تشهد التجارة الخارجية الروسية زيادة في المقايضة لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي مع قيام شركات تسعى للالتفاف على العقوبات الغربية بمقايضة القمح بسيارات صينية وبذور الكتان بمواد بناء.
وحتى في الوقت الذي توطد فيه روسيا العلاقات مع الصين والهند، تُظهر عودة المقايضة إلى أي مدى شوهت الحرب في أوكرانيا العلاقات التجارية لأكبر منتج للموارد الطبيعية في العالم، وذلك بعد ثلاثة عقود من انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 الذي أدى إلى التكامل الاقتصادي بين روسيا والغرب.
وفرضت الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاؤهما أكثر من 25 ألف عقوبة مختلفة على روسيا بسبب حرب أوكرانيا في محاولة لتقويض الاقتصاد الروسي البالغ 2.2 تريليون دولار وتقويض الدعم للرئيس فلاديمير بوتين.
وفرضت واشنطن أيضا رسوما جمركية على الهند لمعاقبتها على شراء النفط الروسي.
ويقول بوتين إن أداء الاقتصاد الروسي فاق التوقعات بنموه على مدى العامين الماضيين بوتيرة أسرع من اقتصاد دول مجموعة السبع رغم التنبؤات الغربية بانهياره. وأمر الشركات والمسؤولين بتحدي العقوبات بكل الطرق الممكنة.
ومع ذلك، هناك دلائل متزايدة على تعرض الاقتصاد لضغوط. ويظهر البنك المركزي الآن أن الاقتصاد في حالة ركود فعلية ويعاني من ارتفاع التضخم.
-
نظام سويفت
وأدت بعض الإجراءات العقابية، لا سيما فصل البنوك الروسية عن نظام سويفت العالمي للمدفوعات في عام 2022 وتحذيرات واشنطن للبنوك الصينية العام الماضي من دعم المجهود الحربي الروسي، إلى تأجيج المخاوف من فرض عقوبات ثانوية.
وقال مصدر في سوق المدفوعات لرويترز "تخشى البنوك الصينية من إدراجها على قوائم العقوبات، العقوبات الثانوية، وبالتالي لا تقبل الأموال من روسيا".
ويبدو أن هذه المخاوف هي السبب وراء ظهور معاملات المقايضة التي يصعب تتبعها. وأصدرت وزارة الاقتصاد الروسية في عام 2024 "دليل معاملات المقايضة الخارجية" المكون من 14 صفحة والذي يقدم المشورة للشركات عن كيفية استخدام هذه الطريقة للالتفاف على العقوبات.
وجاء في وثيقة الوزارة أن "معاملات المقايضة في التجارة الخارجية تسمح بتبادل السلع والخدمات مع الشركات الأجنبية دون الحاجة إلى معاملات دولية".
ولم يكن هناك دليل يذكر حتى وقت قريب على الاهتمام التجاري بمثل هذه المعاملات، غير أن رويترز أفادت الشهر الماضي بأن شركة هاينان لونغبان الصينية لتكنولوجيا حقول النفط تسعى إلى مقايضة سبائك الصلب والألمنيوم بمحركات بحرية.
-
8 صفقات
وتمكنت رويترز من تحديد ثماني صفقات من هذا النوع من السلع العينية استنادا إلى مصادر تجارية وبيانات عامة من خدمات الجمارك وبيانات الشركة. ولم يعلن من قبل عن هذه المعاملات.
ورغم أن رويترز لم تتمكن من تحديد إجمالي قيمة المقايضة أو حجمها في الاقتصاد الروسي بسبب غموض المعاملات، قالت ثلاثة مصادر تجارية إن هذه الممارسة أصبحت أكثر تواترا.
وقال مكسيم سباسكي أمين المجلس العام للاتحاد الروسي الآسيوي لرجال الصناعة والأعمال لرويترز "نمو المقايضة هو أحد أعراض إلغاء (التعاملات) بالدولار وضغط العقوبات ومشاكل السيولة بين الشركاء".
وردا على طلب للتعليق لرويترز، أكدت دائرة الجمارك الروسية أن مقايضة "مجموعة واسعة من السلع" تتم مع دول مختلفة. وقالت إن عدد معاملات المقايضة ضئيل رغم ذلك مقارنة بإجمالي حجم عقود التجارة الخارجية.
وأحجمت الحكومة والبنك المركزي الروسي عن مناقشة مسألة المقايضة مع رويترز، لكنهما اكتفا بالقول إنه لا توجد بيانات متاحة عن مثل هذه المعاملات.
وفي إحدى الصفقات التي حددتها رويترز من مصدرين تجاريين، تمت مقايضة قمح روسي بسيارات صينية. وقال أحد المصدرين إن الشركاء الصينيين في الصفقة طلبوا من نظرائهم الروس الدفع بالقمح.
-
بيانات الجمارك
واشترى الشركاء الصينيون السيارات في الصين باليوان. واشترى الشريك الروسي الحبوب بالروبل. ثم تمت مقايضة القمح بالسيارات.
وأظهرت بيانات الجمارك أنه تمت مبادلة بذور الكتان بسلع تشمل أجهزة منزلية ومواد بناء من الصين في صفقتين أخريين.
وقال خبراء على دراية بالتجارة الخارجية الروسية إن إحدى صفقات الكتان، المسجلة في بيان صادر عن دائرة الجمارك الروسية بمنطقة الأورال في عام 2024، قدرت قيمتها في حدود 100 ألف دولار.
وفي صفقات أخرى، تم تسليم الصين معادن في مقابل ماكينات، وتمت مقايضة خدمات صينية بمواد خام، واشترى مستورد روسي ألمنيوم كوسيلة للدفع لشركة صينية. وكانت إحدى الصفقات مع باكستان.
وقال مصدران مطلعان على المعاملات إن بعض صفقات المقايضة سمحت بأن تستورد روسيا سلعا غربية رغم العقوبات، دون تقديم تفاصيل عن ما هي هذه السلع.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.