اقتصاد / صحيفة الخليج

احتياجات في التكنولوجيا

أندرو موران*

من الواضح أن العالم وقع في حب الاحتمالات اللامتناهية المحيطة بالذكاء الاصطناعي، والتي يمكن أن تبني حضارات أو تهدمها. ولكن، بينما تتبنى الشركات والمستهلكون التقنيات الحديثة، فإن مستويات استهلاك باتت موضع تركيز أكبر، ولن تكون طواحين الهواء المهترئة، ولا الألواح الشمسية كافية لتشغيل الثورة التكنولوجية المقبلة.

وسواء كان الذكاء الاصطناعي أو العملات المشفرة، فإن موجة التكنولوجيا الجديدة ستتطلب مراكز بيانات ضخمة وقدراً كبيراً من الطاقة.

في يناير/كانون الثاني، ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن عملية واحدة على «غوغل» تتطلب 0.3 وات في الساعة من الكهرباء، وأن مراكز البيانات ستمثل ما يقرب من 4% من استخدام الطاقة العالمي بحلول عام 2026.

وقدرت الوكالة أيضاً أن سؤال «تشات جي بي تي» يستنزف 2.9 وات في الساعة من الكهرباء، ولو انخرط روبوت الدردشة في نحو تسعة مليارات عملية بحث أو سؤال يومياً، فإن كمية الكهرباء المستهلكة تعادل استخدام 1.5 مليون مقيم في الاتحاد الأوروبي.

ولاحظت شركة أبحاث أشباه الموصلات «تيك إنسايتس» أن شرائح الذكاء الاصطناعي ستمثل 1.5% من استهلاك الطاقة العالمي على مدى السنوات الخمس المقبلة. فيما قالت شركة «هاغينغ فيس» المتخصصة بالمصادر المفتوحة، إن نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي يمتص حوالي 33 مرة طاقة أكثر من الآلات التي تعمل ببرامج محددة المهمة.

بدوره، أفاد معهد أبحاث الطاقة الكهربائية في واشنطن أن المحاور الرقمية ستستنزف ما يصل إلى 9.1% من الكهرباء المنزلية بحلول عام 2030، و2.9 وات في الساعة لكل طلب من تشات جي بي تي. لذا، فمن المتوقع أن تتطلب استعلامات الذكاء الاصطناعي 10 أضعاف الكهرباء المطلوبة لبحوث غوغل التقليدية. كما أشار تقرير آخر إلى أن الذكاء الاصطناعي يستهلك ما يصل إلى 3.2 غالون من الماء لكل كيلووات في الساعة من الطاقة في مراكز البيانات العالمية لشركة «مايكروسوفت».

ورغم تعهد قطاع التكنولوجيا على مدى العقد الماضي بتقليص انبعاثاته الكربونية، أكدت غوغل، في أعقاب طفرة الذكاء الاصطناعي، أن الانبعاثات ارتفعت بنسبة 48% خلال خمس سنوات فقط، مقابل 30% في مايكروسوفت منذ عام 2020.

في غضون ذلك، طرح الديمقراطيون قانون التأثيرات البيئية الخاصة بالذكاء الاصطناعي لعام 2024، والذي يوجه المعايير والتكنولوجيا لقياس والإبلاغ عن مجموعة واسعة من التأثيرات البيئية للذكاء الاصطناعي. وسيثبّت الاتحاد الأوروبي إطار عمل جديد العام المقبل، يفرض على «أنظمة الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر» الإبلاغ عن أحجام استهلاكها للطاقة والموارد.

وقال السيناتور الديمقراطي إد ماركي: «إن قانون التأثيرات البيئية للذكاء الاصطناعي من شأنه أن يضع معايير واضحة ونماذج إعداد التقارير الطوعية لقياس تأثير الذكاء الاصطناعي في بيئتنا».

موضحاً بأنه لا يمكن أن يأتي تطوير الجيل القادم من أدوات الذكاء الاصطناعي على حساب صحة كوكبنا.

ولكن بينما يحاول العالم تمويل التحول إلى الطاقة الخضراء الذي تبلغ تكلفته تريليونات الدولارات، يبقى السؤال المطروح: هل تكفي الألواح الشمسية وطواحين الهواء وعنفات المياه لتشغيل الذكاء الاصطناعي؟

ستتطلب شبكة الكهرباء في أمريكا تحولاً هائلاً لتغذية النمو في مراكز البيانات التي أقيمت على مستوى البلاد، وسط الجهود المبذولة من مصادر الطاقة المتجددة لتلبية الطلب الحالي. ويشير الخبراء إلى أن هذا قد يمثل فرصة استثنائية لتنامي استهلاك النفط الخام والغاز الطبيعي. وفي الربيع الماضي، لاحظ فيل فلين، استراتيجي الطاقة في مجموعة «برايس فيوتشرز»، أن النفط والغاز سيلعبان دوراً متكاملاً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وبطرق مختلفة. فمن إنتاجهما بطرق أنظف، إلى تعزيز الكفاءة في تحديد مواقع الوقود الأحفوري، من الواضح أن النفط والغاز الطبيعي سيكونان ضروريين لسنوات قادمة.

وبالفعل، استخدمت صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة كمبيوتر مكثفة لرسم خرائط للخزانات الجوفية يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في حفرها بطرق محسنة، والحصول على أقصى قدر من النفط بأقل انبعاثات كربونية ممكنة. وفي مايو/أيار، توقع بنك «غولدمان ساكس» أن يوفر الغاز الطبيعي 60% من نمو الطلب على الطاقة من الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. وتوقع بنك «ويلز فارغو» أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي بمقدار عشرة مليارات قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2030. وتعتقد شركة الأبحاث «ثاندر إنيرجي» أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف 8% إلى الطلب على الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في خمس سنوات.

إلى ذلك، أثبتت السلع الأساسية الأخرى ضروريتها للحفاظ على استمرارية تشغيل الذكاء الاصطناعي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وقد أخرت احتياجات الذكاء الاصطناعي تقاعد العديد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. كما أن النحاس، بالغ الأهمية لمنشآت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ضروري أيضاً لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

لقد أمطرت الحكومة الأمريكية الشركات المحلية والأجنبية بمئات المليارات من الدولارات في شكل إعانات سخية. فماذا قدم دافعو الضرائب مقابل ذلك؟ في الحقيقة ليس الكثير. إذ يتجنب المستهلكون المركبات الكهربائية، ومن الصعب العثور على محطات شحن عامة، وتعطلت الوظائف في قطاع التصنيع، وتراجع توليد طاقة الرياح.

والواقع أن قطاع النفط والغاز يزدهر على الرغم من سياسات الطاقة التي تنتهجها الإدارة الحالية. وتنتج الصناعة نحو 13 مليون برميل من النفط، و100 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً. وكالعادة، من المرجح أن ينقذ الوقود الأحفوري العالم، ويضمن للجمهور مزيداً من مقاطع الفيديو بواسطة الذكاء الاصطناعي.

*محرر الاقتصاد في «ليبرتي نايشن»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا