فن / اليوم السابع

جمال عبد الناصر يكتب: إليسا.. الصوت الذى علّمنا كيف نحبّ ونتألم بصدق

  • 1/5
  • 2/5
  • 3/5
  • 4/5
  • 5/5

كتب : جمال عبد الناصر

الإثنين، 27 أكتوبر 2025 09:00 ص

 

حين تغني، يبدو الحزن جميلاً، والحب أكثر صدقًا، والعاطفة أكثر إنسانية، إنها صوت يوقظ ما نظنه خمد في داخلنا.. إنه صوت إليسا ..

اليسا مطربة من أكثر الأصوات حضورًا وتأثيرًا في الوجدان العربي، و استطاعت خلال أكثر من عقدين أن تصنع من الإحساس مدرسة، ومن الرومانسية مذهبًا، ومن صوتها حالة شعورية متفردة تلامس أعمق زوايا القلب الإنساني.

الفنانة اليسا في عيد ميلادها
الفنانة اليسا في عيد ميلادها

وُلدت إليسا في دير الأحمر بلبنان، ونشأت في بيت محب للفن والثقافة، لتبدأ مسيرتها الفنية من مسرح الجامعة، قبل أن يكتشفها الجمهور في برنامج "استديو الفن"، الذي كان بوابة الانطلاق لكثير من النجوم في التسعينيات، ومنذ ألبومها الأول " بدي دوب" عام 1998، بدا واضحًا أن صوتها ليس كأي صوت نسائي آخر في زمنها؛ لم يكن صاخبًا ولا استعراضيا، بل صادقًا، يشبه الهمس المفعم بالعاطفة والجرح النبيل، وأغنيتها الأولى كانت وعدًا مبكرًا لجمهورٍ سيعيش معها رحلة طويلة من المشاعر والتجدد.

ومن المراحل والمحطات المهمة جاء ألبوم " عايشالك " عام 2002 ليكون نقطة التحوّل الكبرى في مسيرتها، إذ قدّمت من خلاله نموذجًا للرومانسية الناضجة، الممزوجة بالجرأة والصدق، ثم توالت النجاحات مع ألبوم " أحلى دنيا"  الذي كرس لقبها كـ" ملكة الإحساس " ، لتتحول إليسا من مطربة ناجحة إلى رمزٍ وجداني يتجاوز حدود اللهجة اللبنانية إلى كل بيت عربي، وفي تلك المرحلة، لم يكن نجاح إليسا مجرد صدفة إنتاج أو دعاية، بل كان ثمرة وعيٍ فنيٍّ رفيع بكيفية مخاطبة وجدان الجمهور.

اليسا تحتفل بعيد ميلادها
اليسا تحتفل بعيد ميلادها


لقد عرفت كيف تختار كلماتها وألحانها، وكيف توازن بين الرقة والألم في الأداء، حتى غدت أغنياتها جزءًا من ذاكرة المشاعر العربية، وما يميز إليسا هو هذا الصدق الذي يتسرّب من بين حروفها، فتغدو أغنياتها أشبه باعترافٍ طويلٍ أمام مرآة الحياة، فهي لا تؤدي فقط، بل تعيش كل كلمة، كأنها تحوّل التجربة الشخصية إلى وجعٍ مشترك بين المستمعين.


من بين الأغاني التي كرست اسم إليسا في وجدان الجمهور العربي، تأتي أغنية ( أواخر الشتا)  كإحدى أكثر محطاتها الإنسانية صدقًا ودفئًا، وصدرت الأغنية ضمن ألبومها الشهير " أسعد واحدة" ، لكنها سرعان ما تجاوزت حدود الألبوم لتصبح حالة وجدانية خالصة يعيشها كل من مرّ بتجربة فراق أو حنين، وبصوتها المليء بالشجن والصدق العاطفي، جعلت إليسا من الأغنية مرآة للمشاعر الدفينة التي تفيض بها نهاية الشتاء، حين يمتزج البرد بالدفء، والرحيل بالأمل، وأنا شخصيا من محبي هذه الأغنية وتحمل معي ذكريات كثيرة، وكلما استمعت اليها استدعيت تلك الذكريات الشتوية المليئة بدفء الحب، الأغنية حظيت بشهرة واسعة على مختلف المنصات، ورددها الجمهور في الحفلات كما في اللحظات الخاصة، حتى غدت جزءًا من ذاكرة موسيقية لا تُنسى لجيلٍ كامل، لأنها كشفت عن نضج فني جديد في صوت إليسا، جمع بين الحزن الرقيق والرقي التعبيري الذي يميز تجربتها عن غيرها من مطربات جيلها.


في كل أغاني إليسا ، نجد الحب في لحظة الحنين، والفقد في لحظة الغفران، والأنوثة في أبهى تجلياتها الإنسانية، وصوتها يملك طاقة مدهشة على التحوّل من الهشاشة إلى القوة، من الانكسار إلى الكبرياء، من البكاء إلى التصالح مع الذات، ولذلك بقيت قريبة من قلوب النساء تحديدًا، اللواتي وجدن في أغانيها صدى لتجاربهن، وفي حضورها نموذجًا للمرأة التي تحب وتضعف ثم تنهض.

مسيرة اليسا الغنائية أخذت مراحل نجاح تلو الآخر، فمن بداية " بدي دوب "، وهي أغنية البداية التي حملت ملامح أنثى تبحث عن الحب وتحتفي به ببراءة، ثم لحظة النضج الأولى من خلال أغنية " عايشالك " حين أصبح الإحساس هو البطل الحقيقي، ثم مرحلة النقلة من المحلية اللبنانية إلي الشهرة العربية وذلك من خلال أغنية " أحلي دنيا "، وجاء التجلي الكامل وبداية تدشين مدرسة الإحساس بأغنية " تصدق بمين "، وهي أحد أهم ألبوماتها الفنية، وتنتقل إليسا لمرحلة جديدة أكثرا صفاء وتجددا مع أغنية " سهرنا يا ليل "، وأثبتت إليسا قدرتها علي التكيف مع الأجيال من خلال ديو " من أول دقيقة " الذي شاركها فيه .

  • إليسا بالأرقام .. حضور يتجاوز الزمن
اليسا
اليسا

في زمنٍ تتحرك فيه الموسيقى بسرعة، ما تزال إليسا تحافظ على صدارتها بين مطربات جيلها، وقد تجاوز عدد متابعيها على إنستجرام وإكس (تويتر سابقًا) وفيسبوك أكثر من 30  مليون متابع، فيما تخطت مشاهدات أغنياتها على حاجز 2 مليار مشاهدة، وألبوماتها تتصدر دائمًا قوائم اامنصات الموسيقية، حيث تأتي ضمن أكثر الأصوات النسائية استماعًا في العالم العربي، كما تُعد من أوائل الفنانات العربيات اللواتي حصدن جوائز الموسيقى العالمية (World Music Award) عن أعلى مبيعات في الشرق الأوسط أكثر من مرة، وهذه الأرقام لا تمثل مجرد نجاح رقمي، بل دليلًا على أن إليسا لم تكن حالة موسمية، بل صوتًا متجذرًا في الوجدان الجمعي العربي.

  • إليسا والمرأة.. صوت من أجل الوجع والكرامة.

خارج الغناء، لم تتردّد إليسا في التعبير عن مواقفها الإنسانية بشجاعة، وتحدثت عن تجربة المرض في ألبومها " إلى كل اللي بيحبوني" ، فحوّلت الوجع إلى رسالة أمل، وكانت دائمًا صوتًا للمرأة القوية التي لا تخجل من جراحها، بل تجعل منها وسامًا للحياة، وفي هذا الجانب، يمكن القول إن إليسا تجاوزت فكرة "المطربة" إلى رمزٍ إنسانيٍّ وفنيٍّ متكامل.
واليوم  حين تحتفل إليسا بعيد ميلادها، يحتفل الجمهور العربي أيضًا بذاكرته معها، فهي ليست مجرد مطربة نسمعها، بل رفيقة لسنواتٍ من الحنين والذكريات، لقد غنّت للحب كما لم يغنه أحد، وبكت للفقد كما بكى الملايين، وعلّمتنا أن الإحساس الصادق لا يُصنع، بل يُعاش.
كل عام وإليسا بألف خير.. وكل عام وصوتها يذكّرنا أن الموسيقى، حين تكون صادقة، تتحول من إلى حياة.

وعلّمتنا أن الإحساس الصادق لا يُصنع، بل يُعاش.
وعلّمتنا أن الإحساس الصادق لا يُصنع، بل يُعاش.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا