فن / اليوم السابع

September Says.. حكايات أنثوية بشعور زاحف بالرعب والقلق

السينما كتاب مفتوح، من خلاله تتعرف على الكثير من التجارب الغريبة التى يمر بها البشر.. ومن أجمل الأعمال التى يعرضها مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته 45 September Says «يقول سبتمبر»، الذى عرض فى مهرجان كان السينمائى. الفيلم سيطلق لديك نوعا من الفوضى العاطفية التى يخلفها هذا الفيلم فى عقلك وقلبك، وستواجه بعض الصعوبات فى بداية متابعة هذه القصة المحيرة التى تتشابك من خلال ثلاث وجهات نظر، وعدة قفزات زمنية ذهابا وإيابا، وهناك الكثير من الأشياء المكدسة فى الأسلوب السردى للعمل.

الفيلم مأخوذ عن رواية الأختين للكاتبة ديزى جونسون، فى أول فيلم روائى طويل كمخرجة لأريان لابيد، وهو قصة غامضة ومخيفة عن شقيقتين تربتا على يد أم عزباء.

نحن أمام أختين جولاى وسبتمبر هما قوة مشتعلة بقوة منذ اللحظة الأولى من الفيلم، ومع المزيد من التفاصيل حول علاقتهما وسلوكياتهما وماضيهما، تطرح لديك العديد من الأسئلة التى بحاجة إلى الإجابة عنها، ولكنك لا تتمكن من الإجابة طوال الأحداث مما يخلق شغف المشاهدة، فالحالة النفسية لكلا الأختين أشبه بركوب قطار ملاهى فى حد ذاته، حيث تتباطأ هنا وهناك، فقط لتمنحنا لمحة صغيرة عن حقيقة مخفية بين المشاهد منذ البداية، وتحاول فهم الأمراض العقلية والنفسية الموجودة فى الأسرة، وتظل الأجواء المخيفة المحيطة بكل ما يدور أمامك على ، متشبثا بأى تخمينات حول ما يحدث، من خلال مشاهد مخيفة تتخللها لحظات من الوحدة، يصور الفيلم ما يمكن للعقل أن يفعله فى أحلك الأوقات، ويشعر المتفرج وكأنه يعيش فى المنزل معهم، خاصة أن كل شخصية تم تطويرها بشكل جيد وذات مغزى.

الأحداث تتصاعد لنعيش حياة المراهقتين جولاى «ميا ثاريا» وسبتمبر «باسكال كان»، ولدت سبتمبر بفارق 10 أشهر فقط، وهى تحمى جولاى بشدة، لكنها تتوقع أيضا من أختها اتباع كل التعليمات، مهما كانت غير معقولة، وهما فتاتان قويتان كاللصوص، متشابكتان لدرجة أنهما لا تحتاجان إلى أى شخص آخر، لديهما علاقة غريبة مع والدتهما  شيلا «راكى ثاكرار»، تتخطى الأختان حدود السلوك، حتى تختبر سلسلة من اللقاءات المروعة حدود تجربتهما المشتركة، وتجبرهما على الكشف عن حقائق صادمة حول ماضى الفتاتين ومستقبلهما، تلعبان ألعابا جريئة وغير مسؤولة فى كثير من الأحيان، مما يدفع والدتهما إلى حافة الجنون، ولكن مهما كان الأمر، فإن هذا الثلاثى يبقى قويا، هناك دائما جبن على الخبز المحمص يمكن الحصول عليه فى حصن مؤقت من البطانيات، حيث يكون العالم أقل تهديدا للفتيات الصغيرات اللاتى لديهن عقل خاص بهن. وفى المدرسة يعيشان حياة مليئة بالصراع العنيف مع المحيطين بهما، والذين يرفضون وجودهما بأساليب عدة، عاملت سبتمبر أختها وكأنها وعاء، تحمله وتلتقطه ثم تعيده إلى مكانه، وتسكب فيه كل شىء.

ترتديان زى التوأم الشبح من فيلم «ذا شاينينج» للمخرج ستانلى كوبريك، خارج اللقطة، يقوم شخص ما بمسح وجهيهما باللون الأحمر لإكمال مظهرهما المخيف، ثم تومض الكاميرا، المصورة هى والدة الفتاتين المكتئبة.

تلعب الفتاتان لعبة تسمى «سبتمبر تقول»، حيث تصبح الأوامر أكثر قسوة: «اركضى إلى الطريق، ضعى هذه الإبرة فى إصبعك»، وتناول برطمان من المايونيز.. العلاقة الرابطة بين الفتاتين خارقة للطبيعة وعميقة، فعندما تعض جولاى، التى تروى معظم الأحداث، ذراع سبتمبر، تتمكن من قراءة أفكار أختها.

تتجمد جولاى فى وجه القسوة، وتنتقم سبتمبر. وفى بعض الأحيان تكون ضرباتها استباقية، وعندما تتساءل شيلا من أين يأتى العنف السهل الذى تمارسه سبتمبر، ترد قائلة: «يجب أن أقتدى بوالدى» وهى الإشارة الوحيدة إلى الرجل المفقود، وتعلن أثناء العشاء: «نحن لم نعد نأكل الطعام الأحمر»، وعند هذا تسقط حبة طماطم من فمها. سبتمبر هى المؤدبة والحامية ورئيسة هذه المستعمرة النسائية، إن عالمهن هو عالم أنثوى صغير.

تغادر جولاى وسبتمبر ووالدتهما شيلا أكسفورد بعد حادثة مروعة لا يتذكرها أحد على ملاعب التنس الممطرة خلف مدرستهما، تنتقل الأسرة إلى بيت متهالك على البحر له تاريخ مظلم خاص به، فى حياتهما الجديدة المعزولة تجد جولاى أن الرابطة العميقة التى كانت تتقاسمها دائما مع سبتمبر تتحول بطرق لا يمكنها فهمها تماما، ينزل شعور زاحف بالرعب والقلق داخل المنزل.. وفى الوقت نفسه فى الخارج هناك تشعر جولاى بشىء يتغير بينها وبين أختها، هناك شىء فظيع ولكنه غير معروف إلى حد ما - علامات غامضة على جسد جولاى، خطوات تختفى - وجولاى غير قادرة على «تحديد سبب الخوف، فقط إنه هائل»، هناك تلميحات تترك انطباعا فوريا إن هناك شيئا غريبا فى الأمر، فأفعالهم وردود أفعالهم تشير إلى شىء خطير.

تحاولان مشاهدة أمهما تمارس الجنس من خلال النظر من تحت الباب، وسرعان ما تأتى الفرصة لهما لممارسة الجنس، أو بالأحرى إنها فرصة لجولاى، فيعجب بها صبى محلى، الأمر الذى يعطل موقف سبتمبر الفعلى باعتباره الناطق الرسمى باسمهما، إن حقيقة أن هذه البداية الجديدة تبدو أكثر احتمالا لجلب الرعب بدلا من التحرر.

من المثير للاهتمام كيف أن عالم September Says ليس خاليا من الفكاهة واللامبالاة، بل يبدو وكأنه جزء من العمل الذى تؤديه الأختان، إن قرابتهما من النوع المعقد جدا، ولا بد هو المرشح المثالى لفحص روابطها وتقلباتها عن قرب، وفى هذه العملية لتقديم أحد أفضل الأعمال التى تشاهدها بالمهرجان.

وما بين الزجاج المهشم والحليب المسكوب والشظايا المسننة، تزدهر المشاعر والمخاوف، لنكتشف الحقيقة التى أخفتها المخرجة عن المشاهد والتى نفهم بها العديد من التصرفات التى قامت بها جولاى.. وينتهى العمل بنهاية أكثر غموضا تترك المشاهد ليحددها.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا