أثار الممثل التركي محمد يشار موجة واسعة من الجدل بعد أن أعلن انسحابه المفاجئ من مسلسل "المدينة البعيدة"، وذلك عقب عرض مشهد اعتبره مسيئًا للقضية الفلسطينية.

جاء القرار بعد بث حلقة تضمنت لقطة تُلقى فيها ملابس بألوان تشبه ألوان العلم الفلسطيني على الأرض، ما أثار انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

مشهد تسبب في موجة غضب

شهدت الحلقة الأخيرة من المسلسل عرض مشهد ظهرت فيه شخصية تُدعى "صداقة" وهي ترمي ملابس بألوان الأحمر والأسود والأخضر بالترتيب قائلة "سترحل من هنا"، ما فُسر من قبل الجمهور بأنه إسقاط غير لائق على رموز القضية الفلسطينية.

المشهد انتشر بسرعة عبر المنصات الرقمية، وتصدّر وسم "المدينة البعيدة" القوائم الأكثر تداولًا في تركيا، وسط موجة تعليقات غاضبة من الجمهور.

ونشر الممثل محمد يشار الذي يجسد شخصية "فاضل" في المسلسل مقطع فيديو عبر حساباته الرسمية، أعلن فيه قراره بالانسحاب من العمل نهائيًا.

وأكد في كلمته أن ضميره لا يسمح له بالاستمرار في مشروع يتضمن مشهدًا يمس قضية يعتبرها مقدسة بالنسبة له. قال في الفيديو إن "فلسطين خطه الأحمر"، موضحًا أن ما يحدث هناك لا يمكن السكوت عليه، وأن الفن لا ينبغي أن يتجاوز حدود القيم الإنسانية.

شاهدوا فيديو محمد يشار يعلن انسحابه من المدينة البعيدة:

قرار شخصي ذو تبعات مهنية

أشار الممثل التركي إلى أنه يدرك تمامًا أن قراره سيغلق أمامه العديد من الأبواب في الوسط الفني، لكنه شدد على أن "الكرامة والمبدأ لا يُساومان".

وأضاف أن والدته ما كانت لتسامحه لو التزم الصمت تجاه ما وصفه بـ"الرمزية المؤلمة" في المشهد. كما أعرب عن ثقته بأن "الله يغلق بابًا ليفتح آخر"، مؤكدًا أن المسلسل بالنسبة له انتهى عند هذه النقطة.

تضامن واسع عبر المنصات

أثار الفيديو تفاعلًا كبيرًا من المتابعين الذين عبّروا عن دعمهم لموقفه. توافدت التعليقات التي تشيد بـ"موقفه الإنساني"، معتبرة أنه اختار القيم على حساب الشهرة.

وعبّر عدد كبير من المستخدمين عن احترامهم لخطوة الممثل، معتبرين أنها تعبّر عن موقف إنساني نابع من ضمير حي تجاه القضية الفلسطينية، إذ كتب أحد المتابعين "الحمد لله على نعمة الشرف والرؤية الواضحة"، بينما وصف آخر تصرف يشار بأنه "دليل على مبدأ لا يتجزأ".

في المقابل، اعتبر آخرون أن المشهد المثير للجدل لا يستحق كل هذه الضجة، مشيرين إلى أن ألوان الملابس التي أثارت الجدل جاءت بمحض الصدفة، وأن الاتهامات الموجهة لفريق العمل مبالغ فيها. بعض التعليقات ذهبت إلى السخرية من انسحابه، حيث قال أحدهم "هو أصلاً ظهر في مشهد واحد، فما الداعي لكل هذا التصعيد؟"، فيما رأى آخرون أن قراره جاء متأخرًا وكان يمكن أن يُعبّر عنه في وقت سابق.

كما ظهرت أصوات دعت إلى التريث قبل إطلاق الأحكام، مؤكدين أن بطلة المسلسل "غونجا" كانت دائمًا من أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، وأن العمل لم يكن يقصد أي إساءة. في المقابل، شدد عدد من المتابعين الأتراك والعرب على أن استخدام ألوان مشابهة لعلم فلسطين في مشهد يُظهر إلقاء الملابس على الأرض يُعد تجاوزًا غير مقبول مهما كانت النية، مشيرين إلى أن القضايا الحساسة تتطلب وعيًا بصريًا واحترامًا للرموز.

صمت من جهة الإنتاج

حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تصدر أي تصريحات رسمية من قناة Kanal D أو من الشركة المنتجة للمسلسل حول انسحاب يشار.

ومع تصاعد الجدل، تحدثت مصادر من داخل فريق العمل إلى وسائل إعلام محلية، موضحة أن المشهد لم يكن يحمل أي دلالات سياسية وأن الألوان كانت مصادفة في سياق المشهد.