تنطلق مساء اليوم فعاليات الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي الدولي، والتي تمتد حتى 24 مايو الجاري، وسط ترقب عالمي من صناع السينما ومحبي الفن السابع. وتعود هذه النسخة بمجموعة من التغيرات اللافتة، من أبرزها القواعد الصارمة المفروضة على الإطلالات، إلى جانب جدول حافل بالعروض الأولى، والتكريمات، والمشاركات العربية المتزايدة التي تعكس الحضور المتنامي للسينما في المنطقة.

قواعد لباس صارمة: "من أجل اللياقة"

في خطوة أثارت تفاعلاً واسعاً، أعلن القائمون على المهرجان عن فرض قواعد أكثر تحفظاً فيما يخص إطلالات السجادة الحمراء، في محاولة للحد من الفساتين الجريئة التي طغت على المظهر العام في دورات سابقة. وجاء في وثيقة المهرجان أن "التعري محظور على السجادة الحمراء وأي منطقة داخل المهرجان"، مشددين على أن فرق الاستقبال ستمنع دخول أي ضيف لا يحترم قواعد اللباس الجديدة.

ووصف المنظمون القرار بأنه محاولة لاستعادة التركيز على جوهر المهرجان، مؤكدين أن السجادة الحمراء تحولت في السنوات الأخيرة إلى عرض أزياء مبالغ فيه، على حساب القيمة الفنية للحدث. وحمل هذا التوجه شعار "من أجل اللياقة"، في رسالة أراد المهرجان من خلالها التأكيد على احترام الفضاء الثقافي والسينمائي الذي يمثله.

افتتاح بفيلم فرنسي.. وتكريم روبرت دي نيرو

يفتتح المهرجان بعرض فيلم Leave One Day للمخرجة الفرنسية أميلي بونين، في أمسية يُنتظر أن تكون فنية بامتياز، يحضرها عدد من أبرز نجوم العالم. ويحل النجم الأمريكي روبرت دي نيرو ضيف شرف الحفل الافتتاحي، حيث يُكرم بـ"السعفة الذهبية الفخرية" عن مجمل مسيرته الفنية الزاخرة، في لفتة رمزية من "كان" تجاه رموز السينما الكلاسيكية.

كما يشهد المهرجان أيضاً تكريم النجمة الأسترالية نيكول كيدمان بمنحها جائزة "المرأة في الحركة"، تقديراً لإسهاماتها المتميزة في مجال الفن وتمثيلها لشخصيات نسائية قوية ومتنوعة.

توم كروز يعود بـ"المهمة المستحيلة"

يعود النجم الأمريكي توم كروز إلى "كان" بفيلمه الجديد Mission Impossible: Dead Reckoning، الذي يعرض ضمن العروض الخاصة. ويترقب عشاق سلسلة الأكشن الأيقونية هذا الفيلم الذي يأتي في توقيت يشهد فيه كروز انتعاشة جماهيرية لافتة.

للعام الثاني على التوالي، تشهد لجنة التحكيم الدولية رئاسة نسائية، هذه المرة بقيادة النجمة الفرنسية الحائزة على الأوسكار جولييت بينوش. وتضم اللجنة نخبة من الأسماء المؤثرة في صناعة السينما، بينهم الممثلة الأمريكية هالي بيري، والمخرجة الهندية بايال كاباديا، والمغربية الفرنسية ليلى سليماني، والإيطالية ألبا رورفاكر، إلى جانب أسماء عالمية أخرى تعكس تنوع اللجنة وثراء خبراتها.

21 فيلماً في السباق على "السعفة الذهبية"

يتنافس 21 فيلماً على الجائزة الأهم في المهرجان، من بينهم Jeunes Mères للأخوين داردين، في محاولة للفوز بالسعفة الذهبية للمرة الثالثة، إلى جانب Alpha للمخرجة جوليا دوكورناو، وفيلم جديد للمخرج الإيراني جعفر بناهي. كما يشارك المخرج السويدي المصري طارق صالح بفيلم مرتقب، يؤكد من خلاله على حضوره المتواصل في المحافل الدولية.

ويعود المخرج الأمريكي ريتشارد لينكليتر بفيلم Nouvelle Vague، الذي يُعيد سرد كواليس صناعة الفيلم الفرنسي الشهير À Bout de Souffle، ما يضفي بُعداً تأريخياً على عروض هذا العام.

مشاركة عربية تعزز الحضور الإقليمي

تميزت الدورة الـ78 بمشاركة عربية قوية، حيث تشارك مؤسسة البحر الأحمر السينمائية بأربعة أفلام، بينما تقدم مؤسسة الدوحة للأفلام ثمانية أفلام مدعومة أو من إنتاجها. ويبرز الجناح المصري كواحد من أبرز الفعاليات الموازية، بتنظيم من مهرجاني الجونة والقاهرة السينمائيين، ولجنة مصر للأفلام.

ويقدم الجناح سلسلة ندوات مهمة، تبدأ بندوة "مصر كوجهة تصوير عالمية"، وتليها جلسات حول التعاون المصري الأمريكي، وتحديات الإنتاج المشترك، وصناعة السينما المستقلة في المنطقة. كما تخصص ندوة "الموجة الجديدة" للاحتفاء بصناع السينما العرب الشباب وتسليط الضوء على تجاربهم.

وسط أجواء الاحتفال، خيمت حالة من الحزن بعد الإعلان عن مقتل مصورة فلسطينية شابة كانت بطلة أحد الأفلام المشاركة. وأثار الخبر موجة تعاطف داخل الأوساط السينمائية، وسلط الضوء على التوترات السياسية التي كثيراً ما تجد طريقها إلى المهرجانات الدولية من بوابة الفن والقصص الإنسانية.