اقتصاد / صحيفة الخليج

التكنولوجيا لعالم أفضل

د. لويس حبيقة *

قال ستيف جوبز مؤسس شركة «أبل» إن علينا بناء المستقبل، وألا نقلق على الماضي، لأن المسيرة إيجابية ولمصلحة الإنسان والتنمية، فالاستثمار في التكنولوجيا ضروري للنجاح الاقتصادي الداخلي، كما لتعزيز موقع الدولة في الاقتصاد العالمي. ما هي العوامل المهمة للنجاح التكنولوجي المعاصر؟ هناك حجم السوق، وهو عامل ضروري لتسويق المنتجات، ودفع المبدعين نحو تطوير منتجاتهم، كذلك هناك دول صغيرة تنجح في الإبداع التكنولوجي إذا استفادت من الأسواق الخارجية، أما الدول الكبيرة فتكفيها أسواقها، وبالتالي ليست بحاجة إلى أسواق خارجية.
إلى أي مدى يمكن للدول والمؤسسات المبدعة أن تدعي أن أفكار التجدد التكنولوجي هي لها ومنها، وليست منسوخة أو منقولة من دول أو مؤسسات أخرى؟ هناك مؤسسات دولية هدفها حماية الملكية الفكرية، ومنها كل الإبداع التكنولوجي. هدف الحماية تشجيع المبدعين على الاستفادة من إبداعهم، والاستمرار في الأعمال لمصلحتهم، كما لمصلحة الاقتصادين الوطني والعالمي. المنافسة القطاعية مهمة جداً، فالمقصود هنا مدى سيطرة شركة أو عدد قليل منها على القطاع، وبالتالي تحرم الشركات الصغيرة، كما الأفراد، من إمكانية الإبداع والنجاح، فالمنافسة الحرة داخل أي قطاع هي ضرورية لمصلحة الإبداع. أما نسبة الاستثمار في التجدد على صعيد الدولة، فمهمة جداً لتشجيع جميع المواطنين على الابتكار، لذا فالنقاش ضمن الموازنات العامة السنوية مهم لإدخال أموال كافية إلى قطاع العلوم والبحوث والابتكار لمصلحة الاقتصاد، وبالتالي النمو.
العالم اليوم على مفرق طريق خطر، ليس فقط بسبب عهد ترامب، وإنما بسبب العلاقات الدولية المتعثرة في معظم المناطق، أن لم يكن جميعها، فالعالم تغير بسبب تطوير طرق العمل من المباشر إلى العمل عن بعد، ثم عودة تدريجية اليوم إلى المباشر. هناك تأثير كبير في الأجور، سيظهر أكثر فأكثر خاصة، بسبب الإنتاجية التي من المتوقع أن ترتفع مع الوقت، فالتكنولوجيا مهمة شرط أن لا تصب في مصلحة أشخاص يمنعون تعميم فوائدها على كل المواطنين. هناك نقاش عالمي اليوم يدور حول تأثير التطور التكنولوجي المدهش على سعادة الإنسان. هل إنسان اليوم أكثر سعادة من إنسان القرن الماضي مثلاً، أو غيرها من الفترات الزمنية، ما علاقة التكنولوجيا بالسعادة، إذا كان التأثير سلبياً، فلماذا نقوم بها، وما جدوى تلك الجهود الكبيرة والتكاليف الباهظة؟.
هل سيؤدي الاستثمار الكبير في التكنولوجيا إلى الوصول لعالم أفضل مريح أكثر للإنسان، وداعم أكثر للنمو والتنمية، هل سيؤدي الاستثمار الكبير في التكنولوجيا مثلاً إلى القضاء على السرطان وتصحيح مشاكل المناخ ومعالجة أسباب ونتائج الفقر، وإيجاد حلول للتطرف السياسي وسوء توزع الثروات والدخل، هل سيسيئ التطور التكنولوجي إلى الحريات بحيث يجعل القرارات محصورة في أيادٍ معدودة في قطاعي الأعمال والاستهلاك وغيرهما؟
إذا أساءت التكنولوجيا إلى الحريات والديمقراطيات، فهل هناك جدوى من الاستمرار فيها وإنفاق مليارات الدولارات على الذكاء الاصطناعي مثلاً؟ هذه أسئلة برسم العالم في مجتمعاته وقياداته، إذ إن مستقبل الأجيال المقبلة على المحك.
* كاتب اقتصادي لبناني
[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا