استغل محتالون قرب بداية العام الدراسي الجديد، وأعلنوا عن وظائف في مدارس، ومؤسسات تعليم عالٍ، بغرض سرقة بيانات الباحثين عن عمل، أو تحصيل أموال غير مستحقة، بعد إيهامهم بقدرتهم على تأمين وظائف لهم، فيما حذرت مدارس وجامعات من عروض العمل المزيفة التي يتم تداولها عبر الإنترنت، وتتم نسبتها زوراً إليها، مؤكدة تطبيقها أعلى معايير سياسات الموارد البشرية في عمليات التوظيف، كما جددت جهات شرطية وقضائية تحذيراتها من الانسياق خلف إعلانات التوظيف الوهمية لتجنب التعرّض لعمليات الاحتيال الإلكتروني.
وتفصيلاً، حذّرت مدارس خاصة على مواقعها الإلكترونية، وحساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، من عمليات احتيال تتخذ من التوظيف غطاءً لها، مشيرة إلى رصدها محتالين يستخدمون أسماءها في عرض وظائف وهمية، وطلب مقابل من الباحثين عن عمل، مؤكدة أن هذه الإعلانات مزورة، ولم تصدر عن إدارات المدارس، ولا تمت إليها بصلة.
وأكدت التحذيرات أن مواقع إلكترونية مزيفة، وحسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تقوم بالترويج لوظائف وهمية في مؤسسات تعليمية لم تعلن عن تلك الوظائف، ولكن لجأت تلك الحسابات للإعلان عنها كوسيلة جديدة لقرصنة البيانات من الأشخاص الذين سيقدمون لتلك الوظائف أو طلب تحويل أموال لهم مقابل الحصول على الوظيفة.
ونوهت المدارس إلى أنها لا تتعامل مع وكالات توظيف نيابة عنها، ولا تطلب أي أموال أو مدفوعات من المتقدمين للوظائف، في أي مرحلة من مراحل عملية التوظيف، وأن جميع المتقدمين للوظائف الذين ينجحون في الحصول على عرض يُطلب منهم دائماً التقدم عبر عملية توظيف رسمية، وعبر قنوات المؤسسة التعليمية، سواء من خلال الموقع الرسمي لها أو الحضور شخصياً إلى مقرها، مشددة على ضرورة عدم الاستجابة لإعلانات الوظائف المنتشرة على الصفحات المجهولة بمواقع التواصل الاجتماعي، وعدم قبول عروض من أشخاص غير معروفين، أو الكشف عن البيانات الشخصية أو المالية لأي شخص غير معروف.
وأوضح الإداريون والقانونيون في مدارس خاصة: ميثم عقل، ومحمد بهي، ومحمد أبوشادي، وليلى كامل، أن ظاهرة عروض العمل الوهمية تتكرر سنوياً خلال الإجازة الصيفية، حيث يستغل المحتالون قيام المدارس بعمليات الإحلال والتجديد واستكمال أطقمها التعليمية في عرض وظائف وهمية لاصطياد الباحثين عن عمل، خصوصاً من خارج الدولة، كي يصعب اكتشاف عملية الاحتيال، ودفعهم للتقديم عبر روابط يتم من خلالها قرصنة البيانات من الأشخاص الذين سيقدمون لتلك الوظائف، أو طلب تحويل أموال لهم مقابل الحصول على الوظيفة.
وأشاروا إلى أن المحتالين يحرصون في إعلاناتهم على إضفاء صيغة الإثارة على الوظائف، من خلال الإعلان عن امتيازات عديدة تقدمها تلك المؤسسات للمتقدمين، مثل المرتبات المجزية، مع توفير التأشيرات والسكن وتذاكر الطيران، كما يتم إلحاق الإعلانات بصفحة إلكترونية لاستقبال طلبات المتقدمين، ولزيادة الإتقان يقوم بعضهم بإجراء مقابلات مع المتقدمين للوظائف عبر الهاتف، وبعدها يتم إعلامهم بالقبول، ويطلب منهم سداد مبالغ مالية لاستيفاء رسوم التأشيرات والطيران وغيرها من الإجراءات، كإجراء للتأكد من جديتهم، على أن يتم استردادها بعد الحضور للدولة واستلام العمل.
فيما رصدت «الإمارات اليوم» تعليقات مستخدمين على بعض إعلانات التوظيف المنشرة على قروبات المعلمين على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وتحذير أعضاء المجموعات المنشورة بها هذه الإعلانات من أنها مزيفة، والهدف منها الاحتيال على الباحثين عن عمل.
وذكر أحد المعلقين، ناصر فتحي، أنه سبق أن قدم على إعلان مشابه، وبعد أيام وصله إيميل يطالبه بإرفاق السيرة الذاتية له، وبعدها تلقى بريداً بموعد مقابلة عبر برنامج تواصل على الإنترنت، وإبلاغه بعدها بحصوله على قبول مبدئي، وتمت مطالبته بإرسال نسخة من الشهادات العلمية وشهادات الخبرة، وصورة من جواز السفر، وتسلم عرض عمل للتوقيع عليه، وتمت مطالبته بسداد ما يعادل 800 درهم كرسوم استيفاء الأوراق وإجراءات الاستقدام، وبعد سداد المبلغ عن طريق رابط تم إرساله إليه، انقطع التواصل، واكتشف تعرّضه لعملية نصب.
فيما أشارت المعلمة، صفاء ندا، إلى أنها قدمت على وظيفة عبر موقع لإعداد السيرة الذاتية، وبعدها وصلتها رسائل بوظائف تناسب خبرتها، من بينها مدرسة بالإمارات، فقدمت لها، وتم الرد عليها، ومطالبتها بالدخول إلى رابط لتحميل المستندات المطلوبة، ومن ضمنها بيانات حسابية، فتشككت في الأمر، وقامت بالدخول إلى موقع المدرسة على الإنترنت، وراسلتهم على الإيميل الموجود في بياناتها، وأرسلت صورة العرض، فتم الرد عليها بأنه عرض مزور، ولا علاقة للمدرسة بموقع التوظيف الوهمي الذي قام بالإعلان عن الوظيفة.
ارتفاع نسبة الاحتيال الوظيفي
من جانبه، أوضح المتخصص في الأمن السيبراني، المهندس أحمد عبدالناصر، ارتفاع نسبة الاحتيال الوظيفي عالمياً، بسبب الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي، حيث يستخدم المحتالون الخوارزميات المتقدمة في إنشاء قوائم الوظائف، واختيار الوظائف الأكثر شيوعاً، فضلًا عن جعل عرض العمل المزيف أكثر صدقية وملائماً للفروق الثقافية والاختلافات في اللغة، مشيراً إلى أن المحتالين باتوا قادرين بكل سهولة على إنشاء مواقع وصفحات متخصصة، ونشر إعلانات توظيف وهمية لخداع الباحثين عن عمل، وسرقة هوياتهم الرقمية وأموالهم.
وقال عبدالناصر: «توجد علامات تحذيرية على التوظيف الاحتيالي يجب الانتباه لها، أبرزها المكالمات المُلحة، والدعوة إلى سرعة الاستجابة وعدم تفويت الفرصة، ورسائل بريد إلكتروني غير مهنية، تتضمن أخطاء إملائية ووسائل اتصال غامضة، وصفحات منصات تواصل اجتماعي، أنشئت حديثاً أو لا توجد بها معلومات واضحة، والمواقع الإلكترونية المشبوهة التي تتضمن بروتوكول الاتصال غير المشفر (HTTP)، ما يعني أن المعلومات التي يتم إدخالها عبر الموقع ليست في أمان، إضافة إلى وجود روابط مرفقة في الرسائل البريدية، أو منصات التواصل الاجتماعي».
وشدد على ضرورة اتباع بروتوكول الوقاية عند تلقي أي عرض وظيفي من جهة غير معلومة، ومنها التحقق من البريد الإلكتروني للتأكد من سلامته وفقاً للبحث عن اسم الشركة واسم المؤسس، واستخدام محرك البحث (غوغل) في الكشف عن اسم الشركة وظهور الشكاوى والتحذيرات، خصوصاً مع إضافة كلمات مفتاحية عند البحث، مثل وظيفة، أو وظيفة وهمية، إضافة إلى زيارة الموقع الإلكتروني للشركة أو صفحاتها على التواصل، ومراسلتها، أو الاتصال بأرقام التواصل المعلنة للتأكد من صحة العرض.
إعلانات مجهولة
وقال المحامي، سالم عبيد النقبي، إنه مع اقتراب كل عام دراسي جديد، تكثر الإعلانات عن شواغر وظيفية في التعليم، إلا أن الإعلانات المجهولة تتسلل عبر وسائل التواصل، أو تتخفّى خلف بريد إلكتروني يوحي بالمهنية «مطلوب معلمون بشكل عاجل»، و«فرصة للتوظيف في كبرى المدارس الخاصة»، و«وظائف حكومية فورية مع رواتب مجزية»، مشيراً إلى أن المحتالين يستخدمون عبارات منمقة تغري الضحية، ثم يطلبون شيئاً صغيراً، مثل رسوم تسجيل بسيطة، أو«تكاليف معالجة التأشيرة»، حتى لا يشك الضحية، كما أن عصابات الاحتيال الإلكتروني تستخدم هذه الوسيلة للإيقاع بضحاياها، لقرصنة بياناتهم الشخصية وحساباتهم البنكية.
وأضاف أن «هذا النوع من الخداع لا يمر في دولة الإمارات دون حساب، فالقانون الإماراتي صارم في التصدي للإعلانات الوظيفية الوهمية، خصوصاً تلك التي تستغل مبادرات التوطين، أو تَعِد بفرص غير موجودة أساساً، ووفقاً للقرار الوزاري رقم 663 لسنة 2022، تُفرض غرامات مالية تراوح بين 100 ألف ومليون درهم على الشركات التي تنشر وظائف وهمية، سواء لغرض خداع الناس أو لاستغلال الدعم الحكومي، وتتدرج العقوبات حسب حجم الضرر وعدد الضحايا، وفي حال التكرار أو التورّط في شبكة احتيال موسعة تتضاعف الغرامة».
فيما أكدت المحامية، هادية حماد، أن العروض المزيفة تُعدُّ من جرائم النصب والاحتيال التي نص عليها القانون، والتي يتم من خلالها عمل عرض وهمي لوظائف معينة بغرض جذب الباحثين عن عمل، ثم يتم منهم طلب مبالغ مالية، مع إيهامهم بأن هذه المبالغ من أجل توظيفهم، وأن هذا الفعل يعد من جرائم النصب والاحتيال التي «يُعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة أو على سند أو توقيع هذا السند، وذلك بالاستعانة بأي طريقة من الطرق الاحتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات وفقاً للمادة 40 من المرسوم بقانون رقم 31/2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية».
وقالت حماد إن «وزارة الموارد البشرية والتوطين، في ظل جهودها المستمرة لحل مثل هذه المشكلات، قامت بوضع قارئ إلكتروني على كل عقود العمل التي يتم إنشاؤها، ويستطيع المتعامل أو أي شخص آخر مسح هذا الرمز الإلكتروني للتأكد من صحة عقد العمل من عدمه، حيث يتم تحويل الشخص الذي يقوم بمسح هذا القارئ على موقع الوزارة مع بيان تفاصيل العقد»، مشيرة إلى ضرورة قيام الأشخاص الباحثين عن عمل، قبل القيام بأي إجراء، بأن يتأكدوا من الوجود الفعلي للمنشأة من خلال البحث عن مقر الشركة وموقعها الإلكتروني، وأن ينتبهوا دائماً، ويتابعوا بشكل مستمر النصائح والرسائل التي يتم بثها من خلال وزارة الموارد البشرية والجهات الحكومية الأخرى حفاظاً على حقوقهم.
فيما طالب المحامي، سالم سعيد الحيقي، الباحثين عن عمل، بعدم التسرع والانسياق وراء إعلانات التوظيف المجهولة، والحرص على التدقيق للتفرقة بين عرض العمل المزيف والحقيقي، عبر التحقق منه بالتواصل مع قسم الموارد البشرية في المؤسسة مباشرة، أو عبر مواقع الجهات الرسمية، مثل وزارة الموارد البشرية والتوطين، وجهات الترخيص، خصوصاً أن الجهات الحقيقية لا تطلب رسوماً مالية مقابل التوظيف أو التدريب، وتحتوي على شعار وهوية الجهة طالبة الوظائف، وبها تفاصيل دقيقة (الراتب، مدة العقد، ساعات العمل، التأمين، وغيرها).
وقال: «يجب التوعية بأن عرض العمل المزيف تطلب عصابات الاحتيال التي تقف خلفه دفع مبالغ مالية مقدماً، بزعم أنها رسوم مقابلة أو تقديم طلب أو أية إجراءات مختلفة، وغالباً تأتي من بريد إلكتروني شخصي أو غير رسمي، وقد تحتوي على أخطاء لغوية أو تنسيقية، وتكون صادرة عن جهة غير مسجلة أو غير موجودة أساساً، ولا توفر فرصة للمقابلة أو التواصل المباشر مع المؤسسة».
فيما دعت جهات شرطية وقضائية في الدولة الباحثين عن عمل إلى البقاء يقظين، والتحقق دائماً من عروض العمل من خلال المصادر الرسمية، لتجنب الوقوع ضحية للاحتيال الإلكتروني، وذكرت أن المحتالين لا يقتصر ضحاياهم على القاطنين في الدولة، بل يختارون ضحايا من الباحثين عن فرص عمل في الدولة من الخارج أيضاً.
تحذير
بدورها، حذّرت دائرة القضاء أبوظبي من الانسياق وراء عروض التوظيف الوهمية، والانخداع بإعلانات مغرية ورواتب خيالية على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تكون في حقيقتها وسيلة للاحتيال وسرقة البيانات أو الأموال، كما تؤدي إلى وقوع أشخاص تحت المساءلة القانونية، حيث يتم استغلال هواتفهم الشخصية وحساباتهم البنكية لإجراء تحويلات مالية، مشددة على أهمية التحري عن الإعلانات المتعلقة بعرض وظائف شاغرة، وعدم استخدام الحسابات الشخصية والتحويلات النقدية لمصلحة الغير، والتحقق دائماً من الجهات الرسمية، والتأكد من صحة الإعلان قبل التقديم أو إرسال أي مستندات أو رسوم.
وكانت وزارة الموارد البشرية والتوطين قد كررت تحذيراتها من العروض الوهمية، موضحة أنه يجب على الشخص الباحث عن عمل، سواء كان موجوداً داخل الدولة أو خارجها، أن يتلقى عرضاً للعمل من قبل صاحب العمل، الذي يجب عليه استخدام نموذج العقد المعتمد من الوزارة والمطابق لعرض العمل، مشيرة إلى أن نماذج عروض العمل المعتمدة من الوزارة تحمل رقماً متسلسلاً (باركود)، ما يساعد على التأكد من صحتها.
جريمة يعاقب عليها القانون
أكد المحامي سالم سعيد الحيقي أن الإعلان عن وظائف وهمية جريمة يعاقب عليها القانون الإماراتي، لأنها تدخل ضمن جرائم الاحتيال الإلكتروني وخداع الجمهور، وجمع البيانات والمعلومات الشخصية بالمخالفة للتشريعات، وأنه وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية (المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021)، فقد نصّت المادة (13) بخصوص جمع ومعالجة البيانات والمعلومات الشخصية بالمخالفة للتشريعات «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم تقنية المعلومات أو إحدى وسائل تقنية المعلومات لجمع أو حفظ أو معالجة بيانات ومعلومات شخصية للمواطنين أو المقيمين بالدولة بالمخالفة للتشريعات النافذة في الدولة».
كما نصت المادة (40) على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة أو على سند أو توقيع هذا السند، وذلك بالاستعانة بأي طريقة من الطرق الاحتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات».
علامات كشف عروض مزيفة
حدد مسؤولو توظيف في جهات عمل مختلفة، وخبراء في الموارد البشرية، عدداً من علامات تكشف للباحثين عن العمل الإعلان الوظيفي المزيف، منها إخفاء هوية المعلن عن الوظيفة، وانطباق شروط القبول في الوظيفة على الجميع، وتضمين الإعلان مميزات وحوافز وظيفية مبالغاً فيها عن الدخل المتوقع للوظيفة، ووضع بريد إلكتروني شخصي لاستقبال السيرة الذاتية، وعدم تحديد أي موعد للتقديم أو لغلق باب التقديم، وطلب رسوم تحت مسمى رسوم إدارية أو رسوم توثيق، وعدم إجراء مقابلات شخصية، والاكتفاء بمكالمات هاتفية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.