اقتصاد / صحيفة الخليج

من الـ «دوت كوم» إلى الذكاء الاصطناعي.. هل تتكرر الفقاعة؟

قبل نحو ربع قرن، شهد العالم انفجار «فقاعة الدوت كوم» التي غذّتها آمال غير واقعية في أرباح الإنترنت، قبل أن تنفجر وتطيح بشركات ومليارات. واليوم، ومع تدفق مئات المليارات من الدولارات نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي، تتزايد التحذيرات من سيناريو مشابه... فهل يعيش العالم فصلاً جديداً من طفرة رقمية لا تلبث أن تنقلب إلى فقاعة؟

تُضاعف شركات التكنولوجيا العملاقة استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي، في سباق محموم لامتلاك البنية التحتية المستقبلية للاقتصاد الرقمي. ففي الأسبوع المنصرم، أعلنت شركة «إنفيديا» المتخصصة في صناعة الرقائق الإلكترونية، عن ضخّ 100 مليار دولار إضافية في شركة «أوبن إيه آي»، لتوسيع مراكز بياناتها الضخمة.

هذه المبالغ ليست استثنائية، بل جزء من طفرة إنفاق متسارعة، إذ يُتوقع أن يصل حجم الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي إلى 1.5 تريليون دولار عام 2025، وفق «غارتنر». ويرجّح أن يتجاوز تريليوني دولار في 2026، أي ما يعادل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

على الرغم من أن العوائد الإنتاجية المباشرة ما زالت بعيدة عن تعويض التكاليف، يؤمن المستثمرون أن الذكاء الاصطناعي هو «الثورة التكنولوجية الكبرى التالية»، على غرار الكهرباء والإنترنت، بحسب دينيس بارير، رئيس صندوق «كاثاي إنوفيشن».منذ 2013 وحتى 2024، بلغ حجم الاستثمارات الخاصة في الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة نحو 470 مليار دولار، ربعها تم ضخه في العام الماضي فقط، وفقاً لتقرير صادر عن جامعة ستانفورد. وتلتها باستثمارات وصلت إلى 119 مليار دولار. وتستحوذ حفنة من عمالقة التكنولوجيا على القسم الأكبر من هذه الاستثمارات، تتقدمهم «أوبن إيه آي»، المطوّرة ل«تشات جي بي تي»، التي تُقدّر قيمتها السوقية حالياً ب500 مليار دولار، لتتفوّق بذلك على «سبيس إكس» التابعة لإيلون ماسك، وتصبح أكبر شركة ناشئة غير مدرجة في العالم.

شراكات ضخمة

تُعد «أوبن إيه آي» محوراً لمشاريع استثمارية كبرى، أبرزها مشروع «ستارغيت» الذي يسعى إلى جمع 500 مليار دولار بحلول 2029، لإنشاء مراكز بيانات ضخمة في ولاية تكساس، بمساحة توازي حي مانهاتن. ويشارك في هذا التحالف شركات عملاقة مثل «سوفت بنك»، «مايكروسوفت»، «أوراكل» و«إنفيديا».

ويطرح هذا التمويل الضخم تساؤلات حول مصدر الإيرادات، حيث تعتمد الشركات على سيولة ضخمة، ورهانات مستقبلية بأن قيمة الاستثمارات ستتضاعف. أحد المستثمرين في وادي السيليكون علّق قائلاً: «إنفيديا تمنح 100 مليار دولار لأوبن إيه آي، مدركة أن قيمتها ستبلغ 200 مليار غداً».

التمويل الدائري

لكن هذه الممارسات الاستثمارية تثير جدلاً واسعاً، إذ تلجأ شركات مثل «إنفيديا» إلى ما يُعرف ب«التمويل الدائري»، حيث تستثمر في شركات ناشئة تعتمد على شراء رقائقها، ما يضمن لها عوائد غير مباشرة.

المحللة ستايسي راسغون من «بيرنستين ريسرتش» ترى أن الصفقة الأخيرة مع «أوبن إيه آي»، «تُغذي (وربما بحق) المخاوف من تضخّم التقييمات، وتطرح تساؤلات حول مشروعية هذا النموذج المالي».

عائدات متواضعة

على الرغم من ضخامة هذه الأرقام، فإن العائدات الحالية لا تزال متواضعة. ف «أوبن إيه آي» تُقدّر إيراداتها بنحو 13 مليار دولار فقط، وتواجه منافسة من شركات ناشئة أخرى مثل «أنتروبيك» و«ميسترال».وعلى الرغم من أن «شات جي بي تي» يستخدمه أكثر من 700 مليون شخص، أي نحو 9% من سكان العالم، فإن الغالبية تستخدم الخدمة مجاناً. ومع ذلك، يرى الشركاء أن الذكاء الاصطناعي سيصبح أداة لا غنى عنها، ما قد يُمهّد لتحصيل إيرادات ضخمة مستقبلاً.

لكن هذه الرؤية المستقبلية تتطلب صبراً وتمويلاً ضخماً. وبحسب شركة «بان»، فإن تلبية الطلب العالمي على الحوسبة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ستكلف أكثر من 500 مليار دولار سنوياً بحلول 2030، مع الحاجة إلى إيرادات سنوية تصل إلى تريليوني دولار. وعلى الرغم من ذلك، يُتوقع عجز مالي في القطاع يناهز 800 مليار دولار.

العبء لا يتوقف عند التكاليف المالية فقط، بل يمتد إلى . فقد تصل البصمة الكهربائية العالمية لتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى 200 غيغاواط بحلول عام 2030.

هل نحن أمام فقاعة؟

على الرغم من التحذيرات، يتمسّك بعض المحللين بالتفاؤل. يقول دان إيفز، المحلل في «ويدبوش»، إن ما نراه اليوم يُشبه إلى حد كبير عام 1996 خلال بداية فورة الإنترنت، وليس عام 1999 قبيل انفجار فقاعة الدوت كوم.

ويؤكد أحد المستثمرين في وادي السيليكون: «صحيح أن مبالغ ضخمة ستُهدر، وسيخسر كثيرون، كما حدث في فقاعة الإنترنت... لكن الإنترنت نجا، والذكاء الاصطناعي سينجو أيضاً». (أ ف ب)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا