناع الضحية بتحويل مبلغ مالي "صغير" كمقدم أو رسوم شحن، ثم يتوالى الطلب المالي حتى يفاجأ الضحية باختفاء الطرف الآخر تمامًا.

بعض الضحايا يكتشفون الحقيقة بعد فوات الأوان، حيث لا وجود للمنتج، ولا للجهة التي تعاملوا معها، ولا حتى عنوان يمكن الوصول إليه، وتُحذف الحسابات أو تغلق الصفحات فور إتمام عملية الاحتيال، في المقابل، لا يجد المتضررون إلا الحزن والندم طريقًا، بعد أن فقدوا أموالهم وربما أكثر من ذلك.

وفي حالات كثيرة، تسبب هذه العمليات في صدمات نفسية شديدة للضحايا، خاصة حين تكون الخسائر كبيرة أو استدانة.
وقد سجلت بعض الوقائع المؤسفة التي انتهت بوعكات صحية حادة أو حتى الوفاة جراء الانهيار النفسي، فضلًا عن انهيار علاقات زوجية بعد اكتشاف أن أحد الطرفين فقد مدخرات الأسرة بالكامل في محاولة شراء عقار وهمي أو مشروع غير موجود.

وما يزيد من خطورة هذه الجرائم هو سهولة تنفيذها، إذ لا يتطلب الأمر سوى حساب إلكتروني وصور جذابة ومنشورات تسويقية كاذبة، وتستهدف هذه الحسابات الضحايا من مختلف الفئات، مستغلة حاجتهم أو طمعهم، أو حتى جهلهم بخطورة التعامل مع أطراف غير موثوق بها عبر الإنترنت.

من هنا، تبرز الحاجة الماسة إلى نشر "ثقافة الحذر الإلكتروني"، التي تبدأ من أبسط القواعد: لا ترسل أموالًا لشخص لم تقابله، لا تثق في الصفحات التي لا تملك مقرات أو سجلات رسمية، ولا تتعامل ماديًا إلا من خلال كيانات مرخصة ومعلومة.

كذلك، يجب الحذر من طلبات الصداقة من حسابات غريبة، أو روابط مجهولة المصدر، أو صفحات تروج لسلع بأسعار مغرية لكنها غير واقعية.

بعض المحتالين يستخدمون أسماء وعناوين وهمية، بل وربما ينتحلون صفات موظفين أو شخصيات عامة لزيادة الإقناع، في حين يحرص البعض الآخر على تقديم وعود زائفة بتوظيف الأموال، أو شراء هواتف بأسعار أقل من السوق، أو تقديم منح دراسية أو فرص سفر مقابل رسوم رمزية.

ولأن القانون لا يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الجرائم، فإن مرتكبي النصب الإلكتروني يواجهون عقوبات صارمة وفقًا للقانون، فطبقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم موقعًا أو حسابًا إلكترونيًا أو بريدًا إلكترونيًا مزيفًا في النصب أو الاحتيال، وإذا ترتب على الجريمة الاستيلاء على أموال أو منقولات، فإن العقوبة قد تصل إلى السجن المشدد بحسب جسامة الجريمة.

وتنص المادة 27 من القانون نفسه على أن كل من اعتدى على سلامة البيانات والمعلومات أو نظم المعلومات الخاصة بأي جهة حكومية أو مواطن، باستخدام وسائل تقنية، يعاقب بالحبس والغرامة التي قد تصل إلى 200 ألف جنيه، وتضاعف العقوبة إذا تسببت الجريمة في أضرار جسيمة.

كما تتيح مواد القانون للجهات المختصة، تعقب الحسابات المزيفة وطلب غلق الصفحات أو المواقع التي تُستخدم في جرائم إلكترونية، إلى جانب التعاون الدولي في تعقب المحتالين العابرين للحدود.

ورغم كل هذه الإجراءات، يظل وعي المواطن هو خط الدفاع الأول، فلا قانون يمكنه حماية من يُصر على التعامل مع المجهول، أو من يتغاضى عن علامات النصب الواضحة.

إن المعركة ضد النصب الإلكتروني ليست فقط قانونية أو أمنية، بل هي ثقافية وتوعوية بالأساس، فكما نحذر أبناءنا من الغرباء في الحياة الواقعية، يجب أن نحذرهم من الغرباء في الفضاء الإلكتروني، ونزرع فيهم ثقافة التحقق والتمحيص قبل اتخاذ أي خطوة مادية عبر الإنترنت.

لا تزال النصيحة الذهبية قائمة: "لا تدفع قبل أن ترى بعينك، وتتحقق بعقلك".

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا