اقتصاد / صحيفة الخليج

«كوب 29».. إشكالية لوجستية

د. محمد الصياد*
أذربيجان، هي الدولة النفطية الثالثة على التوالي التي تستضيف مؤتمر الأطراف في نسخته التاسعة والعشرين (COP-29) بعد دولة العربية المتحدة (COP-28) ومصر (COP-27). وهذا بطبيعة الحال لا يريح لوبيات المناخ الأوروبية، خصوصاً منها منظمات ال (NGOs) التي تمولها إدارة مختصة داخل مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل. لكن هذه اللوبيات التي كانت قد انتقدت قرار سكرتارية المناخ في الأمم المتحدة، منح أذربيجان امتياز استضافة النسخة ال29 من مؤتمر الأطراف خلال الفترة من 11 الى 22 نوفمبر المقبل، والتي شنت ضدها هجمات مغرضة من موقع مناهضتها للوقود الأحفوري وللدول المنتجة له، تلقت صدمة غير متوقعة، حين فاجأتها الاجراءات التنظيمية والإدارية الأذربيجانية المتعلقة بلوجستيات مؤتمر الأطراف المقبل. حيث خص الجانب الأذري منظمات الNGOs المناخية في بلدان الجنوب العالمي بالحصة الأكبر من إصدارات شارات المؤتمر، ما أثار غضب بلدان الشمال ومنظمات ال NGOs التابعة لها. وقيل إن هذه المنظمات قد خُصصت شارة واحدة فقط لكل منها.
سيمون ستيل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، انضم الى المحتجين الأوروبيين ومنظمات مجتمعهم المدني، وعلق قائلاً: «نأمل أن تدعم المنظمات المتضررة من اجراءات السلطات الأذرية الخاصة بإصدار بطاقات حضور جلسات المؤتمر جهودنا هذا العام للتحرك بطريقة ما نحو المزيد من التوازن في مزيج المنظمات المراقبة في مؤتمر الأطراف (في العاصمة الأذرية باكو)». علماً أن سيمون ستيل ينتمي إلى مملكة غرينادا «Grenada»، وهي دولة جزرية في جزر الهند الغربية في شرق البحر الكاريبي، لا تزيد مساحتها على 348.5 كيلومتر مربع ولا يتجاوز عدد سكانها 125000 نسمة، وقد كانت مستعمرة بريطانية (لاتزال تتبع التاج البريطاني تحت سلطة الملك تشارلز الثالث ملك الحالي)، قبل أن تصبح محمية أمريكية بعد غزوها من قبل القوات الأمريكية في 1983. وهو محسوب على ائتلاف مجموعة الدول الجزرية في مفاوضات المناخ التي تتبع تلقائياً مواقف الدول الغربية في المفاوضات، لأسباب شتى، مع أنها من الناحية الاقتصادية والفنية تتبع مجموعة ال 77 + .
يوم الخميس 5 سبتمبر/أيلول 2024، ألقى ستيل كلمة استعراضية أمام اجتماع وزراء الأفارقة الذين التأموا في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، أعاد فيها إلى الأذهان ما كانت طالبت به وأصرت عليه الدول النامية، وضمنها الدول الإفريقية، في اجتماعات بون الأخيرة (عقدت خلال الفترة من 3 إلى 13 يونيو 2024، وحضرها حوالي 8000 مشارك من بلدان العالم الأطراف في اتفاقيات المناخ، وهي اجتماعات تحضيرية سنوية تسبق مؤتمرات الأطراف) – وهو إعادة النظر في جدولة أولويات العمل المناخي، بتقديم موضوع التمويل على ما عداه من مواضيع، بما فيها موضوع التخفيف «Mitigation»، أي خفض الانبعاثات الكربونية.
في أبيدجان، حث رئيس المناخ التابع للأمم المتحدة زعماء العالم على «قلب السيناريو» بشأن العمل المناخي في إفريقيا والانتقال من «وباء نقص الاستثمار» إلى «منجم ذهب من الفوائد البشرية والاقتصادية» (يقصد فوائد الاستثمار في إفريقيا). إنما لا أحد يعلم، بمن فيهم الوزراء الأفارقة الذين خطب أمامهم ستيل، لمن عنون مناشدته تلك. فأوروبا التي كانت أكثر المتحمسين لقضية المناخ (تحديداً لموضوع خفض الانبعاثاتMitigation)، والتي كانت تضغط على الصين للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، انقلبت على أعقابها، فإذا بها ترفع سقوف الضريبة الجمركية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين. أمريكا هي الأخرى تعود بكل ثقلها للاعتماد على الوقود الأحفوري، من خلال توسيع الرقعة الجغرافية لعمليات استكشاف واستخراج النفط والغاز. اللافت، أن أكثر ما يثير شهية الأمريكيين والأوروبيين هو قطاع التعدين والمعادن في القارة السمراء، حيث تسعى الحكومات الأوروبية والأمريكية إلى تأمين إمدادات المعادن التي تحتاجها لبناء سلاسل توريد مكونات النظيفة بعيداً عن الاعتماد على الصين. علماً أن القارة الإفريقية تتوفر على أكثر من 40% من احتياطيات المعادن الانتقالية «Transition minerals» في العالم (معادن موجودة غالباً في الصخور، مثالية للاستخدام في تكنولوجيات الطاقة المتجددة. فالليثيوم والنيكل والكوبالت مكونات أساسية للبطاريات كتلك المستخدمة في المركبات الكهربائية، كما أن العناصر الأرضية النادرة Rare earth metals، هي جزء من المغناطيسات التي تدير توربينات الرياح والمحركات الكهربائية). في المقابل، كشفت الصين عن عرض تمويل جديد بقيمة 51 مليار دولار للبنية الأساسية والزراعة والتجارة في جميع أنحاء القارة الإفريقية، بما يشمل 30 مشروعاً جديداً للطاقة النظيفة والتنمية الخضراء.
* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا