جلس قادة شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل: «ميتا»، و«غوغل»، و«إكس»، في الصفوف الأمامية خلال حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتسلّط هذه المعاملة الخاصة، الضوء على العلاقة القوية على نحو متزايد بين القادة وشركات التكنولوجيا والبيت الأبيض.
وقبل بضعة أسابيع من المراسم، تعهد رئيس «ميتا»، مارك زوكربيرغ، بالعمل مع الرئيس ترامب للرد على الحكومات في جميع أنحاء العالم، التي تلاحق الشركات الأميركية، وتدفع إلى فرض المزيد من الرقابة.
وانتقد زوكربيرغ، القيود التي وضعتها دول الاتحاد الأوروبي ودول أميركا الجنوبية، والتي تُقيد عمل شركات التواصل الاجتماعي الضخمة قانونياً، وتشمل هذه القيود المسؤولية عن الاعتدال والحد من الإعلانات المستهدفة.
لكن أميركا اللاتينية تظهر باعتبارها المنطقة التي تتحرك سريعاً لحماية المؤسسات الديمقراطية من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتقنيات الأخرى.
وعلى سبيل المثال، يسعى قانون «الأخبار المزيفة» الذي اقترحته البرازيل إلى تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي، وكبح حدة المعلومات المُضللة، لكنه واجه معارضة قوية من «غوغل»، ولايزال القانون قيد التداول في «الكونغرس» البرازيلي.
وهناك مثال آخر، حدث في أغسطس 2024 يتضمن قيام المحكمة العليا البرازيلية بحظر موقع «إكس» لرفضه الامتثال لمتطلبات القانون، بما فيها حظر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المتهمة بنشر المعلومات المُضللة المرتبطة بانتخابات 2022، ورفض موقع «إكس» تعيين موظف قضائي محلي.
وظل موقع «إكس» متوقفاً حتى الثامن من أكتوبر 2024، عندما امتثل لأوامر المحكمة، ودفع مخالفة بقيمة 28 مليون ريال برازيلي (5.1 ملايين دولار، أو ما يعادل 3.9 ملايين جنيه إسترليني) وعيّن ممثلاً قضائياً.
وكان قرار المحكمة جزءاً من جهود كبيرة في البرازيل لحماية نظامها الديمقراطي، وتقييد أي اضطراب محتمل من استخدام التكنولوجيا أو وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعززت هذه الإجراءات بعد أن قام حلفاء رئيس البرازيل السابق، جايير بولسونارو، باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات المُضللة قبل انتخابات عام 2022، ومن ثم هاجموا المؤسسات الديمقراطية، وحشدوا الداعمين خلال الفترة التي سبقت الهجمات على المباني الحكومية في الثامن من يناير 2023.
وتم استخدام المنصات الرقمية لنشر ادعاءات كاذبة بشأن تزوير الانتخابات، وتشويه سمعة وسائل الإعلام السائدة، ناهيك عن نشر معلومات مُضللة عن معارضي بولسونارو. وقامت هذه الجهود بتأجيج نظريات المؤامرة والاحتجاجات، التي تحولت فيما بعد إلى أعمال عنف. ورداً على ذلك، شددت المحكمة الفيدرالية العليا في البرازيل، القوانين، وأمرت المنصات بإزالة الادعاءات الانتخابية الكاذبة.
لكن الجهود التنظيمية في المنطقة، تمتد إلى ما هو أبعد من وسائل التواصل الاجتماعي نحو تقنيات ناشئة أخرى، وتناقش كل من كولومبيا والإكوادور وتشيلي إضافة إلى دول أخرى، حالياً أنظمة تتعلق بتنظيم الذكاء الاصطناعي، وتنظر في حقوق الإنسان والتأثير البيئي للذكاء الاصطناعي.
وكانت تشيلي أول دولة تعترف بـ«حقوق الأعصاب» في دستورها، ما يضمن الحماية ضد إساءة استخدام التكنولوجيا العصبية، مثل: ربط الدماغ والحاسوب التي يمكنها القراءة، أو التلاعب بالأفكار أو العواطف أو العمليات المعرفية، ويمكن استخدام هذه التقنيات المتطورة في الطب، لكنها تثير أيضاً مخاوف أخلاقية بشأن الخصوصية والحرية المعرفية.
ويقوم القادة السياسيون في مختلف أنحاء أميركا اللاتينية بتحدي قادة شركات التكنولوجيا العالمية، حول تأثيرهم في المجتمع، وانتقد رئيس تشيلي، غابريل بوريك، قيام الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس إكس»، إيلون ماسك، بدعم الحركات اليمينية المتطرفة.
وقال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا: «لا ينبغي للعالم أن يتحمل قيام ماسك بدعم اليمين المتطرف فقط لأنه شخص ثري»، وكانت السيدة الأولى في البرازيل، جانجا لولا دا سيلفا، أكثر مباشرة خلال القمة العالمية لتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قالت: «أنا لست خائفة منك، إلى الجحيم إيلون ماسك».
ويتذكر العديد من الناس في أميركا اللاتينية كيف كانت تتم إساءة استخدام السلطة السياسية في الماضي، لتقويض النظام الديمقراطي، خلال الأنظمة الدكتاتورية العسكرية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي في دول، مثل: تشيلي والأرجنتين والبرازيل والأوروغواي، وكانت شركات عدة تدعم هذه الأنظمة القمعية.
وإثر الانقلاب الذي وقع في تشيلي عام 1973، قامت حكومة الرئيس الديكتاتوري أوغستو بينوشيه، بتخصيص الصناعات وخفض الضمانات الاجتماعية بمساعدة من مجموعة «شيكاغو بوي»، وهي مجموعة من الاقتصاديين في أميركا اللاتينية الذين تم تدريبهم في الولايات المتحدة. وقام هذا النظام بسحق المعارضين من خلال عنف الدولة، وسجن وتعذيب الآلاف من الأشخاص. وفي بداية سبعينات القرن الماضي، حاول رئيس تشيلي سلفادور الليندي إنشاء مشروع «سيبرسين» وهو مبادرة طموحة لإنشاء نظام تخطيط اقتصادي باستخدام شبكة من أجهزة «التلكس»، وشكل بدائي من «اللوغاريتمات» لاتخاذ القرار، وكان مصمماً لتعزيز تحكم الدولة بالاقتصاد، وفي الوقت ذاته تقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية، لكن مشروع «سيبرسين» تم تفكيكه بعد نجاح الانقلاب الذي دعمته الولايات المتحدة، وأدى إلى إنشاء نظام بينوشيه الديكتاتوري.
لكن في هذه الأيام باتت أميركا اللاتينية في وضع أفضل لمواجهة النفوذ الأجنبي مما كانت عليه في سبعينات القرن الماضي، ونادت القيادة البرازيلية، التي شاركت في قمة دول العشرين الأخيرة، بقوة من أجل فرض قوانين تُنظم وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، وأنه توجد إرادة محلية تعارض مطالب وسلطة الشركات العملاقة في وادي السيليكون. عن «الكونفرزيشن»
. أميركا اللاتينية باتت في هذه الأيام في وضع أفضل لمواجهة النفوذ الأجنبي مما كانت عليه في سبعينات القرن الماضي.
. الجهود التنظيمية في أميركا اللاتينية تمتد إلى ما هو أبعد من وسائل التواصل الاجتماعي نحو تقنيات ناشئة أخرى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.