أكد الدكتور أنور محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن توجهات سياسة دولة الإمارات الخارجية في المرحلة المقبلة تقوم على ثلاث ركائز رئيسية تشمل تعزيز الاقتصاد الوطني والتنافسية، وترسيخ الشراكات التكنولوجية، وتكريس البعد الإنساني في العلاقات الدولية، مشيراً إلى أن هذه التوجهات تعكس ثبات رؤية الدولة تجاه التنمية والاستقرار والسلام الإقليمي.
وقال خلال مؤتمر الإمارات الصحفي الدولي في ختام الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الامارات 2025 في أبوظبي إن «التوجه المستمر في تعزيز اقتصاد الإمارات وتعزيز تنافسيتها هو بيت القصيد في سياستها الخارجية، وسنرى المزيد من الجهود في هذا الشق، سواء في دعم الاقتصاد الوطني أو في استخدامه كأداة لتعميق التعاون الإقليمي».
وأضاف أن الإمارات «ستواصل الاستثمار في موقعها كمركز عالمي للأعمال والتجارة، مع التركيز على بناء شراكات اقتصادية نوعية في المنطقة والعالم، وتحويل قوتها الاقتصادية إلى جسر للتعاون والتنمية المشتركة».
وأشار قرقاش إلى أن الشق التكنولوجي سيمثل محوراً رئيسياً في المرحلة المقبلة، موضحاً أن «دولة الإمارات ستستمر في ملف التكنولوجيا بنفس النشاط والاهتمام، وسنرى انتقالنا التدريجي من مرحلة المستثمر إلى مرحلة الشريك، وصولاً إلى المشاركة في صناعة التطورات التقنية العالمية»، مؤكداً أن هذا التوجه «يمثل جزءاً رئيسياً في دور الإمارات المستقبلي على الساحة الدولية».
وأوضح أن الإمارات ستظل وجهة رئيسية لاستقطاب الكفاءات ورواد الأعمال والخبراء من مختلف دول العالم بفضل بيئتها التنافسية وسياساتها المنفتحة، مشيراً إلى أن «الدولة ستبقى منبراً لاستقبال العقول المبدعة والمتخصصة في ظل نهجها الاقتصادي المرن والمستدام».
وفي الجانب الإنساني، أكد قرقاش أن «الشق الإنساني في سياستنا الخارجية سيتعزز خلال المرحلة القادمة»، لافتاً إلى الدور البارز الذي تلعبه الدولة في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ودعم الأمن الغذائي في السودان، حيث يعاني أكثر من 30 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي، ونحو 9 ملايين يعيشون حالة نزوح داخلي، موضحاً أن «هذا الملف الإنساني سيبقى أحد أبرز جوانب الحضور الإماراتي في المنطقة».
وأضاف أن المنطقة ككل مرّت خلال السنوات الماضية بما يمكن وصفه بزلزال استراتيجي نتيجة الحروب والصراعات التي شهدتها، موضحاً أن «التحولات التي وقعت في غزة وسوريا واليمن، إلى جانب التوترات الإقليمية بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران، فرضت واقعاً جيوسياسياً جديداً يتطلب وعياً ومرونة في التعامل»، مؤكداً أن الإمارات «تواصل اتباع سياسة التوازن والانفتاح والتعاون، مع التركيز على التنمية والاستقرار كمحورين أساسيين لسياستها الخارجية».
وانتقل الدكتور أنور قرقاش إلى الحديث عن الوضع في السودان، مشدداً على أن موقف دولة الإمارات «يقوم على رؤية متكاملة ذات أبعاد إنسانية وسياسية واضحة»، مؤكداً ضرورة منع عودة دكتاتورية الماضي وإتاحة المجال أمام انتقالٍ مدنيٍّ حقيقي يعبر عن إرادة الشعب السوداني.
وأوضح أن الإمارات تشعر بقلقٍ بالغ حيال الوضع الإنساني المتدهور في السودان، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعداتٍ عاجلة تشمل الغذاء والرعاية الصحية والإيواء، مبيناً أن الإمارات، رغم كونها من أكبر المانحين، تواجه تحديات في إيصال المساعدات بسبب القيود المفروضة على الوصول، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك السريع لتسهيل وصول الإغاثة إلى المدنيين.
وأدان جميع الفظائع والانتهاكات التي ترتكب في إطار الحرب الأهلية السودانية، مؤكداً ضرورة التحقيق الشامل في الادعاءات المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين ومحاسبة المسؤولين عنها، مشيراً إلى أن الدعوة إلى وقفٍ إنسانيٍّ لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وأن تحقيق هدنة حقيقية هو المدخل الأساسي لمعالجة الأزمة الإنسانية.
وعلى الصعيد السياسي، شدّد قرقاش على أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يمثلان طرفين رئيسيين في الحرب الأهلية، إلى جانب نحو 30 ميليشيا أخرى، مؤكداً أن قلق الإمارات ينصبّ على وحدة السودان وسلامة مؤسساته.
وأوضح أن الوثيقة التي تم التوصل إليها ضمن اجتماعات «الرباعية» في سبتمبر الماضي، والتي تضم الإمارات والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، تمثّل خارطة طريق واقعية للحل السياسي، إذ تدعو إلى وقفٍ إنسانيٍّ لإطلاق النار، وحوارٍ مباشر بين الطرفين، يفضي إلى انتقالٍ مدنيٍّ خلال تسعة أشهر.
وقال قرقاش: «الحرب الحالية قائمة على ما يمكن وصفه بـ«توازن الضعف»، إذ لا يمتلك أي من الطرفين القدرة على الحسم العسكري، ما يجعل استمرار القتال عبثاً لا طائل منه سوى إطالة معاناة الشعب السوداني». وأكد أن «العودة إلى الحكم المدني هي الخيار الوحيد الذي ينسجم مع تطلعات الشعب السوداني بعد ثورته عام 2019، وأن ما يحتاج إليه السودان اليوم هو الاستقرار لا إعادة إنتاج الدكتاتوريات بأشكال جديدة».
واختتم الدكتور أنور بن محمد قرقاش بالتأكيد على أن سياسة الإمارات الخارجية ستواصل نهجها القائم على تصفير المشاكل، وتغليب الدبلوماسية، وبناء الجسور وتعزيز التعاون، مشيراً إلى أن «الأساس في سياسة الإمارات هو تحمل المسؤولية وقت الأزمات، والسعي الدائم إلى حلول سلمية تُرسخ الأمن والاستقرار الإقليميين».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
