في نوفمبر من كل عام، يجلس حوالي 600 ألف طالب من خريجي المدارس الثانوية في كوريا الجنوبية لأداء أحد أصعب الاختبارات في العالم، وهو اختبار القبول في الجامعات، الذي يتسبب في شل حركة الدولة كاملة.
اختبار شاق ومكثف يستمر لمدة 8 ساعات في يوم واحد، يتخللها فترات راحة قصيرة مدتها 20 دقيقة بين كل مادة، إلى جانب استراحة مدتها 50 دقيقة لتناول طعام الغذاء.
يتكون الاختبار المكثف من خمسة مواد: اللغة الكورية، والرياضيات، واللغة الإنجليزية والتاريخ الكوري والدراسات الاجتماعية أو العلوم، لكن جدوله الزمني مرهق، إذ تتراوح مدة اختبار كل مادة من 80 إلى 107 دقائق.
هذا باختصار هو اختبار "سونيونج" Suneung في كوريا الجنوبية والمعروف أيضًا باسم اختبار القدرة الدراسية الجامعية (سي إس إيه تي"، والذي يلعب دورًا محوريًا في تحديد مستقبل الطالب في مجتمع يعطي أهمية كبيرة للتعليم، لأن التخرج من جامعة مرموقة أمرًا بالغ الأهمية في الحصول على وظيفة لائقة.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وبالتالي فهو ليس مجرد تحديًا أكاديميًا فحسب، بل يشكل مستقبل الطلاب ويؤثر على فرصهم المهنية، وحتى دخلهم الوظيفي، وبالنسبة للعديد من الشباب في كوريا فهو بمثابة نقطة تحول حاسمة في مسار رحلة حياتهم.
تاريخه
بدأ هذا الاختبار الرسمي لأول مرة عام 1960، وعلى مدار أكثر من 6 عقود زمنية خضع للعديد من المراجعات.
وفي كوريا، يبدأ العام الدراسي الجديد في مارس وينتهي في ديسمبر، ويحصل الطلاب على عطلتين: العطلة الصيفية في يوليو، وأغسطس، والعطلة الشتوية في يناير وفبراير.
ما أهمية الاختبار؟
يعتبر المواطنون في كوريا الاختبار بمثابة الخطوة الأولى والنهائية تقريبًا للطالب لدخول سوق العمل، لأن نتائج الامتحانات لا تحدد الجامعة التي سيلتحق بها الطالب فقط بل مهنته وأصدقائه ودخله في حياته المستقبلية.
يعتقد معظم المعلمين أنه إذا فشل الطلاب في هذا الاختبار فإنهم سيفشلون بقية حياتهم، ويظن أغلب المواطنين أن الطالب الذي يجتاز هذا الاختبار سيكون مستقبله مشرق.
رحلة الاستعداد له
يتقدم الطلاب لهذا الاختبار للتنافس على بضعة أماكن في ثلاث جامعات كبرى مرموقة في سيول هي: جامعة سيول الوطنية وجامعة كوريا وجامعة يونسي، ولن يتم قبول سوى 1% فقط من هؤلاء المتقدمين.
إذا لم يحصل الطلاب أعلى الدرجات، سيصبح الالتحاق بالجامعات المرغوبة بشدة مستحيلاً تقريبًا، لذلك يتقدم العديد منهم للاختبار عدة مرات، وتشكل تلك الاختبارات ضغوطًا هائلة للطلاب، تجعلهم يدرسون بجدية شديدة طوال حياتهم المدرسية وخاصة طلاب المدارس الثانوية.
يدرس طلاب المدارس الثانوية في المتوسط لمدة 16 ساعة تقريبًا في اليوم من أجل الاستعداد لذلك الاختبار، على الطلاب الاستيقاظ مبكرًا في الصباح وقضاء حوالي 10 ساعات في المدارس، وعندما يغادرون يتوجهون إلى فصول دراسية أو مراكز امتحانات حتى الساعة العاشرة أو 11 مساءً، ثم يعودون لمنازلهم للمذاكرة حتى الواحدة صباحًا.
اختبارات المواد
بعد استراحة الغذاء، يبدأ امتحان اللغة الإنجليزية الذي يشمل جزء استماع، أي أن إجابات الطالب تعتمد على ما يسمعه، وهو ما يتطلب مستوى عال من التركيز، لكن يعد امتحان اللغة الكورية هو الأكثر صعوبة لأنه يشمل التحدث والكتابة والقواعد والقراءة والأدب.
ويضم الاختبار عدة اختيارات، وعلى المتقدمين من أجل الالتحاق بكليات الفنون اجتياز اختبار القدرات الفنية.
اختبارات تجريبية
من أجل إعداد الطلاب للاختبار، يخضعون عادة لثلاثة اختبارات تجريبية تقيم مدى استعدادهم، تدير الأكاديميات تلك الاختبارات وبالتالي تساعد الطلاب على التدرب في ظل بيئة خاضعة للرقابة.
تركيز عالي
ينصح الطلاب بتجنب تناول الوجبات السريعة خلال الأيام التي تسبق الاختبار من أجل الحفاظ على مستويات طاقاتهم في أفضل حالاتها، والالتزام بدلاً من ذلك بنظام غذائي بسيط ومتوازن يضم أطعمة مثل الموز والتفاح والأسماك.
أولوية للدولة بأكملها
أما يوم عقد الاختبار نفسه فتتخذ كافة هيئات الدولة خطوات من أجل ضمان عدم تأخر الطلاب في الوصول لمراكز عقد الاختبارات، فمثلاً تعمل الحكومة والسلطات المحلية على تقليل الازدحام المروري ويتم توجيه الشركات لتأخير موعد بدء العمل المعتاد.
حتى أن مواعيد بدء عمل البنوك والبورصة تتأخر عن موعدها المعتاد نظرًا لأهمية الاختبار، وليس ذلك فحسب بل أيضًا يتم إيقاف الرحلات الجوية أثناء عقد اختبار الاستماع باللغة الإنجليزية لضمان الهدوء التام حتى يركز الطلاب بصورة أفضل.
وتعلق مواقع البناء العمل من أجل تقليل الضوضاء، ويتم تغيير مواعيد مترو الأنفاق ليبدأ من الساعة السادسة صباحًا بدلاً من السابعة.
انتقادات
رغم أهمية الاختبار، إلا أنه تعرض لانتقادات، إذ يرى خبراء أن تلك الثقافة الأكاديمية جعلت الشباب في كوريا غير مستعدين لخوض الحياة الحقيقية، لأن الشاب يقضي أول 25-30 عامًا من حياته في تعلم المنافسة وعندما يخرج للعالم الحقيقي يدرك أن الحياة ليست اختبارًا يضم العديد من الخيارات، وأنه لا توجد إجابة وحيدة واضحة لكل مشكلة.
وتسعى العديد من المنظمات في كوريا لمكافحة تلك المشكلة عن طريق البحث في القطاعات والشركات التي تركز بصورة أقل على الخلفية الأكاديمية.
المصادر: أرقام – بي بي سي – إن دي تي في – موقع "إكسبات سكول كوريا" – جلوبال تايمز.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.