أعلن القائمون على مسلسل "المدينة البعيدة" (Uzak Şehir) أن الحلقة الأخيرة من موسمه الأول ستُعرض مساء الإثنين 2 يونيو 2025 عبر شاشة Kanal D، ليُسدل الستار على واحد من أنجح الأعمال الدرامية التي شهدها الموسم الحالي في تركيا. ومع اقتراب عرض الحلقة 28، تتجه الأنظار إلى كيفية ختام الأحداث المشوقة التي حطمت أرقاماً قياسية، وأعادت إحياء دراما العشائر في تركيا خاصة في مدينة ماردين بأسلوب حداثي متقن.

نجاح غير مسبوق في نسب المشاهدة

منذ عرض أولى حلقاته، نجح "Uzak Şehir" في اجتذاب جمهور واسع، تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، محققاً نسب مشاهدة قياسية لم تُسجل منذ خمس سنوات. ويُعد العمل النسخة التركية المقتبسة عن المسلسل العربي الشهير "الهيبة"، الذي لعب بطولته النجم تيم حسن، إلا أن النسخة التركية أعادت تشكيل الحكاية بطابع محلي تركي مستوحى من أجواء مدينة ماردين الغامضة، مع معالجة درامية مكثفة من تأليف غولزار إرماك وإنتاج لالي إيرين وكرم جاتاي.

حلقة أخيرة... بانتظار نهاية "صادمة"

وفق تصريحات الإعلامية التركية بيرسين ألتونتاش، فإن الحلقة الأخيرة من الموسم ستشهد نهاية صادمة للغاية، ما دفع كثيرين إلى التكهّن بمصير أبطال العمل: "جيهان" (أوزان أكبابا)، "عليا" (سينام أونسال)، و"منية" (مينة كيليتش)، خاصة بعد تطورات درامية عصفت بالعلاقة بين الثلاثي في الحلقات الأخيرة.

تتويج بثلاث جوائز كبرى

لم يكتفِ "المدينة البعيدة" بتحقيق النجاح الجماهيري، بل تُوّج بثلاث جوائز رئيسية خلال حفل Ayaklı Gazete السنوي، الذي أُقيم في 18 أبريل 2025، حيث حصل على جائزة أفضل مسلسل تلفزيوني، فيما نال أوزان أكبابا جائزة أفضل ممثل عن تجسيده المعقد لشخصية "جيهان"، وتسلمها عنه زميله أتاكان أوزكايا لانشغاله بالتصوير، بينما فازت سينام أونسال بجائزة أفضل ممثلة عن دور "عليا"، وتسلمتها عنها سهرا شاش وسط تصفيق كبير.

أشاد النقاد خلال الحفل بقدرة المسلسل على المزج بين التقاليد والحداثة، وتقديم شخصيات نسائية قوية بأبعاد نفسية غنية، ما جعله يتفوّق على منافسيه خلال موسم مزدحم بالأعمال ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة.

قضية خارج النص: حملة إلكترونية ضد مينة كيليتش

رغم النجاح الفني، تعرّض المسلسل لعاصفة من الجدل عقب عرض الحلقة 21، حيث فجّرت شخصية "منية"، التي تؤديها الممثلة مينة كيليتش، مفاجأة درامية بإعلان حملها من "جيهان"، ما أدى لانقسام كبير في آراء الجمهور، وفتح باب الهجوم عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تحولت الانتقادات من نقد فني إلى حملة تنمّر وتهديدات طالت الممثلة وعائلتها، خاصة بعد تداول صور ورسائل مسيئة موجهة إلى ابن شقيقها البالغ من العمر 10 سنوات، ما دفع كيليتش إلى نشر فيديو عبر حسابها الرسمي، كشفت فيه عن اتخاذها خطوات قانونية ضد كل من تورّط في الإساءة إليها.

قالت كيليتش في الفيديو: "النقد حق للجمهور، لكن لا يمكن أن يتحوّل إلى أذى شخصي. لن أتسامح مع من يعتدي على عائلتي، وسأقاضي كل من شارك في هذه الحملة"، لتفتح بذلك نقاشاً واسعاً في الوسط الفني حول حدود التفاعل الجماهيري مع الأعمال الدرامية.

لاقى موقف كيليتش دعماً واسعاً من زملائها الفنانين، الذين اعتبروا أن تحميل الممثلين مسؤولية قرارات الشخصيات التي يجسدونها يُشكّل تهديداً لحرية التعبير الفني. كما أطلق الجمهور حملات إلكترونية تحت وسوم تطالب بوقف العنف الرقمي ضد الفنانين، وتؤكد على أهمية التمييز بين الممثل والشخصية.

منصة متعددة الجمهور: نجاح محلي وعربي

يُعرض "Uzak Şehir" أسبوعياً على قناة Kanal D التركية، كما يُبث مترجماً ومدبلجاً عبر MBC4 ومنصة "شاهد"، ما ساهم في توسيع قاعدة متابعيه لتشمل الجمهور العربي، خاصة في منطقة الخليج وبلاد الشام، حيث لاقى المسلسل اهتماماً كبيراً نظراً لأصله المستوحى من "الهيبة"، وبفضل الأداء اللافت لنجومه.

سر نجاح العمل: حنين درامي وقصة مألوفة بفخامة بصرية

يرى النقاد أن أحد أبرز عوامل نجاح "المدينة البعيدة" هو مزجه بين الحنين إلى دراما العشائر ذات الهيبة الذكورية التقليدية، وتقديم نساء بمواقف درامية غير متوقعة، مع الحفاظ على الجودة البصرية العالية في مواقع التصوير والإخراج، ما جعله يتفوق على أعمال كثيرة في فئته.

ومع اقتراب عرض الحلقة الأخيرة، يعيش الجمهور حالة ترقب لمعرفة مصير مثلث الحب والسلطة الذي يدور حوله العمل، وسط تساؤلات: هل تستمر "عليا" مع "جيهان" أم يكتمل الصراع على الزعامة بطريقة دموية؟ وماذا عن "منية" التي قلبت الطاولة في اللحظة الأخيرة؟، ورغم غموض نهاية الموسم، فإن النجاح الذي حققه "Uzak Şehir" يجعله مرشحاً وبقوة للعودة في موسم ثاني، ولم يتم تحديد ملامح الموسم الجديد، وحتى ذلك الحين يبدو أن هذا العمل سيبقى محفوراً في ذاكرة الدراما التركية بوصفه ظاهرة تلفزيونية جمعت بين الجماهيرية والتقدير الفني في آن واحد.