تشهد الساحة الدرامية العربية حراكاً لافتاً خلال الفترة الأخيرة مع ازدياد المشاريع المعربة المقتبسة عن أعمال تركية ناجحة، حيث باتت الشراكات الفنية بين شركات الإنتاج العربية والتركية سمة مميزة في السنوات الأخيرة. وبعد إعلان بدء التحضيرات لتصوير النسختين العربيتين من مسلسلي "ابنة السفير" و"أنت أطرق بابي"، انطلقت رسمياً استعدادات تنفيذ النسخة العربية من المسلسل التركي الشهير "حب أعمى" (Kara Sevda)، أحد أكثر الأعمال تأثيراً وانتشاراً في تاريخ الدراما التركية المعاصرة.

أبطال النسخة العربية من "حب أعمى"

العمل الجديد يجمع نخبة من الممثلين السوريين واللبنانيين، في توليفة فنية تجمع الخبرة والوجوه الشابة، إذ يشارك في بطولته سامر إسماعيل، لين غرة، مجد فضة، ورد الخال، طلال الجردي وأيمن عبد السلام، بينما لا تزال الشركة المنتجة تعمل على استكمال ترشيحات بقية الأسماء، استعداداً لانطلاق التصوير خلال الأسابيع المقبلة. ومن المقرر أن يُصوَّر المسلسل في تركيا، في مواقع قريبة من أماكن تصوير النسخة الأصلية، ما يمنحه طابعاً بصرياً قريباً من روح العمل التركي مع بصمة إخراجية عربية جديدة.

قصة نجاح لا تُنسى

يُعدّ "حب أعمى" من أبرز المسلسلات التي تركت بصمة في ذاكرة المشاهدين منذ عرضه الأول في 15 أكتوبر 2015 على قناة STAR TV التركية، حيث حقق نسب مشاهدة مرتفعة منذ حلقاته الأولى داخل تركيا وخارجها.
العمل مكوَّن من موسمين؛ الأول ضم 35 حلقة وانتهى في يونيو 2016، بينما استؤنف الموسم الثاني في سبتمبر من العام ذاته ليستكمل قصة الحب التي أسرت قلوب الجمهور.
بطولة النسخة الأصلية كانت للنجم بوراك أوزجيفيت بدور "كمال"، والنجمة نسليهان أتاغول بدور "نيهان"، اللذين شكّلا ثنائياً أيقونياً في الدراما التركية الحديثة. وقد نال أداؤهما إشادة نقدية واسعة لما حمله من عمق عاطفي وتناقضات إنسانية صادقة.

حب يصطدم بالقدر والطبقية

تدور أحداث المسلسل حول كمال، الشاب الطموح الذي يعمل مهندساً وينتمي إلى عائلة متواضعة، يقع في حب نيهان، الفتاة الجميلة المنحدرة من عائلة ثرية، هذا الحب، الذي يبدأ نقياً وبسيطاً، يصطدم بجدار الواقع الاجتماعي والاختلاف الطبقي بين العائلتين، لتجد نيهان نفسها مضطرة إلى الزواج من إمير، رجل الأعمال الغني الذي يخفي بدوره أسراراً كثيرة.
ينقلب مسار الأحداث حين تتشابك المصائر بين الماضي والحاضر، وتتحول قصة الحب إلى سلسلة من الصراعات الممزوجة بالغموض والقدر والانتقام.
الدراما في "حب أعمى" لم تكن مجرد قصة عاطفية، بل تناولت بذكاء قضايا الطبقية والسلطة والعدالة الاجتماعية، وطرحت أسئلة إنسانية حول معنى التضحية والحب في مواجهة المال والنفوذ، مما جعلها قريبة من وجدان الجمهور العربي.

من تركيا إلى العالم

لم يكن "حب أعمى" مجرد نجاح محلي، بل تجاوز الحدود ليصبح أحد أكثر المسلسلات التركية تصديراً على مستوى العالم، فقد تم عرضه في أكثر من 110 دولة، وترجم إلى أكثر من 50 لغة، ليتحول إلى ظاهرة درامية عالمية.
وفي عام 2017، نال المسلسل جائزة الإيمي الدولية عن فئة أفضل مسلسل "تيلينوفيلا"، ليصبح أول عمل تركي يحصل على هذا التكريم العالمي.
وعند عرضه في الولايات المتحدة عبر قناة Univision، حققت الحلقة الختامية أكثر من 3.5 مليون مشاهدة، متفوقاً على العديد من الأعمال الأمريكية التي عرضت في نفس التوقيت، مما أكد مكانة الدراما التركية كقوة ناعمة مؤثرة عالمياً.