تحقيق: «الخليج»
يشهد العالم تطورات تكنولوجية متسارعة أثّرت في حياة مختلف الأفراد إيجاباً، حيث سهلت الكثير من الأمور العملية والعلمية والتعليمية، لأن إنجاز مختلف أمور الحياة، يكون بالهواتف والألواح الذكية. وتشعبت التكنولوجيا لتشمل مختلف تفاصيل الحياة اليومية التي لا يمكن لأي شخص مهما يكن عمره أن يستغني عنها.
ولكن الجانب الخفي الذي تحمله طيات التكنولوجيا، هو تعامل الأطفال وصغار السن مع التكنولوجيا، وخاصة الهواتف والألواح الذكية التي أصبحت في متناول الجميع، وخصوصاً الطلبة والأطفال الذين لا يتمتعون بالدراية الكافية لترشيد استهلاكهم للإنترنت، بل يشكل أكبر هاجس لديهم قضاء أكبر وقت على الإنترنت والمواقع الإلكترونية، وخاصة طوال الليل خلال العطلة.
في ظل مشاغل الحياة وضغوطها، قد ينشغل الأهل عن متابعة أبنائهم من قرب، لتحديد أوقات معينة لاستخدام الإنترنت، لأنه أصبح يندرج ضمن العملية التعليمية والعملية بشكل كبير ولا يمكن الاستغناء عنه، بل تعدى الأمر، إلى بعض الأمهات اللائي يلجأن إلى تعويد أطفالهنّ الرضع على الشاشات اللوحية، بوضع رسوم وبرامج أطفال لهم لتجنّب بكائهم.
«الخليج» تضيء في هذا التحقيق، على مخاطر الإفراط في استخدام الشاشات والهواتف الذكية للأطفال والرضّع، وأكد عدد من الأطباء أنه يجب تجنّب جلوس الأطفال دون سن العامين أمام الشاشات والهواتف الذكية لتأثيرها في تأخر النطق، كما تزيد نشاط فرط حركتهم، في المقابل. فيما أوضح عدد من أولياء الأمور أن الأجهزة الإلكترونية أقل سعراً من نظيرها الحضوري.
تأخر في النطق:
البداية كانت مع عدد من الخبراء والأطباء الذين تحدثوا عن هذه القضية، حيث قال عماد أحمد الهندي، أخصائي تحليل سلوك تطبيقي: جميع الأبحاث والدراسات العلمية تؤكد بشكل قاطع، أن الشاشات الإلكترونية تؤثر في التواصل عند الأطفال حيث حذرت الجمعية الأمريكية لطب الأطفال من استخدام الأطفال لشاشات، وخاصة للأطفال دون عمر السنتين، ما يؤخر النطق ويزيد نسبة فرط حركتهم.
وأضاف: يقصد بالشاشات الأجهزة اللوحية والهواتف، والتلفاز ما ينتج تأخر التطور اللغوي الناتج لجلوس الأطفال عند الشاشات لأوقات طويلة، وخاصة الأطفال دون سن العامين، حيث يوثر في تواصلهم، ويقلل القدرة على التفاعل المباشر مع الآخرين. كما يؤثر بشكل كبير في انتباههم وتركيزهم، حيث إن الطفل يحرم من اكتساب التفاعل مع الآخرين عبر الأنشطة. موضحاً أن الطفل الذي يحضر الشاشات لأوقات طويلة يكون لديه نقص في التركيز ونسبة فرط النشاط بين المتوسط والشديد، بسبب الموجات التي تنبعث من الشاشات. مؤكداً أن لتقوية التركيز عند الأطفال يجب أن تكون هناك أنشطة تفاعلية بدنية خالية من الشاشات.
وأوضح أن أغلب أولياء الأمور يتركون أطفالهم قبل النوم عند الشاشات وفي غرفة مظلمة، لاعتقادهم بأنهم سينامون بشكل أسرع، حيث أثبتت الدراسات أن الشاشات تبعث موجات ضوئية تقلل إفراز الهرمون المسؤول عن الشعور بالنعاس، ما يؤخر النوم، ويؤثّر في جودته، وهذا يسبب مشاكل نفسية وجسدية مثل موجات الغضب والبكاء وتقلب المزاج والخمول بسبب اضطرابات النوم، ناصحاً بعدم جلوس الطفل قبل النوم بساعتين أمام الشاشات التلفاز أو استخدام الهاتف، وخاصةً في غرفة مظلمة حتى يكون نومه جيداً ومتواصلاً ويستيقظ بنشاط.
وتابع: يجب على ولي الأمر أن يكون النموذج الإيجابي للأبناء وينظم بيئة المنزل بحمايتهم من هذه الأجهزة، خاصة في الليل، لذا يجب على وليّ الأمر تحديد الأوقات لاستخدام الشاشات وتحديد المحتوى المناسب لعمر الطفل، وأن تكون غرفة المعيشة وغرفة الطعام خاصة خالية من الشاشات لأنها تشتت انتباه الطفل أثناء الأكل. وعند الوجود مع الطفل يجب أن لا يكون هناك أي جهاز يؤثر فيه ويطلب استخدامه، والإكثار من الأنشطة البدنية التفاعلية والأنشطة، حيث إنها تساعد الطفل على التركيز وتقوية الذاكرة، وتنمية اللغة عبر القراءة وإدماجه مع الأسرة والحديث معه.
إجهاد للعين
وقالت الدكتورة حنان علي فايد، أخصائية طب وجراحة عيون أطفال في مستشفى برجيل: إن استخدام الأجهزة الإلكترونية له كثير من الأضرار وخاصة عند الأطفال، لعدم اكتمال نمو العين، وإن أكثر الحالات التي تراجع عيادات العيون خاصة بعد الإجازة الصيفية وفي بداية العام الدراسي، تكون بسبب استخدامها لهذه الأجهزة طوال الإجازة الصيفية، وهي السبب الرئيسي لمشكلات العين ومن هذه الحالات: جفاف شديد، وخدوش في القرنية نتيجة الجفاف، لأن الطفل يضغط عينيه ويفركهما، وزيادة في قصر النظر، وتدهور ضعف النظر وخاصة الذين يضعون النظارة الطبية، والحول الداخلي.
وأضافت أن أكثر الحالات تكون الجفاف الشديد وبسبب استخدام الأطفال للأجهزة في غرفة مظلمة، وخاصةً قبل النوم مباشراً، وبعض الأطفال يفضلون ارتداء النظارات التي تحمي من الأشعة الزرقاء التي تنبعث من الشاشات لأوقات طويلة اعتقاداً بأنها تخفف انبعاثها، ما يسبب لهم الإجهاد والتعب وبعض الأحيان الصداع والضغط على عضلات العين.
وأوضحت أن قضاء وقت طويل أمام الشاشات، يعرض الطفل للإصابة بإرهاق العين وقصر النظر وجفاف العين، وقد يسبب متلازمة نظر الكومبيوتر: هي متلازمة تحدث عندما يكون هناك إجهاد للعين نتيجة النظر للشاشات لوقت طويل، ولتجنب هذه المشاكل يفضل الجلوس بوضعية مناسبة، وتقليل وهج الشاشة والانعكاسات الإضاءة، وتجنب الخطوط الصغيرة، وعدل الإضاءة بما يتناسب مع العينين.
وتابعت: يجب تجنب جلوس الأطفال دون السنتين أمام الشاشات، والأطفال من عمر 3 سنوات وفوق يفضل أن يكون أقصى وقت لجلوسهم أمام الشاشات نصف ساعة يومياً، للحفاظ على صحة العينين، وأنصح باتباع القاعدة «20 -20 – 20» لتعزيز صحة العينين وحمايتهما من التعرض الطويل للشاشات وهي: 20 دقيقة أمام الشاشة، 20 ثانية فسحة للنظر، بإراحة العين والتركيز على النظر لمكان يبعد 20 قدماً ما يعادل 6 أمتار.
عدم دراية الآباء
وقالت بدرية الحمادي، معلمة سابقاً: في عصر التكنولوجيا وتسارع الشركات الإلكترونية في ابتكار وإنتاج ألعاب إلكترونية جديدة كل يوم أصبح أطفالنا لا يلهون ولا يلعبون إلا باستخدام هذه الأجهزة، دون تقيد بمدة زمنية محددة، أو وضع القيود التي تحافظ على سلامتهم من جراء هذا الاستخدام المفرط، ولعل من أهم الأسباب الداعية إلى تفشي هذه الظاهرة الحديثة على مجتمعنا خاصة، خلال الإجازة الصيفية، ضعف دور الرقابة الأسرية، ورغبة الأهل في عدم سماع ضجيج الأبناء وصراخهم في المنزل، خاصة بعد عودتهم من ساعات العمل الطويلة، ما يجعل الآباء يسارعون لشراء هذه التقنيات الحديثة لينشغل بها الأبناء، على عكس الزمن الماضي الذي كان لعب الأطفال حول الأهل من مظاهر البهجة والسرور لدى الأسر، خاصة الأسرة الممتدة.
وأضافت، لعل تجاهل أو عدم دراية الآباء بأضرار الأجهزة والألعاب الإلكترونية، أدى إلى إفراط الأطفال في استخدام هذه الأجهزة الذي يؤثر سلباً فيهم ويجعلهم في معزلٍ عن محيطهم الاجتماعي، وعن الألعاب التي تعتمد على الحركات الجسدية ومشاركة الأصدقاء، ما أفقدهم متعة اللعب الحر، وجعلهم مقيدين بهذه الألعاب. مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية سبق أن أصدرت تحذيرات مستمرة بهذا الشأن، إلى جانب إصدار تقارير تفيد بأن جلوس الأطفال أمام الشاشات لساعات طويلة يؤدي إلى مشاكل صحية عدّة منها: السمنة وضعف النظر، وتقلص الفقرات، والعدوانية، وضعف الشخصية.
وتابعت: تجنباً لتلك المشاكل وحتى ينشأ الطفل سوياً في جميع النواحي الجسدية والعقلية والعاطفية، على الأسرة وهي الموجّه والمسؤول الأول عن تربية الأبناء وانتظام سلوكهم، أن يوجهوا أبناءهم إلى الاستغلال الأمثل لإجازتهم، سواء بإلحاقهم في مراكز صيفية لممارسة مختلف المهارات وتنمية الهوايات والمواهب المبدعة، التي تكون تحت إشراف مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، أو مؤسسة التنمية الأسرية أو غيرها من المراكز ذات النفع العام، أو إلحاقهم بمراكز تحفيظ القرآن الكريم، فالأبناء أمانة فلنحافظ عليهم ونحسن تنشئتهم.
مصدر ترفيهي
أولياء الأمور والطلبة لهم رأي آخر، حيث قال هادي عبد الولي، طالب جامعي إن الأجهزة الإلكترونية أصبحت مهمة في هذا العصر، حيث إننا نستخدمها للعمل وللدراسة والترفيه، لذا لا يمكن الاستغناء عنها؛ فعلى سبيل المثال عندما أذهب للمطعم عليّ أن أنسخ الرابط حتى أرى قائمة الطعام، والدفع الإلكتروني لرسوم المواقف، وغيرها وفي الإجازة الصيفية الأجهزة الإلكترونية هي المصدر الترفيهي لنا.
وأضاف أن عروض أسعار الأجهزة الإلكترونية في الصيف تكون مناسبة لشرائها مقارنة بسعر الأماكن الترفيهية، في المقابل تكون سعر التذكرة في أماكن الترفيه لشخص الواحد تراوح بين 215 -375 درهماً لليوم الواحد. موضحاً أن أفضل وقت استخدام الأجهزة هو الليل، لأن النهار يستخدم فيه الأهل إنترنت أو بعض الأحيان نكون في الخارج، والإنترنت يكون سريعاً في الليل لأن عدد المستخدمين قد يكون أقل.
السهر مع الأصدقاء
وقالت جواهر محمد عبيد: بالرغم من تسجيلي لابني في الأنشطة الصيفية منذ بداية الإجازة الصيفية ولكنه بعد رجوعه ينام العصر حتى يستطيع أن يسهر مع أصدقائه الذين لم يسجلوا في الأنشطة الصيفية ويلعبوا ألعاب التحدي، وعندما أطلب منه عدم السهر يقول: نحن ننتظر الإجازة حتى نسهر طوال الليل باللعب بالأجهزة الإلكترونية وألعاب التحدي مع أصدقائي، وإذا لم تدعيني أسهر مع أصدقائي، فلن أذهب للأنشطة الصيفية.
وتابعت أوافق أن يسهر حتى لا يشعر أنني ضده، إلا أن هناك شروطاً تكون بيننا لاستخدامه للهاتف الذكي ولساعات محددة، حتى لا يكون لديه إرهاق وتهاون عن الأنشطة الصيفية التي تساعده في تنمية وتطوير مهاراته، والقيام بالأنشطة البدنية.
الترفيه بعد الدراسة
وقالت سلمى الشحي: أعطي أبنائي الأجهزة الإلكترونية في الإجازة الصيفية للترفيه بعد الدراسة والامتحانات لأنهم لا يحصلون عليها طوال السنة الدراسية، حيث إنهم يفضلون الجلوس في المنزل، لأن درجات الحرارة مرتفعة، ونفضّل نحن الأمهات أن يلتقي أبناؤنا، في المنزل للترفيه واللعب، كلعب «البلاي ستيشن» وألعاب التحدي عبر الهاتف.
وأضافت: أسعار الأنشطة الصيفية لا تشجعنا لتسجيل أبنائنا للالتحاق بها طوال أيام الإجازة الصيفية، وأفضل جلوس أبنائي في المنزل وبعض الأحيان نخرج للأماكن الترفيهية. مؤكدة أن في الإجازة الصيفية يقضون الأبناء طوال اليوم على الأجهزة الإلكترونية، ولكن في إجازة الربيع يكون استخدامهم للأجهزة أقل، لأن الجو يكون مناسباً ما يساعد الأطفال أن يقضوا طوال الوقت خارج المنزل في اللعب مع الأصدقاء، والقيام بالأنشطة البدنية بعيداً من الأجهزة الإلكترونية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.