اقتصاد / صحيفة الخليج

أماكن عمل خالية من الانبعاثات

أمل الشاذلي*

تشهد أماكن العمل الحديثة تحولاً جذرياً، سواء في شكلها أو وظيفتها، بغض النظر عما إذا كانت في بيئاتها التقليدية، أو حتى في أكثر المدن تطوراً في العالم. والعوامل مثل ارتفاع عالمياً، وزيادة الالتزامات المناخية، والتنوّع في الأجيال ضمن القوى العاملة، تعيد تشكيل أماكن العمل، وكلّها عناصر محورية في دعم الاستدامة واكتساب مهارات مستقبلية جديدة.
ومستقبل العمل لا يقتصر على تحولات الدوام المرن أو التعاون الرقمي، التي شاعت مع صعود اقتصاد العمل الحر، بل يتطلب أيضاً إنشاء مساحات عمل تؤثر بشكل إيجابي في صحة الكوكب، فيما تعزز الأداء البشري.
وهذا التحول المطلوب في أماكن العمل ليس مجرد ابتكار معماري، بل إعادة تصور عميقة لمفهوم المسؤولية المؤسسية، حيث يصبح كل متر مربع من مساحة مكان العمل فرصة لتحقيق الريادة في العمل المناخي. ومستقبلاً، سوف يتم تقييم أماكن العمل بناءً على مدى قدرتها على خفض البصمة الكربونية، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتحفيز المواهب.
وهناك فرص اقتصادية، تنتج عن أماكن العمل الخالية من الانبعاثات، الضرورية حتماً لمستقبلنا، فأكثر من نصف المباني الحالية، سيظل قيد الاستخدام، بحلول عام 2050، ما يجعل التحديث على المستوى التشغيلي وتحسين الكفاءة أولوية قصوى. إن المباني التي تعتمد على كفاءة ، قادرة على خفض الكلف التشغيلية بنسبة تراوح بين 20% و40%، وبعضها يحقق وفورات أكبر من خلال دمج الأنظمة الذكية.
وتحظى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي اليوم بمكانة عالمية صاعدة كوجهة رائدة في مجال التحول، الذي يركّز على الإنسان. حيث تشكل مدن مثل دبي، بظروفها المناخية وأهدافها الطموحة في مجال الاستدامة، مختبراً عالمياً متقدماً لتقنيات البناء المتقدمة. ويدفع التزام المنطقة بتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري عجلة الابتكار في مجال كفاءة المباني وتبنّي الطاقة المتجددة.
وتثبت المبادرات النوعية في منطقة الخليج، أن التحسينات البيئية يمكن تحقيقها، حتى في ظل الظروف المناخية الجافة. كما تظهر المشاريع الحديثة في المنطقة قدرة التصميم المدروس والدمج التكنولوجي على تقليل استهلاك الطاقة بأكثر من الثلث.
وهناك أمثلة عملية في القطاع تثبت أن هذا التغيير ممكن. فقد حصلت «شنايدر إلكتريك» على تصنيف «الشركة الأكثر استدامة في العالم»، بعد أن نجحت في خفض انبعاثات مورّديها بنسبة 40%، وتوفير طاقة موثوقة وصديقة للبيئة لأكثر من 50 مليون شخص حول العالم. ويعد مقرها المتطور في دبي، «ذا نيست»، الأول من نوعه، ضمن برنامجها العالمي للمباني المؤثرة Impact. وهو دليل عملي على قدرة الرقمنة على تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 37%، والتخلص من 572 طناً مترياً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. وهو يشكّل معياراً عالمياً جديداً لأماكن العمل المستدامة.
وتتجاوز الفوائد حدود فواتير الخدمات، فالشركات التي تعمل في مبانٍ مستدامة تسجّل معدلات أعلى في رضا الموظفين، ونتائج أفضل في التوظيف، وتحسّناً في السمعة المؤسسية. مع تشديد الأطر التنظيمية حول العالم، فإن الشركات التي تعتمد مبكراً استراتيجيات أماكن العمل الخالية من الانبعاثات، تعزز مكانتها وقدراتها ومرونتها في تلبية متطلبات الامتثال الراهنة والمستقبلية.
* رئيسة «شنايدر إلكتريك» لمنطقة الخليج

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا