تستعد جزيرة الليدو بمدينة فينيسيا الإيطالية لاستقبال واحدة من أرقى التظاهرات السينمائية العالمية، وهي الدورة الـ82 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، المقرر انطلاقها في الفترة من 27 أغسطس إلى 6 سبتمبر 2025، تحت إشراف مؤسسة "بينالي فينيسيا" العريقة.

تفاصيل مهرجان فينيسيا في دورته الـ 82

وكما في كل عام، يُشكّل المهرجان فرصة لاكتشاف الاتجاهات الجديدة في عالم السينما، ونافذة عالمية أمام صناع الأفلام من مختلف أنحاء العالم، وقد أعلن المدير الفني للمهرجان، ألبرتو باربيرا، عن التشكيلة الرسمية للجان التحكيم الثلاث الرئيسية، والتي تضم أسماء بارزة من مختلف القارات، بالإضافة إلى حضور عربي مهم عبر انضمام المخرجة التونسية أريج سحيري إلى لجنة تحكيم جائزة "لويجي دي لورنتيس" لأفضل عمل أول.

ألكسندر باين يرأس لجنة تحكيم "فينيسيا 82"

اللافت هذا العام، هو اختيار المخرج الأمريكي ألكسندر باين لرئاسة لجنة تحكيم المسابقة الدولية الرسمية، المعروفة بـ"فينيسيا 82". يُعد باين من أبرز صناع السينما الأمريكية المعاصرة، وتميزت أعماله مثل Sideways وThe Descendants بجمعها بين الكوميديا السوداء والبعد الإنساني العميق.
وقد حازت أفلامه على 24 ترشيحاً لجوائز الأوسكار، منها 4 مرات لأفضل فيلم، و3 مرات لأفضل مخرج، فيما نال جائزتين لأفضل سيناريو مقتبس. وآخر أعماله The Holdovers (2023) نال استحساناً نقدياً واسعاً، بينما يستعد حالياً لتصوير مشروع جديد في الدنمارك.

وتضم لجنة التحكيم إلى جانبه مجموعة من الأسماء اللامعة:

• ستيفان بريزيه (فرنسا): مخرج معروف بأعماله الاجتماعية الناقدة، وحاصل على جوائز في "كان" و"فينيسيا".
• ماورا ديلپيرو (إيطاليا): أول امرأة تفوز بجائزة "دافيد دي دوناتيللو" لأفضل إخراج.
• كريستيان مونجيو (رومانيا): الحائز على السعفة الذهبية في "كان".
• محمد رسولوف (إيران): أحد أبرز الأصوات السينمائية الإيرانية، رغم معاناته من الرقابة والحظر.
• فرناندا توريس (البرازيل): ممثلة وكاتبة، فازت بالسعفة الذهبية لأفضل ممثلة.
•  تشاو تاو (الصين): أيقونة السينما الآسيوية، المعروفة بأدوارها في أفلام جيا جانغ-كي.

وتتولى اللجنة توزيع أبرز جوائز المهرجان، مثل "الأسد الذهبي" لأفضل فيلم، و"الأسد الفضي" للإخراج، و"كأس فولبي" لأفضل أداء تمثيلي، إضافة إلى جائزة أفضل سيناريو، وجائزة "مارتشيلّو ماسترويانّي" لأفضل طاقة شابة.

آفاق.. رهان على لغة سينمائية جديدة

في موازاة المسابقة الرسمية، تشهد مسابقة آفاق (Orizzonti) حضوراً قوياً للتجارب الطليعية، وتهدف إلى تتبع أشكال جديدة للسرد السينمائي.
وترأس لجنة تحكيم هذه الفئة المخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو، التي صنعت اسمها عالمياً بعد فوزها بالسعفة الذهبية في "كان" عن فيلم Titane عام 2021، كأول امرأة تنال الجائزة منذ 28 عاماً.
وتضم اللجنة أسماء متنوعة في الرؤية والتجربة:

• يوري أنكاراني (إيطاليا): مخرج وفنان بصري بارز.
• فرناندو خوان ليما (الأرجنتين): ناقد ورئيس سابق لمهرجان "مار دل بلاتا".
• شانون مورفي (أستراليا): مخرجة Babyteeth المرشح لجوائز BAFTA.
• راميل روس (الولايات المتحدة): مخرج وثائقي مرشح للأوسكار عن Hale County This Morning, This Evening.

وستقوم اللجنة بمنح جوائز عدة، منها أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل سيناريو، وأفضل تمثيل، وأفضل فيلم قصير.

أريج سحيري تمثّل السينما العربية

أما جائزة "لويجي دي لورنتيس" لأفضل عمل أول، والتي تمنح للمرة الأولى للمخرجين الجدد في جميع أقسام المهرجان، فترأسها المخرجة الاسكتلندية شارلوت ويلز، صاحبة فيلم Aftersun، أحد أنجح أفلام العامين الماضيين نقدياً.
وتضم اللجنة المخرجة أريج سحيري، الصوت العربي الحاضر بقوة هذا العام، وهي صاحبة فيلم تحت أشجار التين، الذي شارك في أسبوعي المخرجين في "كان"، ومثّل تونس في ترشيحات الأوسكار. كما عرض مشروعها Promised Sky مؤخراً في قسم "نظرة ما" بمهرجان "كان" 2025.
وتُعرف سحيري بنشاطها ضمن شبكة "راويات – Sisters in Film"، الداعمة لصانعات السينما العربيات والمهاجرات، وتمثل جيلاً نسوياً يسعى للتغيير داخل الصناعة.

يشارك في اللجنة أيضاً:

سيلفيو سولديني (إيطاليا): مخرج Bread and Tulips، وأحد أبرز الأصوات في السينما الإيطالية الحديثة.
وتُمنح جائزة "أسد المستقبل" إلى أفضل أول عمل، وتصل قيمتها إلى 100 ألف دولار أمريكي تُقسم بين المخرج والمنتج.

دورة غنية وتنوّع تحكيمي غير مسبوق

يعكس التشكيل الجديد للجان التحكيم روح مهرجان فينيسيا بوصفه مختبراً عالمياً للسينما والفكر البصري، حيث يلتقي صناع أفلام من أمريكا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي.
ومن اللافت أيضاً أن الحضور العربي في الدورة الـ82 ليس مقتصراً على التحكيم، بل يتجسد كذلك في المشاركة الرسمية لفيلم "مهدد بالانقراض" للمخرج الفلسطيني سعيد زاغا، والذي سيُعرض ضمن مسابقة الفيلم القصير في برنامج آفاق.
ويمثل كل من سحيري وزاغا وجهاً جديداً من السينما العربية الناهضة، التي تملك رؤية نقدية حادة، وشغفاً بسرد حكايات تحمل قضايا الحرية، والهويّة، والعدالة الاجتماعية.