اقتصاد / ارقام

تجربة نمو .. جرأة التعديل تمنح التحول الاقتصادي في تفرداً ملموساً

  • 1/2
  • 2/2

 في منتصف الثمانينيات، كانت تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، فارتفعت أصوات مطالبة بتغيير جذري، ما دفع رئيس الوزراء -في محاولة يائسة لإنقاذ حكومته- إلى حل البرلمان، لكنه فشل فشلاً ذريعاً.

 

فتح ذلك الأبواب أمام حزب العمال الذي قاد البلاد إلى تجربة اقتصادية غير مسبوقة، شهدت تحولات دراماتيكية، ورغم العواصف التي هبت على الساحة السياسية والاقتصادية، فإن السياسات التي طُبقت تلك الفترة شكلت حجر الأساس لبناء مستقبل اقتصادي جديد.

 

 

ومع ذلك، في انتخابات 1990، عاد الحزب الوطني إلى السلطة بسبب خلافات داخل حزب العمال حول الإدارة الاقتصادية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ورغم التغيير في الحكومات، استمرت السياسات العامة التي تم تبنيها بين 1984 و1990 كأساس لتطوير السياسات في العقود اللاحقة.

 

تعديلات جذرية للسياسات العامة

 

تبنت حكومة حزب العمال الرابعة مجموعة من التعديلات السياسية الهامة التي شكّلت تحولاً جذريًا في النهج الاقتصادي، ومن بين تلك الابتكارات كان هناك أربع نقاط رئيسية.

 

تعديلات جذرية للسياسات العامة

تقليص تدخل الحكومة في السوق

 

- وضعت تعديلات الميزانية لعام 1984 الأساس لنهج اقتصادي جديد، حيث ركز روجر دوغلاس على تحرير الأسواق وتقليل الاعتماد على التدخلات الحكومية.

 

- وتمثلت رؤيته في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال تعزيز كفاءة تخصيص الموارد عبر آليات السوق.

 

- رغم أن هذه التغييرات كانت ضرورية لتحسين الأداء الاقتصادي العام، فقد واجهت الحكومة تحديات كبيرة في إدارة الاستياء الشعبي، خاصة بين الفئات الأكثر تضررًا من تلك السياسات مثل كبار السن.

 

 - وأظهر التوازن الذي حاولت الحكومة تحقيقه بين الإصلاحات الاقتصادية الضرورية وبين تقديم الدعم للفئات الضعيفة مدى تعقيد التحديات التي واجهتها حكومة حزب العمال في تلك الفترة.

 

تبسيط النظام الضريبي

 

- عانت حكومة حزب العمال الرابعة من نظام ضريبي متأصل فيه العديد من المشكلات، أبرزها الاعتماد المفرط على الضرائب المباشرة وارتفاع معدلات ضريبة الدخل التي شجعت على التهرب الضريبي.

 

- لذا، وضعت الحكومة نصب عينيها إصلاح هذا النظام عبر تبسيطه وتوسيع قاعدته الضريبية، ما يعني تقليل العبء على الأفراد والشركات وزيادة الشفافية والعدالة في النظام الضريبي.

 

- هدفت هذه الإصلاحات إلى تقليل التشوهات الاقتصادية وتبسيط الإجراءات الضريبية على الشركات والأفراد على حد سواء.

 

- لهذه التغييرات، أصبح النظام الضريبي النيوزيلندي أكثر عدالة وكفاءة، وحظي بإشادة دولية، فقد أدى توسيع القاعدة الضريبية وتبسيط هيكلها إلى تعزيز الكفاءة الاقتصادية وتقليل التهرب الضريبي، ما يثبت نجاح الحكومة في تنفيذ إصلاحات ضريبية شاملة.

 

خصخصة الشركات الحكومية

 

- عند تولي حزب العمال مقاليد الحكم للمرة الرابعة في نيوزيلندا، كانت الدولة تتحكم في قطاعات حيوية عديدة، من بينها البنوك والطيران والشحن البحري وإنتاج وتوزيع الكهرباء.

 

- رأى الكثيرون أن هذه القطاعات يمكن أن تعمل بكفاءة أعلى لو تم تسليمها للقطاع الخاص أو إدارتها، وفقًا لمبادئ السوق، ما أسهم في زيادة الكفاءة وتقليل العبء على الميزانية العامة.

 

السياسة النقدية واستقلالية البنك المركزي

 

- في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بسعر الصرف في يوليو 1984، اتخذت حكومة حزب العمال الرابعة في نيوزيلندا قراراً حاسماً بالتحول نحو نهج نقدي أكثر استقراراً، وذلك رداً على السياسات التضخمية التي اتبعها النظام السابق، وقد تمثلت الخطوات الرئيسية التي اتخذتها الحكومة في:

 

تعويم الدولار النيوزيلندي: في مارس 1985، أعلنت الحكومة عن تعويم كامل للعملة المحلية، ما أنهى نظام سعر الصرف الثابت الذي كان سائداً سابقاً. 

- أتاح هذا القرار لبنك الاحتياطي النيوزيلندي التحرر من قيود التدخل المستمر في سوق الصرف الأجنبي، وترك تحديد سعر الصرف للعرض والطلب في السوق. 

 

منح استقلالية واسعة لبنك الاحتياطي النيوزيلندي: في مايو 1989، تم إقرار قانون جديد منح بنك الاحتياطي النيوزيلندي استقلالية واسعة في تحديد السياسة النقدية، ما جعله نموذجاً يُحتذى به للبنوك المركزية حول العالم.

 

- نص القانون على أن الهدف الأساسي للبنك هو تحقيق الاستقرار في الأسعار، دون التدخل لتحقيق أهداف أخرى كالنّمو الاقتصادي أو التوظيف.

 

النتائج:

 

- استقرار الأسعار: منذ هذه الإصلاحات، شهدت نيوزيلندا استقراراً ملحوظاً في معدلات التضخم، مقارنة بالفترة التي سبقتها. 

 

- نموذج عالمي: أصبح النظام النقدي النيوزيلندي نموذجاً يحتذى به في العديد من الدول، حيث تبنت العديد من الحكومات أطراً تشريعية مماثلة لبنوكها المركزية.

 

 

التحديات والمكاسب

 

- رغم نجاح هذه الإصلاحات الجذرية في وضع نيوزيلندا على مسار اقتصادي أكثر استقرارًا، فإنها لم تخلُ من تبعات مؤقتة.

 

- ففي المرحلة الأولى، أدت السياسات التقشفية التي شملت تقليص الدعم الحكومي وتقليل التدخلات إلى ارتفاع في معدل البطالة، غير أن هذه الإجراءات، على المدى الطويل، أثمرت عن تحسن ملحوظ في أداء الاقتصاد وتخفيض في عبء الدين العام.

 

 

- واتسمت هذه الإصلاحات السياسية بشكل عام بقدر عالٍ من الكفاءة في التنفيذ، ولا سيما فيما يتعلق بتعديلات السياسات المتعلقة بالتدخلات السوقية والنظام الضريبي، فمثلاً، تم إدخال ضريبة القيمة المضافة بعد دراسة مستفيضة لآثارها المترتبة، ما ساهم في تسهيل عملية تطبيقها.

 

- على الصعيد السياسي، أفرزت السياسات الجديدة انشقاقات عميقة هزت أركان النظام، إذ تسببت في أضرار بالغة بقطاعات اقتصادية عديدة، ما أشعل فتيل المعارضة.

 

- تظل نيوزيلندا-بوصفها اقتصاداً صغيراً مفتوحاً-عرضة لتقلبات الاقتصاد العالمي، إلا أنها تمكنت من تحقيق استقرار اقتصادي ملحوظ بفضل نموذجها الاقتصادي الجديد.

 

- وقد أثبتت التجربة النيوزيلندية قدرة هذا النموذج على الصمود والتكيف حتى في ظل الظروف الاقتصادية الدولية المتقلبة.

 

- رغم التحديات الجسام التي واجهها، يُعد التحول الاقتصادي في نيوزيلندا نموذجاً بارزاً لنجاح السياسات العامة، فقد أسهمت التعديلات السياسية في تحفيز النمو الاقتصادي، وفتحت آفاقاً جديدة لفهم أعمق لدور الدولة في الاقتصاد وكيفية إدارته بكفاءة.

 

- كما ساهمت هذه التجربة في تطوير هيكل الأنظمة الاستشارية لتأهيلها لمواجهة التحديات الراهنة والتخطيط للمستقبل.

 

المصدر: أكسفورد أكاديمك

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا