مع انطلاقة مجوهرات الذهب الصيني الخالص الصلب عالميًا، تُعيد ثورة هادئة تشكيل صناعة الذهب – ثورة تُميزها أحدث التقنيات المعدنية، وطلب المستهلكين الشباب، وطموح دولي متزايد، إلا أن هذه الثورة نفسها تُخيّم عليها حيرة: هل “الذهب الصيني” انتصار تكنولوجي أم خداع تجاري؟

في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا، تُثير عبارة “الذهب الصيني” جدلًا – وأحيانًا شكوكًا. ففي الأسواق العربية الشائعة، غالبًا ما تُشير إلى حُلي رخيصة مطلية بالذهب، لكنها في الأوساط الصناعية والمالية، تُشير إلى شيء مختلف تمامًا: ذهب أصلي عالي النقاء عيار 24 قيراطًا، مُصمّم ليُضفي جمالًا ومتانة على كليهما.

صعود الذهب الخالص الصلب: رد الصين على سوق الذهب الحديث

وفقًا لمجلس الذهب العالمي (WGC)، يشهد سوق المجوهرات في الصين تحولًا يقوده “الذهب الخالص الصلب” – وهو شكل من الجيل التالي من مجوهرات الذهب الخالص يجمع بين نقاء 99.9% وصلابة ومرونة مُحسّنة.

صرح رولاند وانغ، الرئيس التنفيذي الإقليمي (الصين) لمجلس الذهب العالمي، بأن هذا الابتكار مكّن صناعة الذهب في الصين من الصمود في وجه الضغوط المزدوجة المتمثلة في التضخم العالمي وارتفاع أسعار الذهب، مشيرًا إلى أنه في حين انخفض الطلب الفعلي بنسبة 20% في عام 2025، ارتفعت القيمة الإجمالية لمبيعات مجوهرات الذهب بنسبة 13% على أساس سنوي لتصل إلى 7 مليارات دولار أمريكي.

وأوضح وانغ: “يلتزم المستهلكون بميزانياتهم، لكنهم يطلبون منتجات ذهبية أخف وزنًا ومبتكرة وعصرية. وتلبي مجوهرات الذهب الخالص الصلب هذه الحاجة – فهي نقية وعملية في الوقت نفسه”.

التكنولوجيا تلتقي بالتقاليد
يُنتج الذهب الخالص الصلب باستخدام تقنيات متقدمة مثل التشكيل الكهربائي والتصميم المدعوم بالذكاء الاصطناعي، ويجمع بين المتانة ومرونة التصميم، موفرًا قطعًا خفيفة الوزن وجذابة بصريًا. على سبيل المثال، يمكن لعقد يزن 2 غرام أن يُضاهي في ثقله ولمعانه قطعة تقليدية تزن 4 غرامات.

هذا الإنجاز التكنولوجي – الذي يمزج بين الحرفية القديمة والهندسة الدقيقة الحديثة – جعل الذهب الخالص الصلب أسرع قطاعات المجوهرات نموًا في الصين، حيث سيمثل ما يصل إلى 25% من مبيعات المجوهرات الذهبية الوطنية في عام 2024.

في مايو 2025، قامت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية بتدوين هذه المادة بموجب المعيار الصناعي الجديد QB/T 5793-2024، الذي يُعرّف الذهب الخالص الصلب بأنه ذهب بنسبة نقاء لا تقل عن 99.9% وصلابة تزيد عن 60HV على مقياس فيكرز.

قال وانغ: “يمنح هذا المعيار الرسمي ثقة المستهلكين ويوفر للقطاع معيارًا موحدًا. فهو يُزيل اللبس الناتج عن المصطلحات التسويقية الشائعة مثل ذهب “ثلاثي الأبعاد” أو “خمسة غرامات”. من شنتشن إلى العالم: طموحات الصين العالمية في مجال الذهب

ما بدأ كإبداع محلي، يمتد الآن إلى الخارج. يعرض مصنعو الذهب الصينيون – من شركة شنتشن سويكي للمجوهرات المحدودة إلى شركة زيجين ماينينغ جروب للذهب والمجوهرات المحدودة – مجموعات “الذهب الصلب الخالص” دوليًا، بدءًا من جناح “الذهب الصلب الخالص” في معرض المجوهرات والأحجار الكريمة العالمي في هونغ كونغ 2025.

قال وانغ: “يجمع الذهب الصلب الخالص بين القيمة الخالدة للذهب الخالص والجماليات المعاصرة. إنه ابتكار يجذب كلًا من المشترين الشباب في الصين والأسواق التقليدية في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا”.

كما تعاون مجلس الذهب العالمي مع كبار تجار التجزئة الصينيين للترويج للذهب الصلب الخالص من خلال حملات تسويقية ومعارض تجارية عالمية، معتبرًا إياه مزيجًا من الفخامة والثقافة والتكنولوجيا.

الحيرة: عندما يعني “الذهب الصيني” شيئًا آخر تمامًا
على الرغم من هذا النجاح، لا يزال “الذهب الصيني” مصطلحًا مثيرًا للجدل في الأسواق العالمية. كشف تحقيق خاص أجرته “بروفايل نيوز” أنه على الرغم من استيفاء الذهب الصيني الأصلي لمعايير النقاء الدولية، إلا أن معظم ما يُباع عبر الإنترنت أو في الأسواق غير الرسمية هو مجوهرات مقلدة مطلية.

في هذه الحالات، يشير “الذهب الصيني” إلى معادن أساسية مثل النحاس أو الفولاذ المطلي بطبقة رقيقة من الذهب، وغالبًا ما يُختم بـ “GP” (مطلي بالذهب). هذه القطع المقلدة، التي تُسوّق على أنها “مطلية عيار 24 قيراطًا” أو “لون مدى الحياة”، لا تُعتبر ذهبًا قانونيًا، وليس لها قيمة إعادة بيع أو استثمار.

لخص صائغ من بيروت، أُجريت معه مقابلة لإعداد التقرير، الأمر بصراحة: “يشبه الذهب الصيني الذهب الحقيقي في اللون فقط. إنه أخف وزنًا وأرخص ثمنًا، ويتلاشى لونه مع مرور الوقت. إنها موضة – وليست تمويلًا”.

الذهب الخالص الصلب مقابل الذهب المطلي: الفرق الجوهري
المظهر: “ذهب صيني” مطلي
ذهب خالص صلب (عيار 24 قيراطًا حقيقيًا)
التركيب: معدن أساسي مطلي بالذهب
ذهب خالص بنسبة 99.9%
المتانة: بهتان اللون أو تقشره
صلابة أعلى من 60 درجة فهرنهايت، مقاومة للتآكل
القيمة السوقية: لا قيمة لإعادة البيع
مرتبط بسعر الذهب العالمي
الدمغة: عادةً ما تكون “GP” أو غير مميزة
مختومة بـ “999” أو “24 قيراطًا”
الغرض: زينة مؤقتة

أكدت بورصة شنغهاي للذهب ومجلس الذهب العالمي مرارًا وتكرارًا أن الذهب الصيني الخالص الصلب الأصيل “من بين أنقى أنواع الذهب في العالم”، حيث يخضع إنتاجه لمراقبة صارمة بموجب أنظمة التصديق الوطنية.

قصة سوقين – وتحذير
أثارت الهوية المزدوجة لـ “الذهب الصيني” – أحدهما أصلي والآخر مُضلِّل – بلبلة عامة وقفزات حادة في محركات البحث حول العالم. تُظهر بيانات اتجاهات جوجل من منتصف عام 2025 ارتفاعًا حادًا في عمليات البحث عن “الذهب الصيني”، مدفوعًا بعدم الاستقرار الاقتصادي والبحث عن خيارات استثمارية ميسورة التكلفة.

يحث الخبراء على الحذر. فرغم تزايد توفر مجوهرات الذهب الخالص الصلب الأصلية عبر قنوات معتمدة، إلا أنها لا تزال نادرة في أسواق الشرق الأوسط، حيث لا تزال معظم منتجات “الذهب الصيني” عبارة عن تقليد مطلي بثمن بخس.

ويخلص التقرير إلى أنه ينبغي على المستهلكين التحقق من علامات الجودة، وطلب شهادات المنشأ، والشراء فقط من صائغي المجوهرات المرخصين لتجنب الخداع المكلف.

اقرأ أيضا.. مفاجأة مذهلة.. آخر ديناصورات العالم متاح للبيع مقابل 3 ملايين جنيه إسترليني

مستقبل ذهبي – إذا كانت الرسالة واضحة
مع الذهب الخالص الصلب، لا تُصدِّر الصين المجوهرات فحسب، بل تُصدِّر معيارًا جديدًا للذهب. يُعيد هذا الابتكار تعريف ما يمكن أن يكون عليه الذهب عيار 24 قيراطًا: نقي ومتين، قديم وعصري، فاخر وسهل المنال.

لكي تنجح هذه الثورة عالميًا، يجب أن ينتصر الوضوح على الالتباس. يجب أن يتعلم العالم التمييز بين اللمعان الزائف للطلاء المقلد والتألق الأصيل لحرفية الذهب الصينية الجديدة.

وكما قال وانغ، رئيس مجلس الذهب العالمي، “الذهب الخالص الصلب ليس مجرد منتج، بل هو مستقبل مجوهرات الذهب”