لمح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" هذا الأسبوع إلى عزمه فرض ضريبة جمركية مطابقة على كافة الدول التي تستهدف واردات بلاده بتعريفات تجارية، وأصبح هذا الإجراء المحتمل مثار نقاشات واسعة النطاق في الأوساط السياسية والقانونية لصعوبة تنفيذه من الناحية العملية، وآثاره السلبية المتوقعة على الاقتصاد العالمي.
اعتمد "ترامب" في تنفيذ أجندته التجارية الحمائية منذ توليه الرئاسة قبل أقل من شهر على إصدار الأوامر التنفيذية وتفعيل تشريعات قديمة كي يتخطى صلاحيات الكونجرس الذي يضطلع بالأساس بإقرار الرسوم الجمركية، ويتمكن من تنفيذ وعوده الانتخابية بسرعة دون عوائق قانونية.
الأدوات التشريعية
يرى عدد من خبراء القانون أن "ترامب" قد يعتمد على إصدار أوامر تنفيذية لتحقيق هدفه التالي، في حين أفادت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" بأن فريقه نظر في المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 الذي يسمح للرئيس بفرض تعريفات لمواجهة أية ممارسات تمييزية من قبل الحكومات الأجنبية ضد أمريكا.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
قانون لم يُستخدم منذ عقود
وبالإضافة إلى ذلك، قد يلجأ "ترامب" إلى استغلال قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية الذي استخدمه لفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الصين، لكن الاحتمال الأكبر هو تفعيله المادة 338 من قانون التجارة لعام 1930 الذي لم يلجأ إليه أي رئيس منذ عقود طويلة وتم استخدامه فقط كوسيلة تهديد للدول الأخرى.
حيثيات قانون التجارة لعام 1930
ينظر كثير من علماء الاقتصاد إلى هذا القانون باعتباره سبباً رئيسياً لتفاقم أزمة الكساد الكبير التي وقعت آنذاك، ويسمح للرئيس الأمريكي بفرض رسوم تصل إلى 50% على الواردات من الدول التي تمارس التمييز ضد التجارة الأمريكية، أو تفرض عليها تعريفات أعلى من التي تطبقها على دول أخرى، أو تستهدفها بقيود تنظيمية.
مبررات ترامب
يرى "ترامب" أنه يتعين على الولايات المتحدة معاملة الدول الأخرى بالمثل، إذا كانت الواردات الأمريكية هدفاً لأية تعريفات جمركية من أية دولة، فيتعين على واشنطن الرد بالمثل وفرض رسوم مساوية في القدر، ولا يتعامل "ترامب" من منظور اقتصادي فحسب، بل يبدو أن الأمر يأخذ منحى يرتبط بنظرته للسيادة الأمريكية.
لماذا تفرض الدول الأخرى رسوماً على أمريكا؟
تعد أمريكا القوة الاقتصادية الأكبر على مستوى العالم في الوقت الراهن بعد هيمنتها على النظام العالمي منذ نهاية الحروب العالمية وانهيار الاتحاد السوفيتي، لذا لجأت الدول الأخرى على اختلاف مستوى التنمية بها لحماية اقتصاداتها وصناعاتها المحلية من تنافسية المنتجات الأمريكية عبر فرض رسوم جمركية عليها.
الدول الأكثر تضرراً
تعد البلدان النامية أكثر عرضة للضرر حال نفذ "ترامب" تهديده، فمن ناحية قد تكون هذه الدول فرضت رسوماً أعلى على واشنطن لحماية أسواقها المحلية من القدرة التنافسية لأكبر اقتصادات العالم، ومن جهة أخرى ستواجه صعوبة في تصريف منتجاتها المحلية بالسوق الأمريكية حيث ترتفع القدرة الشرائية للمستهلكين.
هل يستهدف ترامب الدول على أساس الرسوم الجمركية الثنائية فقط؟
تمنح المادة 338 من قانون التجارة لعام 1930 الرئيس صلاحية فرض رسوم جمركية على الدول التي تتبع ممارسات تجارية تمييزية عامة وليس لفرضها تعريفات على الواردات فقط، ما يضع دولاً مثل اليابان والاتحاد الأوروبي في دائرة الخطر بسبب تقييدها استيراد المحاصيل المعدلة وراثياً، وفرضها معايير أمان مختلفة على السيارات، وانبعاثاتها.
لماذا لم يفرض ترامب الرسوم المطابقة حتى الآن؟
قال "ترامب" إنه قد يُعلن عن الرسوم الجمركية المطبقة على كافة الدول بحلول الثلاثاء أو الأربعاء من هذا الأسبوع، ولا أنباء عن الأمر حتى الآن، ويرجع ذلك إلى الكم الضخم من العمل الذي يتطلبه اتخاذ هذا الإجراء، إذ إن هناك قرابة 5 آلاف وصف فرعي للمنتجات التي يتم تجارتها على المستوى الدولي، وتضم منظمة التجارة العالمية 186 دولة.
هل يُطلق ترامب النار على قدميه؟
يعد قرار "ترامب" - حال اتخاذه - إعلان حرب تجارية على كافة دول العالم، ولكن بعيداً عن هذه النقطة، قد تستفيد بعض الدول من ذاك الإجراء، فمثلاً تفرض كولومبيا رسوما جمركية على واردات القهوة لحماية صناعاتها المحلية، وإذا رفعت أمريكا التعريفات الجمركية عليها فهذا يصب في مصلحتها أيضاً، والطرف المتضرر سيصبح المستهلك الأمريكي وحده.
الخلاصة
يمتلك "ترامب" عدة أدوات تسمح له بإطلاق العنان لحربه التجارية ضد كافة دول العالم، وتتيح له القوانين فرض رسوم جمركية أعلى كثيراً من الدول الأخرى تصل إلى 50%، لكن الأضرار المترتبة على ذلك الإجراء سوف تتفاوت بين مختلف الدول وخاصة البلدان النامية، وسوف تطال الولايات المتحدة ذاتها.
المصادر: رويترز – أسوشيتد برس – وول ستريت جورنال
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.