الارشيف / عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

التفوق الروسي يضع الولايات المتحدة وأوكرانيا على مفترق طرق

  • 1/2
  • 2/2

التفوق الروسي في حرب أوكرانيا، يؤدي إلى دفع الولايات المتحدة إلى خيار مؤلم. وإذا كان المطلوب التوصل إلى أوكرانيا مزدهرة بطريق موثوقة نحو الحكم الليبرالي، وعضوية الاتحاد الأوروبي، فيجب الاعتراف بأنها لا تستطيع أن تكون عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو حليفاً للولايات المتحدة، وأن أوكرانيا الحيادية، يجب أن تكون ذات سقف محدد، يمكن التحقق منه حول نوعية وكميات الأسلحة التي يمكن أن تمتلكها. وإذا رفضنا الموافقة على هذه الشروط، فإن روسيا ربما تحول أوكرانيا إلى دولة محطمة غير فاعلة، وعاجزة عن بناء نفسها، أو تشكيل تهديد عسكري لروسيا.

وفي الواقع، فإن التقدم الروسي غير واضح تماماً على الخريطة، حيث لم تتحرك خطوط المعركة بصورة ملحوظة خلال العام الماضي. وفشل الهجوم المعاكس الأوكراني في اختراق الدفاعات الروسية، كما أن روسيا لم تجبر القوات الأوكرانية على التراجع على نحو مهم باتجاه الغرب. وأي مراقبة تقارن بين الأراضي التي كانت تسيطر عليها في يناير مع يناير 2024، ربما تصل إلى على نحو معقول بأن الحرب قد وصلت إلى طريق مسدود.

ولكن هذه الصورة تبدو مضللة، إذ إن الكرملين بالتأكيد لا يسعى إلى تحقيق مثل هذا الاختراق على الأقل حتى الآن، فهو يسعى إلى تحطيم قدرات أوكرانيا بصورة منهجية، وليس بشن الحرب وحسب. وإنما أيضاً بإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب، من خلال قتل وجرح أعداد هائلة من الجنود الأوكرانيين، واستنفاد الترسانات الأوكرانية والغربية من الأسلحة والذخيرة. ولا تملك أوكرانيا سوى كمية محدودة من قذائف المدفعية، كما أن الولايات المتحدة وأوروبا لا يمكنهما صنع قذائف جديدة بسرعة كافية، لتأمين الكمية التي تحتاج إليها أوكرانيا. ويتفوق وابل الصواريخ الروسية البعيدة المدى بصورة متزايدة على قدرة المضادات الجوية الأوكرانية، ويفتقر الغرب وببساطة إلى القدرة على مواصلة تأمين صواريخ باتريوت أو أي أنظمة دفاعية جوية متطورة أخرى.

إنهاء المساعدات لكييف

يبدو أن ما حذرت منه إدارة الرئيس الأميركي جو كان صحيحاً، إذ إن إنهاء المساعدات الأميركية لأوكرانيا، سيؤدي وبسرعة إلى انهيارها، ولهذا فإن المساعدات الكافية لأوكرانيا على الوقوف بنجاح في موقف دفاعي، لابد أن تستمر. ولكن ما يحتاج صنّاع القرار في الولايات المتحدة إلى فهمه والاعتراف به بصدق، هو أنه في غياب تسوية سلمية توفيقية، يجب أن تستمر مستويات هائلة من المساعدات ليس فقط للعام المقبل، ولكن إلى أجل غير مسمى. وفي الواقع، فإن الفرصة الواقعية ضئيلة للغاية في أن يتمكن الغرب من الصمود أكثر من روسيا، ويرغمها على قبول السلام بشروط أوكرانية. وتعكس الخلافات في الكونغرس بشأن المساعدات لأوكرانيا هذه الحقائق، ومن غير المرجح انخفاض هذه الخلافات.

وفي ظل هذه الظروف، فإن تعهد إدارة بايدن بتقديم الدعم الأميركي لأوكرانيا «مهما طال الزمن» من أجل هزيمة روسيا، هو أمر غير حكيم، بل وغير آمن. ويعتقد على نطاق واسع في واشنطن، أن فشل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، يعني أن الغرب ليس أمامه أي خيار سوى دعم قتال أوكرانيا ضد روسيا لسنوات عدة قادمة. ولكن السعي إلى التوصل إلى حل وسط مع موسكو لا يعد أمراً غير مرغوب فيه وحسب، وإنما غير مجدٍ أيضاً. وفي غياب البدائل، يتعين علينا مواصلة المسار الحالي، على أمل أن يعمل الوقت على تحسين موقف أوكرانيا.

عامل الوقت

ولكن الوقت ليس إلى جانب أوكرانيا، لا على الصعيد العسكري، ولا الاقتصادي، ولهذا فإن مستقبل أوكرانيا في أي مفاوضات مستقبلية، سيكون أكثر سوءاً مما هو عليه في الوقت الحاضر. ويعادل عدد سكان روسيا أربعة أضعاف عدد سكان أوكرانيا على الأقل، كما أن إجمالي ناتجها المحلي، يعادل 14 مرة إجمالي الناتج المحلي لأوكرانيا. ويتمتع الجيش الروسي بقيادة أفضل بكثير، وأكثر مهارة من الناحية التكتيكية مما كان عليه في بداية الحرب، ولا تظهر العقوبات الغربية، أي مؤشرات تُذكر على قدرتها على شل الاقتصاد الروسي، الذي أصبح أكثر توجهاً نحو الاقتصاد الحر.

وبغض النظر عمّا يمكن أن يقوله الاتحاد الأوروبي، فطالما أن الحرب متواصلة، فمن غير المرجح مطلقاً أن تتمكن أوكرانيا من التطور اقتصادياً، والبدء في العملية الصعبة للغاية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

والأمر الأكثر أهمية، أن الولايات المتحدة لم تختبر الافتراض القائل إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس لديه مصلحة في إجراء محادثات مع أوكرانيا. وعلى الأرجح فإن بوتين يعتقد أن روسيا أصبحت تمتلك الآن اليد العليا في الحرب، وتستطيع الانتظار ببساطة. ومع ذلك، أصر بوتين مراراً وتكراراً على أن روسيا لن تتخذ القرارات الرئيسة في الحرب، وبالتالي فإن الأمر متروك لواشنطن للمشاركة في المحادثات.

عودة ترامب إلى السلطة

ربما يعتقد الرئيس بوتين أن غياب أي تسوية، يجعل روسيا في مواجهة مستمرة مع الغرب، وهو الأمر الذي يكلف الكرملين على الصعيد الاقتصادي. ويرى البعض أن بوتين قد يعتقد أيضاً أن وصول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى السلطة هو أفضل أمل للتوصل إلى تسوية بالشروط الروسية، لكن ترامب وإن كان خطابه ينطوي على الودية إزاء موسكو، إلا أنه قام ببعض الخطوات العدوانية إزاء موسكو مثل الانسحاب من اتفاقيات الحد من التسلح النووي، وقدم لأوكرانيا المزيد من الأسلحة والتدريب.

وبالنظر إلى أن روسيا تتميز بالتفوق في ميدان المعركة، والشعور بأن الوقت لمصلحتها، فإذا قام بوتين بوقف الحرب، وإنهاء طموحه بإخضاع أوكرانيا، يمكن أن تقدم واشنطن بعض الحوافز الجدية، التي يمكن أن تتضمن إظهار أن الولايات المتحدة مستعدة لتلبية مطالب المخاوف الروسية بشأن تهديد حلف الناتو لأمن روسيا، وهي مخاوف موجودة لدى كل المؤسسة السياسية الروسية.

وهذا يعني الاتفاق على معاهدة الحياد الأوكرانية، مع ضمانات أمنية لأوكرانيا، من شأنها السماح لهذا البلد باتباع فنلندا والنمسا المحايدتين خلال الحرب الباردة، والتطور كديمقراطية سوق حرة. ويجب تخفيف العقوبات الغربية ضد روسيا على الأقل، إن لم يتم تعليقها.

وأما في ما يتعلق بالأراضي الواقعة تحت سيطرة روسيا، فإن الطريقة الأمثل لذلك، هي تركها إلى محادثات مستقبلية تحت رعاية الأمم المتحدة، في حين يجب وضع أعلى الإجراءات الأمنية الممكنة، لمنع استئناف الحرب.

وبالطبع فإن التوصل إلى اتفاق بهذه الطريقة، سيكون مؤلماً للغاية لكل من أوكرانيا وإدارة بايدن. ومع ذلك، ينبغي لنا أن ننظر إلى المحافظة على استقلال 80% من أوكرانيا، كونه يعد نصراً حقيقياً، حتى لو لم يكن كاملاً. ومن المؤكد أن ذلك أفضل بكثير مما هو متوافر حالياً، ألا وهو استمرار الحرب التي تتكبد فيها أوكرانيا خسائر فادحة، وتؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى هزيمة أكبر بكثير لكييف.

• الكرملين يسعى إلى تحطيم قدرات أوكرانيا بصورة منهجية، ليس بشن الحرب وحسب، وإنما بإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب.

• الوقت ليس إلى جانب أوكرانيا، لا على الصعيد العسكري، ولا الاقتصادي، ولهذا فإن مستقبل أوكرانيا في أي مفاوضات مستقبلية، سيكون أكثر سوءاً مما هو عليه في الوقت الحاضر.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا