لا تزال أصداء الأزمة المتعلقة باستخدام الإعلامية مها الصغير لأعمال فنية دون إذن تتصدر النقاش العام، بعدما وُجهت لها اتهامات من ثلاثة فنانين عالميين بنسب لوحات شهيرة إلى نفسها خلال ظهورها في أحد البرامج التلفزيونية. وبينما أبدت الفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسون تسامحاً مشروطاً، لم تُخفِ أخريات غضبهن من ما حدث، معتبرات أن ما جرى يمثل خرقاً للحقوق الإبداعية.

ليزا نيلسون: التعاطف لا يُلغي الحق القانوني

الفنانة الدنماركية التي رسمت لوحة بعنوان "صنعت لنفسي أجنحة" عام 2019، والتي ظهرت في الحلقة محل الجدل، ردت على اعتذار مها الصغير  خلال برنامج "تفاعلكم" قائلة إنها تتفهم الموقف من منطلق إنساني، وتشعر بالأسى حيال ما مرت به الإعلامية المصرية، لكنها في الوقت ذاته لم تغلق الباب أمام اتخاذ إجراءات قانونية لحماية حقوقها، مؤكدة أن استغلال اللوحة دون الرجوع إليها أمر غير مقبول.

مها الصغير تعتذر وتبرر: الخطأ غير مبرر

وفي المقابل، أصدرت مها الصغير بياناً عبر صفحتها الرسمية، اعتذرت فيه عن تصرفها وأكدت مرورها بفترة صعبة أثّرت على تصرفاتها، إلا أنها أقرت بخطئها الكامل، معلنة ندمها الشديد تجاه ما حدث، سواء بحق الفنانة الدنماركية أو بحق الجمهور والبرنامج الذي ظهرت فيه.
لكن الاعتذار لم ينهِ الموجة الغاضبة، خاصة مع ظهور شهادات إضافية من فنانين آخرين أكدوا تعرضهم للأمر نفسه.

كارولين وينديلين ترد بقوة: الإبداع ليس ملكاً للكل

الفنانة الألمانية كارولين وينديلين عبّرت عن استيائها الشديد مما جرى، موضحة أن واحدة من لوحاتها بعنوان "أن تصبح الحديقة" تم عرضها خلال الحلقة دون إذن، معتبرة أن ذلك "شوّه معنى العمل وسرق جهدي بالكامل".
وأضافت في منشور غاضب عبر إنستغرام: "أعمل بجد دون دعم، وأرعى أطفالي الثلاثة بالتوازي مع ممارسة الفن... واكتشفت أن جهدي عُرض في برنامج شهير ونُسب إلى شخص آخر دون ذكر اسمي أو حتى اعتذار مباشر".
ورغم إزالة المقطع من منصات البث، أكدت كارولين أن الضرر المعنوي لا يزال قائماً، لا سيما أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها لموقف مشابه.

الرسام الفرنسي سيتي: أعمالي نُشرت على الشاشة دون إذن

بدوره، انضم الرسام الفرنسي المعروف باسم "سيتي" إلى قائمة المتضررين، موضحاً أن عمل له ظهر أيضاً في الحلقة، وتم تقديمه على أنها من رسم مها الصغير.
وقال عبر حسابه: "من غير المقبول أن تُعرض أعمالي بهذا الشكل دون الإشارة إليّ. في عام 2025، لا يمكن تبرير هذا النوع من الأخطاء"، وأشار إلى أنه لم يتلقَّ أي تواصل من البرنامج أو من مها الصغير، معتبراً أن ما حدث يتجاوز "سوء الفهم" إلى "انتهاك واضح".

تحقيق إعلامي ومساءلة قانونية مرتقبة

نتيجة تزايد الانتقادات، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر فتح تحقيق رسمي في الواقعة، واستدعاء ممثل قانوني عن قناة ON التي عرضت الحلقة، وأشارت لجنة الشكاوى التابعة للمجلس إلى أن ما تم بثه يتعارض مع معايير حقوق الملكية الفكرية، مؤكدة ضرورة التحقق من مصادر الأعمال الفنية المعروضة في البرامج قبل عرضها على الجمهور.

تضامن واسع ومطالب بالمحاسبة

عدد كبير من الفنانين والإعلاميين المصريين عبّروا عن تضامنهم مع أصحاب اللوحات الأصليين، معتبرين أن ما حدث يمثل إهانة لمجتمع الفن المستقل، ياسمين الخطيب، الكاتبة والفنانة التشكيلية، كتبت منشوراً أكدت فيه أن استسهال الاستحواذ على الإبداع أمر خطر، ويجب أن يقابل بقرارات رادعة، مضيفة أن الاعتذارات وحدها لا تكفي ما لم تُرافقها محاسبة.

انقسام على السوشيال ميديا بين متعاطف ورافض

في الوقت نفسه، انقسم الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي بين من رأى أن مها الصغير اعترفت وتحملت مسؤولية ما فعلت، وبين من طالب بالمحاسبة، خاصة مع تعدد الوقائع وعدم اقتصارها على فنانة واحدة، وأشار كثيرون إلى أن "النية لا تُبرر تكرار الخطأ"، مؤكدين أن الفن ليس مادة للاستهلاك الإعلامي دون اعتبار للحقوق والجهد المبذول خلف كل عمل.