- لطالما أُلصقت تهمة فشل الشركات الصغيرة إلى قائمة نمطية من المشتبه بهم ومنها على سبيل المثال؛ نقص التمويل، وسوء الإدارة، وغياب التخطيط المحكم.
- في السياق ذاته، تؤكد الإحصائيات أن خُمس هذه المؤسسات الطموحة تنهار في عامها الأول، وأن نصفها يتلاشى قبل أن تحتفل بعيد ميلادها الخامس.
- لكن، هل المال حقًا هو الجاني الرئيسي؟ أم أن هناك سببًا أعمق لهذا الفشل؟
- يطل علينا أحد المدراء التنفيذيين برؤية مغايرة من قلب التجربة، وبعد رحلة تأسيس ثلاثة عشر شركة في عشرة قطاعات صناعية ممتدة عبر أربع قارات، وتقديم عصارة الخبرة لمئات من رواد الأعمال.
- مؤكدًا أن السبب الحقيقي وراء تعثر أغلب الشركات لا يكمن في نقص التمويل أو أخطاء القيادة؛ بل في حالة الإرهاق النفسي والذهني الذي تصيب صاحب العمل.
المال ليس الأساس... بل مجرد مؤشر ثانوي
- صحيح أن تقارير برنامج "SCORE" التابع لإدارة الأعمال الصغيرة تشير بأصابع الاتهام إلى مشاكل التدفق النقدي كسبب رئيسي في 82% من حالات الفشل؛ في حين يضيف "الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة" إلى قائمة المتهمين ضعف الإدارة وسوء التخطيط.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- لكن الحقيقة المرة هي أن هذه الأسباب الظاهرة ليست سوى أعراض لعلة أعمق وهو انهيار طاقة القائد.
- حين يبدأ القادة في فقدان طاقاتهم، تظهر علامات الخمول واللامبالاة كغيوم سوداء تنذر بالعاصفة. وتبدأ الأمور في التدهور تدريجيًا، كسلسلة من الأحداث المؤسفة: من تراجع الأداء المالي الشاحب، إلى القرارات المرتجلة والضعيفة، وصولًا إلى تفكك الفريق المتماسك.
- فالإرهاق ليس مجرد شعور عابر بالتعب، بل هو حالة مزمنة تستنزف القدرة على القيادة الخلاقة، والتجديد المستمر، والتحمل الضروري لمواجهة التحديات.
الإرهاق... العدو غير المرئي الذي يتقن فن الاختفاء
- المفارقة المحزنة أن العديد من رواد الأعمال لا يدركون أنهم يصارعون وحش الإرهاق حتى تنهار شركتهم بالكامل.
- فالأعراض غالبًا ما تُفسر بشكل خاطئ على أنها مشاكل مالية أو تنظيمية، بينما يكمن الجذر الحقيقي في الاستنزاف الداخلي الصامت، ذلك العدو غير المرئي الذي ينخر في العظام.
- في المراحل المبكرة لهذا الاستنزاف، لا يزال بالإمكان إنقاذ الموقف، لكن ذلك يتطلب قدرًا عالياً من الوعي الذاتي، تلك البوصلة الداخلية التي نادرًا ما نلتفت إليها في خضم المعركة.
- أحد أهم الأسئلة التي يجب على القادة طرحها على أنفسهم بصدق هو: "ما الذي أتظاهر بعدم معرفته؟"
- قد يفتح هذا السؤال البسيط نافذة على حقيقة الإرهاق التي نحاول أحيانًا دفنها تحت أكوام المسؤوليات.
- إن انتظار ظهور الأعراض التقليدية للإرهاق ليس هو الوقت الأمثل لتكتشف أنك تسير على حافة الهاوية.
إنه طريق طويل وشاق للعودة من نقص المال، أو غضب الموظفين بسبب إهمال قيادتك، أو التخبط في الظلام الدامس بدون رؤية وخطة واضحة.
- الخبر السار هو أن هناك مؤشرات مبكرة للإرهاق تلوح في الأفق قبل وقت طويل من ظهور هذه المشاكل الكبرى.
- وإذا تم اكتشاف الأمر مبكرًا، فإن العودة إلى المسار الصحيح تكون أقرب إلى تعديل بسيط في المسار منها إلى عملية إصلاح شاملة ومكلفة.
حين تصبح الصفات النبيلة عبئًا صامتًا
- من عجائب القدر أن العديد من الصفات التي يرفعها المجتمع على أكتاف القادة قد تكون في الواقع مؤشرات مبكرة على الاحتراق الوظيفي، تلك الشرارة التي تنذر بالرماد، وتشمل هذه الصفات:
- الصلابة: القدرة على تحمل الظروف الصعبة دون أن تنكسر الإرادة.
- العزيمة: صفة الإصرار والمثابرة، خاصة في وجه الشدائد.
- الصبر والقدرة على التحمل: التحلي بالطاقة اللازمة لتحمل الإجهاد لفترة طويلة دون تذمر.
- المثابرة: الثبات في فعل شيء ما على الرغم من الصعوبات أو التأخير في تحقيق النجاح.
- الشجاعة: الإقدام والتصميم في مواجهة المصاعب والتحديات.
- على الرغم من أنها صفات رائعة ومحمودة، إلا أنها تُستخدم أحيانًا كدروع دفاعية تخفي وراءها التعب الداخلي المتراكم.
- فحين يثني عليك الناس بسبب "قوة تحملك الخارقة"، قد تكون في الواقع على وشك الانهيار دون أن تدرك حجم الخطر المحدق بك. ما العمل إذن؟
كن كالجدول المائي
- إننا بحاجة ماسة إلى استلهام روح "الجدول المائي"؛ فالجدول المائي، وإن كان يزهو بتلك الخصال الحميدة، لا يتخذ منها وحدها درعًا واقيًا. فهو لا يترقب هبوب الأعاصير لينطلق، بل يتدفق باندفاع وثبات نحو غايته القصوى: المحيط المترامي الأطراف.
- ولا يثنيه عائق، بل يلتف حوله بدهاء، ويشق طريقه بعزيمة لا تلين، ويتراجع بحنكة، ثم ينبعث من جديد بإصرار أشد. إنه تجسيد للإصرار الفاعل، لا ذلك الخامل الذي يترقب وقوع الفعل.
- العنصر الجوهري في هذه العقلية هو: الإلحاح؛ أي التحرك الدائم بلا توقف أو تراجع، وبتصميم لا يلين على تحقيق الهدف.
- قد يستغرق الأمر لحظة لتنظر إلى هذه الكلمة بمنظور مختلف، لأننا تعلمنا أنها عادة ما ترتبط بشيء سلبي – "هذا البائع مُلحٌّ للغاية"، أو "مشاكلنا المالية لا تزال مُلحة".
- ولكن إذا ما تأملنا مسيرة حياتنا وأعمالنا بمنظور الجدول المائي المتدفق، سنجد أن الإلحاح المتوقد هو السمة الأبرز التي تُفضي إلى النجاح والإنجاز، سواء كنتم رواد أعمال طموحين أو أفرادًا يسعون إلى قمة التميز.
- فالإلحاح والتصميم هو ذلك الاندفاع المتواصل نحو الأمام، وتبني نهج هجومي استباقي لا يعرف التردد.
- كم من شركات عملاقة استعدت للعواصف بتقوية بنيانها المالي وقيادتها الرشيدة وخططها المحكمة، لكنها تلاشت أمام العزيمة الجارفة لرواد أعمال أقل موارد، لكنهم أشد إلحاحًا وتصميمًا على المضي قدمًا.
بإصرار لا يلين نحو الهدف
- إن الجداول ورواد الأعمال الناجحين لا يتباهون بقدرتهم على مجرد رد الفعل، فهذا كفيل باستنزاف طاقتنا في نهاية المطاف.
- بل إنهم يركزون جل اهتمامهم على التقدم بإصرار لا يلين وخلق تحدياتهم الذاتية التي تغذي شغفهم وتحافظ على تدفق طاقتهم.
- أخيرًا؛ إذا شعرت بأنك قد دخلت مرحلة الإنهاك، أو حتى بدأت تلوح في الأفق بوادرها، فلتعد ربط عملك بهدفك الأسمى.
- استرجع وضوح رؤيتك، ثم انطلق نحوها بإلحاح لا يعرف الكلل. لا تنتظر حتى تعترض طريقك السدود لتكسرها، بل كن كالماء... يتدفق بانسيابية، ويتقدم بثبات، حتى يبلغ غايته.
المصدر: انتربرينير
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.