اقتصاد / صحيفة الخليج

هل يُرحّل الأمريكيون آمالهم لانتخابات 2028؟

بيتر موريسي *

ستواجه أفكار الحملة الانتخابية للمرشحين الرئيسيين في الولايات المتحدة لعام 2024، مثل تلك المتجسدة في خطة لإعادة بناء أمريكا، أو تعهدات ترامب بإصلاح الخدمة المدنية الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي، والبدء في عمليات الترحيل الجماعي، والمطالبة بشهادة المعلم الوطنية، وغيرها، تحديات جسيمة في المحاكم الأمريكية والفوز بأغلبية مجلس الشيوخ.

وإذا عاد ترامب مجدداً، فإن مكونات قانون الضرائب لعام 2017، الذي تنتهي صلاحيته العام المقبل، وخاصة معدلات الضرائب الهامشية المنخفضة والإعفاءات الضريبية العقارية الأعلى، سيتم تمديدها وربما توسيعها. أما في حال أعيد انتخاب بايدن لولاية جديدة، فقد يتمكن من زيادة فوائد الأسر، بما في ذلك المساعدة في كلف رعاية الأطفال.

عندها، سيقتبس بايدن صفحة من جدول أعمال الرئيس الأسبق باراك أوباما في كيفية التعاطي مع التخفيضات الضريبية التي كانت إبّان عهد بوش، وسيعمل على زيادة معدلات الضرائب المفروضة على الأمريكيين ذوي الدخل المرتفع إلى مستويات ما قبل عام 2017، وبالتبعية زيادتها على الشركات أيضاً. في حين سيُبقي معدلات الضرائب منخفضة على أفراد وعائلات الطبقة المتوسطة.

ومع ذلك، فإن الرئيس القادم سيظل مقيداً، بسبب العجز الفيدرالي الضخم بالفعل وارتفاع كلف الإقراض. وحتى لو لم تكن هناك مبادرات جديدة، فإن مكتب الميزانية التابع للكونغرس يقدر أن العجز الفيدرالي سيرتفع من 5.6% حالياً إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2034. وينبغي النظر إلى هذه الأرقام في سياق المطالب الأخرى على أسواق رأس المال، كالاستثمار الخاص للتخفيف من تغير المناخ وتطوير الذكاء الاصطناعي.

وسواء كان الحزب الديمقراطي أو الجمهوري في المكتب البيضاوي، العام المقبل، فإن الاقتراض الأمريكي سوف يرتفع، وسيكون عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات أعلى بكثير من معدل 2.5%، الذي شهدته الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008 حتى جائحة كوفيد. فعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، بلغ متوسط سعر الفائدة على سندات الخزانة لعشر سنوات نحو 5%. وفي المستقبل، من المرجح أن تحوم المعدلات حول ال4%.

ولأن كلا الطرفين يعدان من أنصار الحماية التجارية، فهما يتجنبان باستمرار اتفاقيات التجارة الحرة الجديدة، ويعد ترامب، في حال فوزه، بفرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10% على الواردات الأمريكية، وأخرى أعلى على السلع القادمة من . في حين تفرض إدارة بايدن بالفعل رسوماً مرتفعة على السيارات الكهربائية صينية الصنع والمكونات ذات الصلة.

وإذا ما استمر الحال هكذا، ستُلحق سياسات المرشحين الضرر بحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا واليابان، ومناطق أخرى تكافح في سبيل تنمية اقتصاداتها.

ومن المحتمل أن تحد المواقف التجارية أيضاً من النمو الاقتصادي للدول الصديقة. وهذا من شأنه أن يكبح مواردهم للإنفاق الدفاعي لدعم الولايات المتحدة، الأمر الذي سيزيد من الضغط على ميزانية البنتاغون.

على المقلب الآخر، نجد أن منطقة جنوب شرق آسيا سريعة النمو، تعتمد بالفعل على الصين لتحريك أسواقها التجارية. بالتالي، فإن أي رسوم جمركية أمريكية أعلى، ستدفعهم أكثر إلى حضن بكين الدافئ. ومع تضخم حجم منتجات التكنولوجيا الفائقة والمركبات الكهربائية في البر الرئيسي، فإن نمو الولايات المتحدة في هذا القطاع على المدى الطويل عرضة للخطر.

في غضون ذلك، سيكون ترامب أسوأ من بايدن، في ما يتعلق بالعلاقات التجارية مع حلفاء الولايات المتحدة، وأكثر عدوانية بشأن فصل الاقتصاد الأمريكي عن الصين. ورسالته إلى جميع الشركات الأمريكية هي أنه قد يكون من الذكاء الاستثمار في الصين وتصنيع المكونات أو السلع لبيعها هناك، لا لعرضها أمام المستهلكين الأمريكيين. فيما يُنظر إلى سياسات بايدن الصناعية على أنها مكلفة للغاية وغير قابلة للتطبيق في جميع الصناعات بسبب الكلف المرتفعة.

وفي حال تولي بايدن أو ترامب المسؤولية، فمن المرجح أن يشهد الاقتصاد الأمريكي مزيداً من التحفيز المالي والنمو على المدى القصير، ومع ذلك، سيواجه الاحتياطي الفيدرالي تحدياً أكبر للحفاظ على غطاء التضخم.

يمكن تحقيق أهداف النمو والازدهار في الولايات المتحدة بشكل أفضل، عبر تقليص العجز الفيدرالي، وانخفاض أسعار الفائدة الاسمية، وكبح جماح التنظيم الجائر. ويجب على واشنطن تشجيع المزيد من التجارة المفتوحة مع حلفائها، وخاصة في جنوب شرق آسيا لتوسيع أسواق منتجات التكنولوجيا الأمريكية والسيارات الكهربائية وما شابه.

ولكن هذا يتطلب من الأمريكيين انتخاب رئيس يتمتع برؤية جريئة، لتسخير الإنفاق الحكومي ومواجهة الاستحقاقات. ومنها على سبيل المثال، رفع سن تقاعد الضمان الاجتماعي، وهو ما لا يميل ترامب ولا بايدن إلى القيام به. وعلى الرئيس القادم أن يفهم أن مستقبل التكنولوجيا الفائقة في أمريكا يعتمد على التجارة والتفاهم مع أصدقائها لا التهديد والوعيد المتبادل.

وعليه، من المرجح أن يضطر الأمريكيون إلى الانتظار حتى انتخابات عام 2028، لربما يأتيهم مرشح رئاسي على قدر أكبر من الشجاعة والتفاؤل، بشأن نقاط القوة التي تتمتع بها أمريكا، مقارنة بالمرشحين الحاليين، الذين شارف أحدهما على ال80 عاماً، والآخر تجاوزها.

*خبير اقتصادي وأستاذ فخري في كلية «آر إتش سميث» للأعمال بجامعة ميريلاند «ماركيت ووتش»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا