رائـد بـرقـاوي
نعم لكل حالة ظروفها، وفي حالتنا فإن الازدحام الذي نراه في الشوارع ومراكز التسوق والمطارات، هو خير نافع وازدهار ومزيد من الأعمال.. لهذا فهو إيجابي مرحّب به لدى شرائح المجتمع التي تراه دليل ازدهار، فيما هو مزعج وخسائر مادية للأفراد والمجتمع وللاقتصاد في دول أخرى.
في حالتنا، الازدحام في الشوارع يعني أن الاقتصاد في توسّع وحركة الأعمال تنمو، حتى أنه أصبح لدى الكثير مقياساً مهماً لاستشعار تحركات الأسواق، وكثيراً ما يحمد الناس الله على هذه النعمة، أما في مناطق متفرقة في العالم فإن الازدحام عندهم دليل على سوء في التخطيط الحكومي وضعف هيكلي في البنية الأساسية وفي قلة الموارد، ما يعني ضعفاً للاقتصاد وخسائر على الجميع.
لكن لماذا عندنا في الإمارات، يرى أفراد المجتمع الازدحام إيجابياً؟ لأنه ببساطة يترافق مع قوة البنية الأساسية وحركة التطوير المستمر، فيما الإنفاق على مشاريع الطرق لا يتوقف، لا بل والخطط تعلن تباعاً، وتوفير البدائل في حركة النقل لا يهدأ بما في ذلك استخدام الجيل الجديد من وسائل النقل. وينطبق ذلك على المطارات الآخذة في التوسع والتطوير، وكذلك مواصلة توفير المزيد من مراكز التسوق، وعلى بقية مرافق البنية التحتية.
ولكن مع كل ذلك، هل نستكين لهذا المفهوم الإيجابي للازدحام في شوارعنا، ونستمر في الحديث عن «نصف الكأس الممتلئ»، أم علينا النظر إلى الأمور بزوايا مختلفة، والتنبه كي لا تتحوّل هذه الظاهرة الإيجابية إلى سلبية الأثر في الاقتصاد والمجتمع بشكل عام؟
من المؤكد أن المسؤولين عن ملف الطرق والبنية الأساسية في الإمارات سواء محلياً أو اتحادياً، مدركون بقوّة للتحديات الناجمة عن التوسع المستمر في حجم الأعمال وفي النشاط الاقتصادي المزدهر في البلاد، وهم يعكفون باستمرار على التحديث وإطلاق الخطط الاستراتيجية التي تواكب الحراك الاقتصادي والعمراني في الإمارات.
المطلوب من هذه المؤسسات - وهي على درجة كبيرة من الكفاءة ويشهد على ذلك ما تم إنجازه حتى الآن وما جعل الإمارات تتصدر بين دول العالم- أن تسرّع الخطى، وتتجاوز مرحلة المواكبة لتصل إلى مرحلة الاستباق التام، لأن النشاط العمراني يسير سريعاً والاقتصادي يتجه لمرحلة جديدة غير مسبوقة، فالإمارات أصبحت دولة عالمية بالمقاييس كافة للعمل والعيش.
علينا النظر أيضاً إلى وجهة الإمارات السياحية الآخذة في التقدّم والتوسّع، فهي قبلة على الخريطة السياحية العالمية ويزورها يومياً نحو 100 ألف شخص، ما يزيد الضغوط على الطرق والشوارع في مختلف الإمارات، ويجعلنا نحتاج إلى التفكير بطريقة مختلفة في التخطيط والتنفيذ.
ورغم الإيجابي والسلبي في «الازدحام»، فإننا ينبغي أن نتحلى بالواقعية مع هذا الأمر لأن «الازدحام» أصبح ظاهرة عالمية مع تزايد أعداد السكان في المدن الكبرى، لكن الفرق بين مدينة وأخرى في هذا الجانب أصبح يقاس بمدى انسيابية الطرق، ومدى توفير البدائل والتفكير خارج الصندوق لإيجاد الحلول الملائمة لهذه المعضلة، ومدى التعاون بين الدوائر والمؤسسات والهيئات المتعددة التي تتحمل جميعها المسؤولية وعليها جميعاً حلها معاً.. وحتى يبقى الازدحام إيجابياً..
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.