عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

المدرسة القاسمية.. من الجريد إلى صروح العلم والمعرفة

كتب: أحمد سالم البيرق

لقد استشعر إنسان هذه الأرض الحاجة الماسة إلى التعليم لكي يقوى على تنمية ذاته وبناء مجتمعه، لذا بادر بإنشاء المدارس في شكلها البدائي البسيط، والتي كادت تتمكن من محاربة الجهل بتدريس علوم اللغة والفقه وبعض علوم الحساب.
وقد بادر كثير من وجهاء وأعيان البلاد، من تجار وطواويش اللؤلؤ، بتأسيس مدارس شبه نظامية وجلبوا لها المعلمين الأفاضل القادرين على النهوض بأبناء البلد فكرياً وتربوياً، إلا أن الحربين العالميتين، الأولى والثانية، أثرتا وبشكل كبير في الموارد الممولة لتلك المدارس، خصوصاً مع ما شهدته تجارة اللؤلؤ من كساد، ما دفع أصحاب هذه المدارس إلى إيقافها وعدم استمراريتها، كما أن ذوي الطلبة كانوا في أمس الحاجة إلى جهود أبنائهم في كسب الرزق بدل إبقائهم لتحصيل العلم.
حتى لاح في سماء الشارقة من أعاد للعلم مكانته، مدركاً أهميته، ومستشرفاً مستقبل أبنائه ورعيته، حيث أمر الشيخ سلطان بن صقر القاسمي (الثاني) بضرورة إعادة فتح مدرسة الإصلاح، وهي آخر المدارس المغلقة، لتعاود في العام 1948 القيام بدورها، وذلك بدعم حكومي وبشكل مجاني، حتى أنها سميت (الإصلاح القاسمية) وكانت في أول عهدها عبارة عن مبنىً من سعف النخيل، وتعاقب على نظارتها كل من فضيلة الشيخ محمد بن علي المحمود، ومبارك بن سيف الناخي.
بعد ذلك استبدل ذلك المبنى السعفي بآخر من الحجارة المرجانية والجص، رفعة لشأن العلم، وحفاظاً على سلامة الطلبة، وأصبح بيت إسماعيل البريمي الذي آلت ملكيته بالشراء إلى الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، هو المقر الجديد للمدرسة، والأكثر رحابة وراحة، وضمت الفصول إلى جانب تدريس الذكور فصلاً لتدريس الإناث وغرفة خصصت كمكتبة للمطالعة، وكان ذلك بعد صيف عام 1950م، واستبدل اسم المدرسة من مدرسة الإصلاح القاسمية إلى المدرسة القاسمية، وتسلم نظارتها في ذلك الوقت أحمد محمد أبو رحيمة.
مثلت المدرسة ثمرة جهود كل من آمن بحق التعليم، حيث أصبح الوعي بأهمية التعليم لدى أهالي المنطقة أكبر من ذي قبل، مما انعكس على زيادة عدد الطلبة من الجنسين، وهو ما استدعى البحث عن مقر جديد للمدرسة يتسع لتلك الأعداد، فقام الشيخ صقر بن سلطان القاسمي في العام 1953، بشراء بيت محمد بن علي بن كامل، وكان ناظر المدرسة حينها «الأستاذ إسماعيل» قد قدم من البحرين، وخلفه في نظارة المدرسة بعد قدوم البعثة التعليمية الكويتية، مصطفى يوسف طه.
وقد كان لإسهامات البعثات التعليمية من كل من ومصر والبحرين وقطر، كبير الأثر في تطور المنظومة التعليمية بالشارقة، فمنذ العام 1953 بات التعليم نظامياً بمقاره ومواده ومؤهلاته، وعلى إثر ذلك، انتقلت المدرسة القاسمية من بيت ابن كامل إلى مقر آخر شيّد خصيصاً ليكون مدرسة للبنين، وبقي بيت بن كامل مقراً لمدرسة البنات وسميت بمدرسة فاطمة الزهراء.
وشكلت المدرسة القاسمية للبنين في العام 1955، والتي كانت ضمن ما يسمى اليوم منطقة الغوير، جنوب ميدان الرولة، وشرق شارع العروبة، مرحلة جديدة في مسيرة التعليم، حيث تولى محمد دياب الموسى إدارة المدرسة وصار ناظراً لها.
وتطورت الأنشطة الطلابية الصفية واللا صفية بشكل ملحوظ، حتى أصبحت المدرسة ومعلموها وطلبتها جزءاً مؤثراً في المجتمع، كما تطور بنيانها وضمت ثلاثة أجنحة من الفصول، واستمرت في استقبال الطلبة حتى بعد قيام اتحاد دولة العربية المتحدة بما يقارب الخمس سنوات.
بعد ذلك، وفي ظل التطور العمراني المصاحب لقيام الاتحاد، انتقل مبنى المدرسة إلى منطقة المناخ، وأصبح في وقتنا الراهن بعد إحلاله مرفقاً تعليمياً في 2018، ضمن تبعية مؤسسة الشارقة للفنون، لما يشكله من إرث معماري فني يجب الحفاظ عليه، ضمن التراث الحديث للإمارة، وتحولت المدرسة إلى مؤسسة ثقافية.
اسم (القاسمية) صار اليوم مرتبطاً بأحد صروح العلم الأكاديمي التي يمكنني إطلاق صفة العالمية عليه لتعدد وتنوع جنسيات طلبته ولسمعته التي وسعت الأرجاء، وهو الجامعة القاسمية الواقعة ضمن المدينة الجامعية بالشارقة، هذه الجامعة التي سخرت لخدمة طلبة العلم من مختلف أقطار العالم العربي والإسلامي وتقدم لهم مختلف التخصصات الإنسانية والأدبية والاجتماعية والإسلامية بأسلوب علمي وسطي أكاديمي رصين، وتحرص على دعم كل من يفد عليها من طلبة العلم مادياً ومعنوياً وإنسانياً.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا