اقتصاد / اليوم السابع

خبراء: الاقتصاد المصرى حقق تحسنا ويجب استكماله بالإصلاحات الهيكلية

عمر الشنيطي: تراجع تكلفة الاقتراض عالميا انعكس إيجابا على بخفض تكلفة تأمين الدين إلى ما دون 4% لأول مرة منذ سنوات علاء سبع: السوق المصري بحاجة إلى طروحات جديدة لجذب الاستثمار الأجنبي عمر مهنا: لا يجب الاعتماد على تدفقات الأموال الساخنة.. ويدعو لتخارج الدولة من الاقتصاد ممثل صندوق النقد الدولي: مصر حققت تقدما ملموسا فى المؤشرات الاقتصادية.. وهناك حاجة لمزيد من التقدم فى برنامج الطروحات الحكومية وتنفيذ سياسة ملكية الدولة


عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الاثنين، ندوة هامة بعنوان: "نظرة على الأسواق المالية: الربع الثالث من عام 2025"، تم خلالها عرض ومناقشة ما حدث فى الأسواق المالية العالمية وتأثيراتها على الأسواق الناشئة والاقتصاد المصري خلال الربع الثالث من العام الحالى، وهو التقرير الذى بدأ المركز إعداده شهريا اعتبارا من يناير 2024، ويتم عرض ومناقشة نتائجه بصورة ربع سنوية، بهدف فهم الأسواق المالية فى ظل التشابكات الكبيرة لها وتأثيراته عالميا وإقليميا ومحليا.

وعرض عمر الشنيطي الشريك التنفيذي بزيلا كابيتال والاستشارى بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أهم نتائج التقرير، حيث شهدت أسعار السلع الأساسية تفاوتا ملحوظا خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع سعر برميل البترول متجاوزًا 63 دولارًا التوترات الجيوسياسية، بينما قفز الذهب إلى مستوى تاريخي عند 3845 دولارًا للأوقية، مدفوعا بمخاوف المستثمرين من تصاعد المخاطر الدولية. في المقابل، تراجعت أسعار الحديد بسبب تباطؤ الطلب في وتحسن الإنتاج عالميا.

وأضاف أن البنوك المركزية في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا اتجهت لخفض أسعار الفائدة على الرغم من عودة معدلات التضخم للارتفاع الطفيف، وذلك في محاولة لدعم النمو الاقتصادي في ظل ضعف معدلات التوظيف والضغوط الناتجة عن السياسات التجارية الأمريكية، وهو ما عزز أداء أسواق المال العالمية، حيث حققت مؤشرات الأسهم الأمريكية مستويات قياسية جديدة، نتيجة توقعات مزيد من خفض الفائدة الأمريكية وارتفاع الطلب على الـAI وأداء شركات التكنولوجيا.

أما في الأسواق الناشئة، أوضح الشنيطي أن التضخم بدأ ينخفض في عدة دول مثل تركيا وجنوب أفريقيا، بينما ارتفع في الهند بفعل أسعار الغذاء، وفضلت أغلب البنوك المركزية في هذه الاقتصادات تثبيت أسعار الفائدة، انتظارا لاتضاح توجه السياسات النقدية في الغرب.

وأشار إلى أن أسواق المال في تركيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية استفادت من تدفق الاستثمارات مع تراجع تكلفة الاقتراض عالميا، في حين واجهت بورصات الخليج ضغوطا شديدة نتيجة الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل والتوترات الإقليمية.

وفيما يتعلق بالاقتصاد المصري، أوضح الشنيطي أن تراجع تكلفة الاقتراض عالميا انعكس إيجابا على مصر، حيث انخفضت تكلفة تأمين الدين إلى ما دون 4% لأول مرة منذ سنوات، كما ساعد انخفاض التضخم المحلي على تمكين البنك المركزي من خفض أسعار الفائدة تدريجيا.

وأشار إلى أن التدفقات الدولارية تحسنت بشكل لافت، مدعومة بارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، ما عزز احتياطيات النقد الأجنبي التي تقترب من 50 مليار دولار.

وفيما يتعلق بسعر الصرف، أوضح أن الجنيه المصري شهد تحسنا طفيفا أمام الدولار، حيث تراجع السعر الرسمي من 50 إلى 48 جنيها، بما يتماشى مع تراجع العملة الأمريكية عالميا، لكنه لفت إلى عودة الفجوة بين السعر الرسمي وبعض الأسعار غير الرسمية والتى تبلغ حاليا نحو 4 – 5%، وهو ما يتطلب متابعة دقيقة لمنع اتساعها.

وعقب الدكتور محمد فؤاد رئيس مركز العدل لدراسات السياسات العامة، بقوله أن العالم يشهد حالة من الانفصال الإيقاعي بين الاقتصادات الكبرى، وهو ما ينعكس بوضوح على الأسواق المالية والسلعية وكذلك على وضعية الأسواق الناشئة، ومنها مصر.

وأوضح فؤاد أن الولايات المتحدة تتحرك مدفوعة بعاملين أساسيين: الطفرة التكنولوجية والتيسير النقدي، ما يمنحها زخما استثنائيا في النمو. في المقابل، تواجه أوروبا تباطؤا نسبيا، بينما تستمر الصين في معاناتها من مشكلات هيكلية متراكمة، وإن كان حجم اقتصادها الضخم يمنحها قدرة على الصمود.

واختتم فؤاد كلمته بالحديث عن الوضع في مصر، مؤكدا أن الأرقام تعكس تحسنا في الأصول الأجنبية واستقرارا نسبيا، لكنه شدد على أن هذا التحسن يظل مؤقتا ما لم يصاحبه اهتمام جاد بالإصلاحات الهيكلية، وأوضح أن التجربة المعتادة للأسواق الناشئة تبدأ بضبط سعر الصرف ثم استقرار التدفقات، غير أن المرحلة الأهم ــ المتمثلة في الإصلاحات العميقة لدعم التشغيل والإنتاج ــ ما زالت غائبة، وهو ما يتطلب مواجهة أكثر جرأة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

من جانبه أكد علاء الدين سبع رئيس مجلس إدارة شركة بساطة القابضة للمدفوعات المالية، أن السوق المصري يحتاج بشكل إلى طروحات جديدة (IPOs) قادرة على إعادة جذب المستثمرين الأجانب والعرب، مشيرا إلى أن تجربة طرح شركة "بنيان" رغم عدم نجاحها بالشكل المتوقع، إلا أنها فتحت الباب أمام المزيد من الطروحات. وأضاف أن هناك قائمة من الطروحات المنتظرة، لكن السوق بحاجة إلى تسريعها، خاصة الطروحات الحكومية التي طال انتظارها مثل طرح بنك القاهرة.

وأوضح السبع أن قطاع البنوك في يحتاج إلى لاعب جديد بحجم مناسب بجانب البنك التجاري الدولي، مما سيعزز الثقة ويشجع المستثمرين على العودة. ولفت إلى أن حجم التداول اليومي في السوق لا يعكس حجم الاقتصاد المصري الحقيقي، إذ بلغ مؤخرًا نحو 3.5 مليار جنيه فقط، أي ما يعادل 50 إلى 60 مليون دولار يوميا، مقارنة بما يزيد عن 100 مليون دولار قبل 10 – 15 عاما.

وشدد السبع على أن تقييمات الأسهم في مصر متدنية للغاية مقارنة بالأسواق الإقليمية، حيث يبلغ متوسط مضاعف الربحية (P/E) نحو 8 فقط، وهو ما يعكس فرصة كبيرة لجذب استثمارات جديدة شريطة توفير "بضاعة جديدة" في السوق عبر إدراج شركات كبرى. وقال: "الوقت الحالي هو الأنسب لإحياء السوق عبر طروحات جديدة تعيد النشاط وتستقطب الأموال."

وانتقد الاعتماد المفرط على "الأموال الساخنة" في أدوات الدين، مؤكدا أن تحويل هذه الاستثمارات من أدوات دخل ثابت إلى أسهم سيكون أكثر فائدة على المدى الطويل. كما دعا إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع تحويلات المصريين في الخارج، معتبرا أنها تمثل "منتجا اقتصاديا" رئيسيا يجب تطويره بدلا من الاكتفاء باعتبارها مصدرا جاهزا للعملة الصعبة، وهو ما يتطلب رؤية تركز على "إنتاج الكفاءات البشرية" عبر تدريب وتأهيل الشباب للمهن المطلوبة عالميا، بما يزيد من قدرتهم على العمل بالخارج وتحويل دخل أكبر إلى الاقتصاد الوطني.

من جانبه قال شريف سامي رئيس هيئة الرقابة المالية الأسبق، أن ارتفاع الذهب عالميا لا يعود فقط لضعف الدولار، بل أيضا لزيادة مشتريات البنوك المركزية في آسيا ودول أخرى ضمن إعادة تشكيل احتياطياتها، مشيرا إلى أن هذه العوامل ساهمت في الطلب الكبير على المعدن الأصفر. لكنه انتقد في الوقت ذاته التركيز المفرط على صناديق الاستثمار في الذهب داخل مصر، معتبرا أنها أداة غير منتجة اقتصاديا، ولا يوجد ما يبرر الدعم غير المسبوق لها مقارنة بصناديق الأسهم أو أدوات التمويل الأخرى.

وتطرق سامي إلى ملف تحويلات المصريين بالخارج، مؤكدا أن التعامل معها يظل تقليديا ويقتصر على التحويلات المباشرة، في حين تحتاج الدولة إلى ابتكار أدوات مالية وخدمات تأمينية واستثمارية مضافة لتشجيع هذه الشريحة، أسوة بدول منافسة مثل الهند وباكستان والمغرب. ودعا البنك المركزي والقطاع المالي إلى قيادة هذا التوجه من خلال التوسع في الخدمات الرقمية وتسهيل المعاملات عن بعد.

وفي الشأن المحلي، شدد سامي على ضرورة الانتقال من التركيز على المؤشرات الكلية إلى سياسات قطاعية أكثر وضوحًا، تضع أولويات صناعات استراتيجية مثل السيارات، البتروكيماويات، الأسمدة، مواد البناء، والزراعة التصديرية. وأوضح أن جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة يتطلب رؤى واضحة لكل قطاع، على غرار التجربة المغربية في صناعة السيارات والسينما، والتي حولت نقاط القوة إلى أدوات جذب عالمية.

د. أليكس سيجورا-أوبيرجو ممثل مقيم أول، لصندوق النقد الدولي فى مصر، أشار إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة تتسم بارتفاع مستويات عدم اليقين، مدفوعا بالنقاشات حول الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية، ما يزيد من صعوبة إدارة السياسات الاقتصادية، وأوضح أن التراجع في حدة التوترات بالأسواق المالية خلال الأشهر الماضية انعكس إيجابا على أوضاع الأسواق الناشئة.

وأشار إلى أن انخفاض معدلات التضخم عالميا يمثل تطورا إيجابيا، لافتا إلى التباين بين الاقتصادات الكبرى؛ حيث تشهد الولايات المتحدة ضغوطا تضخمية، بينما تواجه أوروبا تباطؤا، في حين بدأت تخرج من حالة الانكماش الطويلة، لافتا تراجع التضخم فى مصر بشكل ملحوظ وهو ما يعد خطوة مشجعة.

وتناول ممثل صندوق النقد أحد أبرز التحديات الراهنة وهو ضيق الحيز المالي نتيجة ارتفاع الدين العام عالميا عقب الجائحة، وهو ما يقلل من قدرة صناع السياسات على مواجهة الصدمات الجديدة، مؤكدا ضرورة التركيز على إصلاحات تعزز النمو والإنتاجية وتخلق فرص عمل.

وفيما يخص مصر، أوضح أليكس أن هناك تقدما كبيرا تحقق منذ مارس 2024 على صعيد استعادة الاستقرار الكلي، إذ تراجع التضخم من قرابة 40% في إلى 12% مؤخرا، مع التزام واضح من السلطات بالانضباط المالي وتعزيز الإيرادات، كما أشار إلى قوة القطاع الخارجي مدعومة بارتفاع الاحتياطيات الدولية وتدفقات والتحويلات والاستثمار الأجنبي المباشر.

ولفت إلى إصلاحات ملموسة في منظومة الجمارك، حيث انخفضت مدة الإفراج عن البضائع من أسبوعين إلى أسبوع، مع خطط لخفضها إلى يومين فقط خلال شهرين، مشيرا إلى أن تعميم هذه النجاحات على مجالات أخرى مثل النظام الضريبي وتراخيص البناء يمكن أن يحسن ترتيب مصر في المؤشرات الدولية.

وأكد أن التقدم المطلوب لا يقتصر على الجانب المالي من الطروحات، وإنما الأهم هو إتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص عبر تنفيذ فعال لسياسة ملكية الدولة الصادرة عام 2022، بما يضمن المنافسة العادلة ويعزز ثقة المستثمرين، لافتا إلى الحاجة لتحقيق مزيد من التقدم فى برنامج الطروحات الحكومية وتنفيذ سياسة ملكية الدولة.

كما شدد على أهمية التركيز على القطاعات الواعدة مثل السياحة والصناعات التحويلية، معتبرا أن مصر تمتلك مقومات كبيرة بفضل موقعها الجغرافي وتكلفة العمالة التنافسية والاستقرار السياسي، لكنها تحتاج إلى إصلاحات أعمق لزيادة جاذبيتها الاستثمارية.

وأشار أيضا إلى ضرورة التوسع في برامج الحماية الاجتماعية مثل "تكافل وكرامة"، باعتبارها آلية فعالة لدعم الفئات الأكثر احتياجا لحين توافر فرص العمل، مؤكدا أن الصندوق لا يوصى برفع الأسعار بل على العكس يساند استمرار خفض التضخم.

وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، أثنى ممثل صندوق النقد على إدارة البنك المركزي، مشيرا إلى أن استمرار تراجع التضخم سيوفر مساحة لخفض تدريجي في أسعار الفائدة التى لا تزال مرتفعة، مع التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة باعتبارها الأقل حساسية لتقلبات الفائدة وأكثر استدامة من التدفقات قصيرة الأجل.

وأكد على أن مصر قطعت شوطا مهما في مسار الإصلاح الاقتصادي، غير أن التحدي الأكبر يبقى في مواصلة الإصلاحات الهيكلية التي تعزز تنافسية الاقتصاد وتوفر وظائف جديدة.

وعلق عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، بقوله أن تحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري أمر جيد، ولكن لا يجب الاعتماد على تدفقات الأموال الساخنة، وما نحتاجه هو الاستثمار الأجنبى المباشر، مؤكدا أن جذب هذا الاستثمار يتطلب تحسين بيئة الاستثمار وتخارج الدولة من الاقتصاد وإفساح المجال أمام القطاع الخاص وتعزيز قدرته على المنافسة.

وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أن التحسن الذي يشهده الاقتصاد المصري ما زال مؤقتا، مشيرة إلى أن الفجوة الواضحة بين سعر الصرف الحقيقي وسعر البنك المركزي تعكس استمرار غياب الثقة، وأن مصر لم تتمكن بعد من الخروج من الحلقة المفرغة. وحذرت من أن استمرار خروج بعض الشركات من السوق، رغم تحسن المؤشرات الكلية، يمثل علامة استفهام تستدعي التوقف، خاصة في ظل استمرار اعتماد الدولة على الاستدانة.

وأكدت أن مصر بحاجة إلى دفع النمو الحقيقي والتنمية الملموسة على الأرض، بحيث ينعكس التحسن الاقتصادي على فرص العمل ومستوى المعيشة، كما أوضحت أن تراجع معدل التضخم إلى 12% لا يعني انتهاء الأزمة، لأن الأسعار ما زالت مرتفعة وتشكل عبئا مباشرا على المواطنين. وأشادت بالتحسن الملحوظ في الإجراءات الجمركية، معتبرة أنه نموذج إيجابي للإصلاح يمكن البناء عليه في مجالات أخرى، وهو نتيجة لدراسة هامة قام المركز المصري للدراسات الاقتصادية.

وحذرت من خطورة التركيز على تحسين ترتيب مصر في التقارير الدولية مثل تقرير البنك الدولي الجديد باعتباره هدفا في ذاته، مؤكدة أن الأهم هو تحقيق إصلاحات حقيقية على أرض الواقع، إذ إن التقدم الفعلي سينعكس تلقائيا على هذا الترتيب.

 

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا