اقتصاد / صحيفة الخليج

من سيفوز في «النهائي»؟

د. محمد الصياد*

في غضون أسبوع واحد (ما بين 19 و26 مايو/ أيار 2025)، صدر من الولايات المتحدة، ما يشبه الإقرار بأن الحرب، الساخنة والباردة، التي تخوضها الولايات المتحدة ضد ، بتركيز مكثف على «الجبهة» الاقتصادية، سوف تنتهي بفوز الصين في «المباراة النهائية»، التي أنزلت فيها الدولتان إلى الملعب خيرة وصفوة ما لديهما من لاعبين «خارقين». الكناية هنا تنصرف بطبيعة الحال لمجمل طاقاتهما الاقتصادية والتجارية واللوجستية والتكنولوجية والموارد الطبيعية.
يوم 19 مايو 2025 نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، مقالاً للباحث المشارك في مرحلة ما بعد الدكتوراه والمحاضر في علم الاجتماع بجامعة برينستون الأمريكية، كايل تشان (Kyle Chan)، حمل العنوان التالي: «في المستقبل، ستُهيمن الصين. الولايات المتحدة ستفقد أهميتها»
(In the Future، China Will Be Dominant. The U.S. Will Be Irrelevant).
ويوم 26 مايو 2025، كتب إيلون ماسك، في منشور على منصة “X”، إن إنتاج الصين من الشمسية وحده يكفي لتزويد نصف الولايات المتحدة بالطاقة. وهذا فقط ما يتعلق بمصدر واحد لإنتاج الطاقة، وهو هنا الشمسية، ففي الوقت الذي كان أعضاء الكونجرس ينخرطون في جدل عقيم، حول من يحق له إعادة تعريف «الوعي»، فقد أنتجت الصين 9.4 تريليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء، العام الماضي، وهو ما يزيد على ضعف إنتاج أمريكا من الكهرباء.
حذر كايل تشان، في مقاله في نيويورك تايمز قائلاً: «على الولايات المتحدة أن تُدرك أن الرسوم الجمركية أو غيرها من الضغوط التجارية، لن تُجبر الصين على التخلي عن نهجها الاقتصادي المُوجّه من قِبل الدولة، والذي أثبت نجاحه، وأن تتبنى فجأةً سياساتٍ صناعية وتجارية يعتبرها الأمريكيون عادلة، بل على العكس، تُضاعف بكين جهودها في نهجها المُوجّه من قِبل الدولة، مُطبّقةً نهجاً مُشابهاً لمشروع مانهاتن، لتحقيق الهيمنة على صناعات التكنولوجيا الفائقة».
السيارات الكهربائية، كمثال، مجرد قطاع واحد، تشير جميع المؤشرات إلى أن الصين، قد تفوقت فيه على تيسلا والسيارات الكهربائية، مع صعود شركة BYD وغيرها من مُصنّعي السيارات الكهربائية الصينيين. الذكاء الاصطناعي والروبوتات قطاعان آخران، تُنافس الصين على الهيمنة العالمية الكاملة عليهما. من الصعب القول إن الولايات المتحدة ستصبح «غير ذات صلة» في هذه المجالات. إنما هذه هي الحقيقة، فالصين قد تتفوق عليها من حيث ابتكار وتطوير الذكاء الاصطناعي. في الأثناء، أفادت «بلومبيرغ»، يوم 19 مايو 2025 أن شركة أبل تُواجه «أزمة» في تطوير الذكاء الاصطناعي.
يذهب مقال نيويورك تايمز إلى القول بأنه إذا استمر المسار الحالي لكل دولة، فمن المرجح أن تُهيمن الصين على قطاع التصنيع الفاخر، من السيارات والرقائق إلى أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي والطائرات التجارية. على النقيض من ذلك، قد ينتهي الأمر بأمريكا كدولة مُنكمشة للغاية، فمع انغماسها في الرسوم الجمركية، ستُركز شركاتها على البيع للمستهلكين المحليين بشكل شبه حصري. ولن تكون معركة التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، بل بين المدن الصينية عالية التقنية مثل شنتشن وهانغتشو.
وستعيد المصانع الصينية حول العالم تشكيل سلاسل التوريد، مع وضع الصين في المركز، باعتبارها القوة العظمى التكنولوجية والاقتصادية الأبرز في العالم. في أمريكا، سيؤدي فقدان المبيعات الدولية إلى تدهور أرباح الشركات، ما سيُقلل الأموال التي تستثمرها الشركات في أعمالها. سيُضطر المستهلكون الأمريكيون إلى الاعتماد على سلع أمريكية الصنع ذات جودة متوسطة ولكنها أغلى من المنتجات العالمية، نظراً لارتفاع تكاليف التصنيع الأمريكية. ستواجه الأسر العاملة ارتفاعاً في التضخم وركوداً في الدخول. الصناعات التقليدية عالية القيمة، مثل صناعة السيارات والأدوية، هي الآن تفقد مواقعها بالفعل لصالح الصين.
وعندما تقلب صفحات مواقع الإنترنت الأمريكية، ستجد أن السؤال الأكثر شيوعاً بين روادها، ليس حول ما إذا كانت الصين قد سبقت أمريكا اقتصادياً وتكنولوجياً، وإنما عن أسباب تراجع النموذج التنموي الأمريكي، وتفوق النموذج الصيني عليه. البعض ينسب ذلك إلى انتهاء مفاعيل مقاربة الحروب الخارجية المغذية للازدهار الأمريكي، بفقدانها «جدواها الاقتصادية» (ارتفاع التكاليف مقابل نقصان العائد). فيما تنسبه مجاميع أخرى إلى الهيمنة الراسخة للنظام السياسي الصيني على الدولة، بما منحه مرونة تحريك وتغيير سياساته وتوجيه موارد الدولة نحو الاتجاهات الأكثر تحقيقاً للمصلحة الوطنية.
* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية
[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا