=============
السهم قفز 600% في عام
من حارس للأمن القومي إلى مساهم في الاقتصاد الرقمي
هل يشكل تمدد «بالانتير» خطراً على خصوصيتنا؟
عندما تلتقي الخوارزميات بالقوة العسكرية
أكثر من «مليار دولار» إيرادات الربع الثاني
=============
لطالما كانت «بالانتير تكنولوجيز» واحدة من أكثر الشركات غموضاً في وادي السيليكون. وبعد أن طُوّرت في الأصل لتوفير أدوات الاستخبارات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها، أصبحت اليوم ركيزة أساسية في عمل مجموعة من الكيانات الحكومية والخاصة، وذلك عبر تحليل بيانات وتطوير رؤى مُدعّمة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة القادة على تحسين عمليات اتخاذ القرارات. وهو ما أثار في المقابل مخاوف بشأن الخصوصية، لدورها في المراقبة، وإنفاذ قوانين الهجرة.
ما هي بالانتير؟
منذ تأسيسها عام 2003، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، على يد أليكس كارب وبيتر ثيل، وضعت الشركة الحكومة الأمريكية، وخاصةً جهاز الأمن القومي، على رأس قائمة أهم عملائها. وسعت إلى تدعيم جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب باستخدام بيانات الاستخبارات العسكرية مع الحفاظ على الحريات المدنية عبر تقنيات كشف الاحتيال.
وتماشياً مع ذلك، اتبعت «بالانتير» نهج إدارة ترامب، مُعتمدةً بقوة على أجندة الرئيس «أمريكا أولاً»، من خلال توفير برمجيات تُستخدم في ترحيل المهاجرين، وتعزيز التصنيع، وتشييد درع الدفاع الصاروخي المُخطط له والمُسمى «القبة الذهبية».
تعمل «بالانتير» في مجال برمجيات تحليل البيانات وال«إيه آي» المؤسسي، وأدواتها البرمجية الرئيسية، مثل «غوثام» و«فاوندري» و«أبولو»، تُستخدم لربط مصادر بيانات مختلفة، وبناء خرائط استخباراتية، وتمكين تحليل القرار، سواء في أجهزة الدولة أو في قطاعات الأعمال. في السنوات الأخيرة ركزت الشركة على دمج نماذج لغوية وبنى تحتية للذكاء الاصطناعي، وطورت حلولاً برمجية مخصصة لتلبية احتياجات عملاء وقطاعات أكبر بجانب زبائن الحكومة.
غوثام وفاوندري
تُستخدم منصة «غوثام» التي طورتها الشركة من قِبل وكالات الدفاع والاستخبارات وإنفاذ القانون في الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى. وتُقدم معلومات استخباراتية آنية تُساعد المسؤولين العسكريين على تحديد شبكات الإرهاب، والتخطيط لهجمات الطائرات بدون طيار، واتخاذ قرارات أكثر استنارة.
أما «فاوندري»، فيلجأ إليها العملاء التجاريون في قطاعات، مثل الرعاية الصحية والتصنيع والخدمات المالية. ويسمح هذا البرنامج بإجراء عمليات محاكاة وأتمتة العمليات وبناء تطبيقات مخصصة، ويتتبع قرارات المستخدمين النهائيين، ما يخلق حلقة تغذية راجعة مستمرة بين عمليات المؤسسة وتحليلاتها.
باختصار، تُنتج برمجيات «بالانتير» الكثير من أعمال تكامل البيانات والتحليلات التي تكلف مئات الملايين من الدولارات في خدمات تكنولوجيا المعلومات.
تاريخ المؤسس
يحمل أليكس كارپ، أحد المؤسِّسين والرئيس التنفيذي للشركة، خلفية فلسفية وقانونية وثلاث شهادات من جامعات مختلفة، ويشتهر بمزيج من المواقف الفكرية، وانتقاداته لثقافة وادي السيليكون. في السنوات الأخيرة صار وجهاً بارزاً في الدفاع عن استخدام التكنولوجيا للسياسات الدفاعية والأمنية الغربية، وكتبه وتصريحاته جعلت منه شخصية مؤثرة ومثيرة للجدل على حدّ سواء.
ومع ذلك، يرى الرجل ذو ال57 عاماً، أن شركته تمنح موظفيها شهادة جديدة منفصلة عن الطبقة الاجتماعية أو الخلفية، وهي أفضل شهادة في مجال التكنولوجيا على الإطلاق. يقول: «إذا انضممت إلى بالانتير، فستكون مسيرتك المهنية جاهزة».
العلاقة مع واشنطن والأمن القومي
تُعدّ «بالانتير» شريكاً رئيسياً لجهات عدة داخل الحكومة الأمريكية، وعقودها مع واشنطن، على مدى سنوات طوال وبقيم مختلفة، جعلت منها عنصراً فاعلاً في البُنى التحتية الرقمية للأمن القومي. هذا التقارب أثار نقاشاً متواصلاً حول الشفافية والرقابة المدنية ومخاطر الاعتماد على منصات تجارية في أنظمة أمن حيوية.
وإضافة إلى التمويلات الأولية، جمعت «بالانتير» مليوني دولار عام 2005 من شركة In-Q-Tel، الذراع الاستثماري لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية. ما ساعدها على تحقيق اختراقات في قطاع الدفاع ومكافحة الإرهاب في الأماكن الأكثر سخونة في العالم، ومنع عشرات الهجمات على الولايات المتحدة.
عقود حكومية مليارية
طرحت «بالانتير» أسهمها للاكتتاب العام في 2020 عبر إدراج مباشر. وبعد ذلك، توسعت أعمالها التجارية لتشمل أكثر من 40 قطاعاً. ويأتي ما يقرب من نصف إيراداتها من العقود الحكومية، فيما تشكل الخاصة منها النصف الآخر.
وحصلت الشركة على أكثر من 322 مليون دولار من العقود الحكومية في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، بزيادة 12% عن الفترة نفسها قبل عامين. وتعكس هذه المكاسب التقدم المطرد الذي أحرزته مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019، خلال ولاية ترامب الأولى، عندما بلغت قيمة العقود الفيدرالية نحو 89 مليون دولار فقط.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يستخدم عملاقة الرهن العقاري الحكومي «فاني ماي»، الآن منصة الذكاء الاصطناعي من «بالانتير» للكشف عن الاحتيال في ثوانٍ. ولكن ربما يكون التطور الأكثر لفتاً للانتباه هو عقد الشركة الأخير لمدة 10 سنوات مع الجيش الأمريكي بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار. وهذا يزيد على ثلاثة أضعاف إجمالي إيراداتها لعام 2024.
الربحية المقرونة بالذكاء الاصطناعي
أدرك كارب مبكراً إلى أين يتجه العالم، ووضع «بالانتير تكنولوجيز» في قلب أحدث التوجهات التي تُعيد تشكيل النظام العالمي. ويُعدّ الانجراف نحو الذكاء الاصطناعي واحداً من أهم سلسلة قرارات اتخذتها الشركة، رسّخت مكانتها اليوم لاعباً مؤثراً في إدارة ترامب، وأداة أساسية للأمن القومي.
ويتوقع كارب أن تنمو أرباح الشركة في الولايات المتحدة عشرة أضعاف في السنوات الخمس المقبلة، وهو توقع مذهل يرى محللون أنه ليس بعيد المنال. وأضاف: «هذه ثورة جنونية وفعالة، الهدف هو مضاعفة الإيرادات عشرة أضعاف وتقليص أعداد الموظفين إلى 3600 موظفاً».
جاء هذا التصريح في الوقت الذي ارتفع فيه سهم «بالانتير» إلى أعلى مستوياته على الإطلاق متجاوزاً 186 دولاراً. ليأخذ المستثمرون المخضرمون رؤية كارب على محمل الجد. ولم تكن نتائج الشركة الفصلية الأخيرة جيدة فحسب، بل كانت من النوع الذي يجعل المشككين يتراجعون عن أقوالهم.
وفي ربع يونيو، ونتيجة للجمع بين النمو التجاري الهائل والعقود الحكومية الضخمة، أعلنت شركة تحليلات الذكاء الاصطناعي أفضل نتائج مالية لها على الإطلاق، حيث تجاوزت إيراداتها مليار دولار، وهو ارتفاع بنسبة 48% على أساس سنوي. لكن القصة الحقيقية كانت تختبئ في التفاصيل، إذ نمت الأرباح من عقود الحكومة الأمريكية بنسبة 53%، مع إجمالي العقود المحجوزة بقيمة 2.3 مليار دولار. وحقق السهم بالفعل قفزة صاروخية بأكثر من 600% عن العام الماضي، نهضت بقيمة الشركة السوقية إلى نحو 444 مليار دولار.
كما تضاعفت الإيرادات التجارية ل«بالانتير» بنسبة 93% تقريباً إلى 306 مليون دولار، وارتفع إجمالي الإيرادات الأمريكية بنسبة 68% ليصل إلى 733 مليون دولار. وعدلت الشركة توقعاتها للإيرادات السنوية صعودياً إلى ما بين 4.14 مليار دولار و4.15 مليار دولار.
بالنسبة للمستثمرين اليوم، لم يعد السؤال هو ما إذا كانت «بالانتير» قادرة على الوفاء بوعودها، فالشركة حققت ذلك بالفعل. بل ما إذا كانت هذه النتائج المذهلة تُبرر تقييماً يفترض الكمال لسنوات مقبلة؟
ومع اقتراح المحللين للمستثمرين شراء الأسهم عند انخفاضها بدلاً من مطاردة السهم عند أعلى مستوياته على الإطلاق، قد يكون الصبر هو الاستراتيجية الأمثل لمن يتطلعون إلى الانضمام إلى «ثورة الكفاءة الجنونية» التي أطلقها كارب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.