اقتصاد / صحيفة الخليج

فنلندا.. أرض الجمال والبحيرات والغابات

هلسنكي: عدنان نجم

تكتسب فنلندا شهرة كبيرة مقارنة ببقية دول أوروبا، إذ تتمتع بموقعها الاستراتيجي المهم في شمال القارة، حيث تحدها من الشرق روسيا ومن الغرب السويد، وتضم غابات وآلاف البحيرات والأنهار والجزر، ويقطنها ما يزيد على 5.5 مليون نسمة، ويزيد عدد النساء على الرجال بنسبة بسيطة.

يطلق على فنلندا لقب أسعد دولة في العالم وفق تصنيف يصدر بإشراف الأمم المتحدة، كما يطلق على مواطنيها لقب أسعد شعب في العالم، وذلك لما تتمتع به من أسلوب حياة عصري ومستوى معيشي رفيع ونظام رعاية اجتماعية عالٍ، ما يجعلها قبلة للباحثين عن أسلوب حياة عصري وراقٍ.

وتعتبر هلسنكي عاصمة فنلندا المدينة الأهم للدولة من الناحية السياسية والثقافية والسياحية والاقتصادية أيضاً، إذ تضم أعلى كثافة سكانية مقارنة ببقية مدن فنلندا، وتتمتع بدرجات حرارة معتدلة خاصة خلال فصل الصيف.

وتتركز الكثافة السكانية بصورة أساسية في جنوب فنلندا، حيث تقع المدن الكبيرة، ويبلغ الطول الإجمالي لرقعة الدولة أكثر من 1000 كم، ويملك نحو 60% من الفنلنديين منازلهم الخاصة، ويعيش نحو 70% من الفنلنديين في المدن أو البلدات أو بالقرب منها، بينما يعيش 6% منهم في الريف، والذي يمثل 70% من إجمالي مساحة فنلندا.

وتستخدم في البلاد اللغة الفنلندية، إلا أن بعض سكان المناطق الساحلية الغربية، إضافة إلى العاصمة هلسنكي يتحدثون اللغة السويدية كلغة ثانية إلى جانب وجود انتشار في استخدام اللغة الإنجليزية، ما يجعل الأمور سلسة بالنسبة للسياح الأجانب.

ويتمتع سكان فنلندا بمستوى معيشي عالٍ، إضافة إلى حصولهم على تعليم رفيع المستوى، إذ يعد النظام التعليمي في فنلندا الأفضل عالمياً عبر أساليب وطرق تعليم مبتكرة ومبدعة يستفيد منها الأطفال والطلاب منذ صغرهم مروراً بالمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وصولاً إلى الدراسات العليا.

ويفضل السياح والزوار القدوم إلى فنلندا وقضاء إجازتهم بها، خاصة خلال فصلي الصيف والخريف، حيث تتمتع باعتدال ، وكونها تعتبر هادئة بعيداً عن الصخب والإزعاج، والأجواء المناخية الحارة، وتحرص الفنادق والمرافق السياحية والفنادق على تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات المميزة بما يلبي أفضل المعايير ويلبي احتياجات الزوار والسياح.

وتعد ممارسة الغولف، وإقامة مهرجانات الأفلام والموسيقى، والسباحة، وقطف الثمار، والتجديف والإبحار من أشهر الأنشطة الترفيهية التي تقام طوال أشهر الصيف في فنلندا، بينما يتغير الحال في فصل الخريف، الذي تكثر فيه ممارسة رياضة المشي لمسافات طويلة وتسلق الجبال والتلال ومشاهدة الحياة البرية.

ويعتبر فصل الشتاء الأطول خلال العام في هذا البلد الاسكندنافي، ويمتد على مدار ستة أشهر وتراوح فيه درجات الحرارة بين صفر و35 تحت الصفر. وخلاله، يستمتع الفنلنديون والزوار على حدٍّ سواء بممارسة عدد من الأنشطة والرياضات، بما فيها ركوب العربات التي تجرها كلاب الهاسكي وحيوان الرنّة ورحلات السفاري، التي تتضمن التزلج على الجليد، وتجارب القيادة بين الثلوج، ومشاهدة الشفق القطبي الشمالي، فضلاً عن الرحلات العابرة بين الجبال الجليدية، وبالطبع مقابلة «بابا نويل».

  • نظام التعليم الفنلندي

تستند الجودة العالية للنظام المدرسي الفنلندي إلى روح ورسالة وطنية واضحة، وهي أن الأفراد هم الموارد والأصول الأهم في الدولة، ولهم الحق في الحصول على تعليم ممتاز، ما يساعد على تعظيم إمكاناتهم وقدراتهم، لكي يحققوا ما يريدون عبر تحصيلهم العلمي والتعليمي.

ومكنت هذه الفلسفة فنلندا من الصعود؛ من واحدة من أفقر دول العالم إلى ذروة الخبرة التكنولوجية، وأصبحت واحدة من أغنى البلدان في العالم خلال 100 عام من استقلالها، وعلى مدى العقود الماضية، سمحت بعض الحلول لفنلندا بتطوير نظام يتيح الفرصة للدراسة والتنمية الذاتية مدى الحياة لكل من يعيشون بها.

ويتم تمويل جميع كلف التعليم من الإيرادات الضريبية، كما أن التعليم الخاص الذي يقدم التعليم المتفوق أو المتميز، مقابل المال غير موجود عملياً، وتلتزم المنظمات والمؤسسات الخاصة بنفس الأهداف والمعايير التي تتبعها المدارس الحكومية التابعة للدولة.

ويستمر التعليم الأساسي لتسع سنوات، ويسترشد ما يتم تدريسه في المدرسة الشاملة بالمناهج الدراسية الوطنية والأساسية، وتلتزم البلديات بتوفير التعليم الأساسي الإلزامي لجميع الأطفال في منطقتهم، وتوجد خدمات واسعة النطاق لدعم التعلم والرفاه للأشخاص الذين يحتاجون إليها، ويسبق التعليم الأساسي التعليم والرعاية الجيدة في مرحلة الطفولة المبكرة، وهي متاحة للجميع.

وبعد المدرسة الشاملة، يمكن للطلبة الاستمرار، إما في التعليم المهني وإما في التعليم الثانوي، مدة كل منهما 3 سنوات، ويقدم كلا المنحيين التعليم العام، إضافة إلى فرص واسعة للدراسة.

وتوجد في فنلندا 14 جامعة و25 جامعة للعلوم التطبيقية، ونحو 41% من الفنلنديين في سن العمل لديهم تعليم عالٍ.

  • الاقتصاد

تعد فنلندا من دول الشمال الغنية، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، وقد اعتمدت اليورو عملة لها في عام 2002، وتعد صناعة الخدمات أكثر الصناعات استقداماً للعمالة بفارق كبير، حيث يتم تصدير الخدمات مثل تركيب وصيانة ماكينات صناعة الورق، والمصاعد والسلع الرأسمالية الأخرى، التي يتم تصنيعها في فنلندا بكميات كبيرة.

ويتميز اقتصاد فنلندا بكونه اقتصاداً مفتوحاً تلعب فيه الصادرات دوراً مهماً، وما زالت صناعة الغابات التي تستخدم مواد متجددة، هي القطاع الأهم في فنلندا، وإضافة إلى الورق تنتج صناعة الغابات أنواعاً جديدة من المنتجات، مثل الوقود المعتمد على الأخشاب، لتحل محل أنواع الوقود الأحفوري.

كما ظهرت صناعات أخرى، بما في ذلك صناعة الهندسة الميكانيكية، كما تعد فنلندا دولة رائدة في مجال بناء السفن وتصنيع محركات الديزل الكبيرة، والمصاعد وماكينات صناعة الورق، كما يتفوق الفنلنديون أيضاً في مجال الصناعة الكيماوية، وخاصة في مجال معالجة المياه النظيفة، وفي مجالات الإلكترونيات والبرمجيات، حيث إن نظام linux قد تم وضعه بواسطة الفنلندي لينوس تورفالديس، كما تم إجراء أول مكالمة GSM في العالم من خلال شبكة محمول فنلندية.

وتزدهر الابتكارات في فنلندا، وذلك عبر صناعة الألعاب والإلكترونيات والبرمجيات، إضافة إلى التكنولوجيا النظيفة.

وتتميز فنلندا بكونها واحدة من أقل الدول فساداً في العالم، وهو ما ينعكس إيجاباً على بيئة الأعمال بها، ودائماً ما تحتل فنلندا مراتب متقدمة ضمن الدول الأقل فساداً في الإحصائيات والدراسات التي تجريها منظمة الشفافية الدولية، وتصنف مجلة ذي إيكونومست فنلندا ضمن أفضل عشر بيئات للأعمال في العالم.

  • مكتبة Oodi

تعتبر مكتبة Oodi في هلسنكي أكثر من مجرد مكان لقراءة الكتب، حيث تعد رمزاً ثقافياً في دولة تتميز بأعلى معدلات معرفة القراءة والكتابة في العالم. وتم تصميم المكتبة من قبل شركة العمارة الفنلندية الشهيرة ALA، وتقع المكتبة بشكل بارز في وسط هلسنكي، ومقابل مبنى البرلمان الفنلندي، وتعد Oodi بمنزلة تذكير دائم بما أنجزته البلاد. كمكان تجمع للمجتمع بأكمله، تعمل المكتبة كجسر بين التعليم والسكان. وتم افتتاح المكتبة في عام 2018 بمناسبة مرور 100 عام على استقلال فنلندا، وتساعد هذه المكتبة على الدخول في عصر جديد من المكتبات الفنلندية ودفع حدود مهمتها.

وإلى جانب الكتب المتنوعة التي تضمها المكتبة في الطابق الثالث، فإنها تحتوي على العديد من الابتكارات، مثل استوديو تسجيل ومساحة للصانعين ومسرح وسينما ومطعم ومقهى وشرفة عامة، وأجهزة طباعة ثلاثية الأبعاد، وروبوتات لاستعادة الكتب من القراء وإعادة تصنيفها بغرض توزيعها بين الرفوف، وبذلك، تصبح المكتبة مركزاً ثقافياً جيداً يصل إلى ما هو أبعد من مجرد استعارة كتاب.

تم بناء الواجهة باستخدام مواد محلية، وهي مغطاة بألواح الأخشاب والمنحنيات الفنلندية بطريقة توفر المساحة عند تنظيم الأحداث العامة أمام المكتبة.

ويعتبر المظهر الجميل والحديث للمبنى تكريماً لماضي فنلندا ونظرة إلى المستقبل لما يمكن للمكتبات أن تكون عليه ويجب أن تكون عليه.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا