في قلب جنيف، وعلى أرض متحف الإصلاح الدولي، ينبض مشروع فني جديد يحاول أن يقرّبنا من لحظات لا تُمحى، معرض «نهايات العالم - ماذا رأيت في هيروشيما»، من إعداد المصوّر والفنان السويسري نيكولاس كريسبيني، حاملاً من خلال أعماله سؤالاً: ماذا تترك الحرب في ذاكرة الناس وعوالمهم اليومية؟
المعرض لا يروّج لصورة واحدة عن الكارثة أو لخطاب إدانة تقليدي، بل يعيد تركيب سرد بصري يكثّف شهادات البؤس والصلابة والقدرة البشرية على الاستمرار. صور كريسبيني، التي تقفز بين اللقطات الوثائقية والصور ذات الطابع التأملي، تمنح الضحايا حضورهم الكامل: وجوه، أشياء عادية تحولت إلى دلالات، أماكن يبدو أن الزمن توقف عندها للحظة. العرض في متحف الإصلاح يقيم حواراً رمزياً بين تاريخٍ إنساني عميق ومكانٍ يختزن بدوره ذاكرةً عن المبادئ والضمائر، ما يمنح المشاهد تجربة مزدوجة — تاريخية وإنسانية في آنٍ معاً.
أثناء التجوال في قاعات المعرض، يشعر الزائر بأن الصور توزّع أدوارها بعناية، بعضها يؤرخ بالبرهان، يحمل آثار الدمار المادية، وبعضها الآخر يلتقط لحظات خصوصية تحمل روح الحياة نفسها حتى في ظل الدمار. في هذه المجموعة لا تُقدّم الضحية كحالة ثابتة من الضعف، بل كفعل مقاوم: الذاكرة تُحكى، والأثر يُعاد تأويله، والكرامة تُستعاد من خلال رؤيا فنية لا تكتفي بعرض الألم بل تسعى لفهمه وإيصاله كذلك.
لا يمكن فصل هذا العمل عن السياق الأوسع لعلاقة الفن بالذاكرة الجماعية؛ فالمعرض هنا يذكّرنا بأن الصور ليست مجرد سجلّات باردة، بل أدوات تواطؤ وتذكير، قادرة على إعادة طرح الأسئلة الأخلاقية حول الحرب، والمسؤولية، والإنسانية. اختيار جنيف والمكان المذكور لعرض هذه المجموعة لم يأتِ اعتباطاً، فالمكان يضيف بعداً دبلوماسياً وإنسانياً للحوار، ويجعله متاحاً لجمهور دولي على درب التفكير حول منع التكرار وإعطاء الضحايا موقع الكلام.
يقدم نيكولاس كريسبيني في «نهايات العالم - ماذا رأيت في هيروشيما» تجربة بصرية تؤكد أن الذاكرة الإنسانية لا تعرف الإغلاق، بل تبقى مدعاة للحوار، وللتذكّر، ولإعادة التفكير في ثمن الحرب وأثرها في مصائر الناس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.