محمد عبد الرحمن

يعد مسلسل النُص من أبرز الأعمال الدرامية التى استطاعت استحضار روح القاهرة فى عشرينيات القرن الماضى من خلال ديكوراته المتقنة، التى لعبت دورًا جوهريًا فى إغراق المشاهد فى أجواء تلك الحقبة الزمنية.

اعتمد فريق الإنتاج على بناء ديكورات داخلية وخارجية تعكس تفاصيل الحياة الاجتماعية والمناخ العام لمصر خلال الاحتلال البريطاني. فقد ظهرت شوارع القاهرة القديمة، والترام، والمقاهى الشعبية، بشكل يوحى وكأن الكاميرا التقطت صورًا حية من الماضي. هذه التفاصيل لم تكن مجرد خلفية للأحداث، بل ساهمت فى تعزيز الانغماس فى القصة ومنحها مصداقية تاريخية.

ما يميز ديكور مسلسل النُص هو التناسق البصرى مع أزياء الشخصيات والإضاءة، مما خلق لوحة فنية متكاملة، فالألوان المستخدمة فى الخلفيات كانت تعكس الطابع الكلاسيكى لتلك الفترة، كما ساعدت الإضاءة الدافئة على تعزيز الشعور بالحنين إلى الماضي. وبفضل ذلك، حصل المشاهد على تجربة راحة بصرية تناغمت مع الأداء التمثيلى والحبكة الدرامية.

ونجح الديكور خلال المسلسل، فى تقديم صورة أقرب إلى الأفلام الوثائقية القديمة، حيث جاءت التصاميم خالية من المبالغات، وهو ما جعل المشاهد يشعر وكأنه يتجول فى شوارع القاهرة بنفسه، إضافة إلى ذلك، تم توظيف الإكسسوارات والديكورات الداخلية، مثل الأثاث الكلاسيكى وأدوات الحياة اليومية فى العشرينيات، لتعكس طبيعة الحياة الاجتماعية فى ذلك الوقت.

لم يكن الديكور مجرد خلفية صامتة، بل تفاعل مع الأحداث وأثر على الحالة المزاجية للمشاهد، فساعد فى إبراز التناقض بين العالم الفوضوى الذى يعيشه البطل وبين الجمال الظاهرى للمدينة. كما شكل هذا العنصر البصرى تكاملًا رائعًا مع الموسيقى التصويرية، وأداء الممثلين، مما جعل التجربة الدرامية أكثر إقناعًا وإمتاعًا.

بشكل عام استطاع مهندس الديكور أحمد عباس راضى مصمم ديكور المسلسل، أن يستخدم ديكوراته بذكاء ليصنع صورة بصرية استثنائية للقاهرة فى العشرينيات. ليس فقط من حيث دقة التفاصيل، ولكن من حيث دور الديكور فى دعم القصة وتوفير راحة بصرية جعلت المشاهد يعيش تجربة غنية بالمشاعر والأحداث التاريخية. هذا العمل يقدم نموذجًا ناجحًا فى إعادة إحياء الفترات الزمنية من خلال الفن، وهو ما يجعله واحدًا من أفضل الأعمال المصرية التى مزجت بين الدراما والتاريخ بشكل متقن.

شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025