يُعرض فيلم Novocaine في دور السينما بالمنطقة بتاريخ 27 مارس 2025.
صنع إدغار رايت اسمه من خلال أفلام الأكشن الكوميدية مثل Shaun of the Dead و Scott Pilgrim vs. the World، وهي أفلام تدور حول شخصيات عادية ومليئة بالعيوب تجد نفسها على مضض تخوض معارك ضارية وتفوز بالفتاة. لكن مر وقت طويل منذ حصلنا على فيلم رائع من هذا النوع، ما فتح المجال أمام المخرجين دان بيرك وروبرت أولسن، المعروفين بأعمالهما المستقلة مثل Significant Other وVillains، ليقدما رؤيتهما الخاصة لهذا المفهوم من خلال فيلم Novocaine، وهو فيلم أكشن كوميدي شرس يدور حول رجل يعاني من اضطراب جيني نادر، يخاطر بكل شيء لإنقاذ الفتاة التي قضى معها ليلة واحدة. وعلى الرغم من أن الفيلم يعتمد على حبكة تبدو سطحية في ظاهرها، إلا أن Novocaine ينجح في تقديم سيناريو حاد ونظرة جديدة على شخصية البطل العاثر الحظ، والذي يجسد دوره ببراعة لا تُقاوم جاك كوايد، نجم مسلسل The Boys الشهير.
منذ اللحظة الأولى، يتضح أن ناثان كاين (جاك كوايد) ليس ذلك البطل المهمل الذي يجد نفسه بطلاً بالصدفة. فهو يتمتع بجدول نوم مثالي، ويشرب العصائر الخضراء على الإفطار، وأيضاً... يبدو حقاً شبيهاً لوالديه في الحياة الواقعية دينيس كوايد وميغ رايان. لكن نشأته وهو مصاب بما يسمى "عدم الحساسية الخلقية للألم مع عدم التعرق" (CIPA)، وهو اضطراب خطير يجعله غير قادر على الشعور بالألم أو حتى بدرجات الحرارة، جعلت حياته شديدة العزلة، إذ كان عليه أن يحذر من الموت بحادث عرضي في أي لحظة. إنها حياة وحيدة، لذا عندما تنجح زميلته في العمل شيري (آمبر ميدثاندر)، والتي يشعر بالإعجاب نحوها، في إخراجه من قوقعته وتقضي معه ليلة، فمن الطبيعي أن يكون على استعداد للمخاطرة بكل شيء لإنقاذها من بين أيدي ثلاثة خاطفين في اليوم التالي.
قد يكون ناثان غير مبالٍ بالأذى الجسدي، لكنه في المقابل أقل شخص مؤهل لخوض قتال يدوي، وهذا التناقض ممتع للغاية. بينما يتعثر في طريقه نحو تحقيق العدالة بصفته مقتص، يحاول (مع كل اللباقة التي تتطلبها وظيفته كمساعد مدير بنك) التملص من محققي الشرطة والمجرمين المحترفين، بل وحتى من حقيقة أنه شخص فانٍ. من الصعب ألا تتعاطف مع شخص يائس لدرجة أنه يضع يده في قلاية زيت مغلي، أو يبدأ بالتقيؤ من شدة الصدمة بعد أول جريمة قتل يرتكبها. لا نرى كل يوم رجلاً يبدو كرجل أعمال أنيق يستخدم موقع LinkedIn وهو يتعلم كيفية إطلاق النار من مسدس مسروق.
الشخص الذي يبدو حقاً في ورطة هو ناثان نفسه، الذي تخلى بتهور عن حياته المعزولة لينطلق في مهمة بأسلوب جون ويك.
تمت كتابة شخصية ناثان بعناية وروح فكاهية وبتفاصيل دقيقة، وهي من السمات المميزة لسيناريو لارس جاكوبسون الذكي. هناك شخصيات يمكن تصنيفها ببساطة على أنها شريرة، لكن معظم الشخصيات هنا تتجاوز التصنيف الأخلاقي المبسط الذي نجده في أغلب أفلام الأكشن. شيري مثال رائع على هذا التعقيد، فرغم أنها الدافع وراء اندفاع ناثان في هذه المغامرة، إلا أنها ليست مجرد "فتاة في محنة". في الواقع، الشخص الذي يبدو حقاً في ورطة هو ناثان نفسه، الذي تخلى بتهور عن حياته المعزولة لينطلق في مهمة بأسلوب جون ويك.
قد تبدو فكرة الفيلم سخيفة ومليئة بسفك الدماء، لكن Novocaine بعيد كل البعد عن كونه فيلماً بلا إحساس. ربما أعظم نقاط قوته تكمن في صدقه العاطفي. بطلنا البائس ليس الوحيد الذي يخاطر بحياته وسلامته من أجل التواصل الإنساني، ورغم أن الخاطفين في الغالب مجرد أشرار ساديين، إلا أن أحد الشخصيات تشكل نقيضاً رائعاً لـناثان من خلال علاقتها المختلفة تماماً بالألم. وبنهاية الفيلم، يصبح من الواضح أن Novocaine لا يتمحور فقط حول رجل لا يشعر بالألم الجسدي، بل هو قصة عن العذاب العاطفي الذي تسببه الهشاشة، وعن مدى استعدادنا للذهاب بعيداً من أجل مشاركة حياتنا، ومشاعرنا، مع الآخرين. تدور أحداث الفيلم خلال موسم عيد الميلاد، لكن حقيقة أنه يُعرض بعد خمس سنوات تقريباً من دخول العالم في عزلة بسبب جائحة كوفيد-19 تبدو أكثر ملاءمة بشكل ما.
شاهدنا العديد من الأفلام التي تتبع أبطالاً يجدون أنفسهم في بيئات غير مألوفة لهم، حيث يتخبطون في المعارك بشكل محرج متأوهين ومترنحين خلال المواجهات. غالباً ما تسقط هذه الأفلام في فخ السخرية المفرطة، فتغمر نفسها في الوعي الذاتي لدرجة أنها تترك مساحة ضئيلة للمفاجأة أو المتعة. لكن Novocaine ينجح في تقديم هذه الكليشيهات المستهلكة بطريقة فعالة، ويرجع الفضل في ذلك بشكل كبير إلى أداء جاك كوايد الذي يجعل شخصيته تبدو واقعية رغم ظروفها غير العادية إطلاقاً. يقدم كوايد شخصية ناثان بحيوية متألقة، مضيفاً نوعاً من الفوضوية الطفولية التي تجعل مشاهدته متعة حقيقية. وتساهم التفاصيل الذكية من السيناريو التي تضفي طابعاً إنسانياً، مثل أن اسم حساب ناثان على الإنترنت هو MagicNateBall، في تعزيز هذه الجاذبية، حيث تتناغم تماماً مع سحر كوايد الطبيعي.
لكن هذا لا يعني أن السيناريو لا يتجاوز أحياناً الخط الفاصل بين الذكاء واللعب بالكلمات بشكل مبالغ فيه. ومع ذلك يبقى الفيلم مثالاً ممتازاً على السينما الترفيهية، ومن المنعش حقاً رؤية فيلم ممتع ومتقن الصنع ومبتكر في مشهد سينمائي يزداد ازدحاماً بتكملات الأفلام ذات العوالم المشتركة والدراما الكئيبة. يمتاز Novocaine بأنه سهل الهضم، أو على الأقل بقدر ما يمكن أن يكون فيلم مليء بالكسور المفتوحة واقتلاع الأظافر سهل الهضم!
- ترجمة ديما مهنا
يقدم Novocaine عمقاً يفوق ما قد يوحي به مفهومه السطحي حول "رجل لا يشعر بالألم". يضفي هذا الفيلم حياة جديدة على أفكار قديمة، مع بطل غير تقليدي تدعمه كاريزما جاك كوايد، وبطلة تثبت جدارتها وتتفادى أن تكون تلك "الفتاة في محنة" التقليدية. يتميز الفيلم بالذكاء دون أن يكون مفرطاً في الوعي الذاتي لدرجة قد تنفّر الجمهور، وهو حاد في طرحه لكنه لا يفتقر إلى المشاعر. قد لا يكون هذا الفيلم ثورياً، لكنه يشير إلى عودة ضرورية للأفلام الأصلية في نوعية أفلام الأكشن الترفيهية. نأمل أن نشاهد المزيد من هذا النوع من السرد الذكي وكتابة الشخصيات التي تذكرنا بالأيام التي كان فيها الذهاب إلى السينما مجرد متعة خالصة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.