هذه المراجعة مبنية على عرض فيلم The Accountant 2 في مهرجان SXSW للأفلام والتلفزيون لعام 2025.

من اللحظة التي يظهر فيها العنوان على الشاشة بأسلوب الرياضيات، كمُعامل أسّي مثل Alien³، يتضح أن The Accountant 2 تخلص من الجدية المفرطة التي ميزت سابقه رغم جاذبية فكرته الأصلية. يقدم المخرج غافن أوكونور تكملة مليئة بالإثارة، تبني على أحداث وعلاقات فيلم The Accountant الصادر عام 2016، لتكشف عن صورة مؤثرة ومضحكة لعلاقة أخوية مضطربة ضمن حبكة مشحونة سياسياً. وبينما ينغمس الفيلم تماماً في فكرته الغريبة، فإنه ينفذها بثقة مطلقة: كريستيان وولف (بن أفليك)، المعروف بلقب "المحاسب"، هو خبير حسابات يعمل مع المافيا بدوام كامل ومقتص للعدالة حاملاً سلاحه بدوام جزئي، حيث يُقدَّم اضطرابه في الطيف التوحدي بطريقة حساسة وأداء واقعي، لكن يُصوَّر كما لو كان قدرة خارقة.

لكن رغم جديّة القصة، فإن الفيلم يفيض بلحظات كوميدية مرحة تنبع من شخصياته. يظهر ذلك بوضوح في إعادة تقديم وولف الذي يحاول خداع خوارزمية مواعدة سريعة بتحسين ملفه الشخصي، لكنه يفشل فشلاً ذريعاً في كل لقاء وجهاً لوجه. إنها لمسة كوميدية مثالية تُبرز عزلته بينما تمهد الطريق للقاء شقيقه المنفصل عنه براكستون (جون بيرنثال)، القاتل المأجور الذي يلجأ إليه وولف لحل لغز كينغ. تعود أيضاً المساعدة التقنية الغامضة جاستين (أليسون روبرتسون، التي تحل محل أليسون رايت من الفيلم الأول)، وهي مقيمة غير ناطقة في أكاديمية ضخمة للأطفال المتوحدين. هذه المرة لديها مجموعة خاصة من المخترقين المبتدئين على غرار البروفيسور إكس، بل إنها تقتبس منه في أحد المشاهد! هذا المزج هو ما يجعل الفيلم ممتعاً، حتى لو كانت بعض المشاهد تقترب (لكن لا تصل أبداً) إلى تصوير نمطي قد يكون مسيئاً للاضطراب العصبي.

هناك أيضاً القاتلة الغامضة أناييس (دانييلا بينيدا)، التي يبدو أنها متورطة بطريقة ما في قضية كينغ، لكن بنية الفيلم غير المتوازنة تجعلها تختفي لفترات طويلة. ومع ذلك فإن الطبقات التي تنكشف في شخصيتها لاحقاً تبرر غيابها. فهذه من نوعية الأفلام التي، رغم ما فيها من مصادفات تجعل الألغاز تنكشف بسهولة، لا تفقد متعتها أبداً.

كما كان الحال مع فيلم The Accountant الأول، يعتمد الجزء الثاني على أسلوب سردي كلاسيكي يذكرنا بأفلام بوليوود، حيث تتشابك الصدف العجيبة والعلاقات العائلية المفقودة مع الأكشن المثير. الأكشن هنا واضح وقوي، والقصة رغم تعقيد هيكلها تأخذ الشخصيات إلى أماكن مثيرة جغرافياً وعاطفياً. أما الكوميديا فهي متقنة ومتجذرة في الشخصيات وأداء الممثلين.تسير الأمور بوتيرة متوسطة إلى أن يظهر بيرنثال ليشعل الشاشة على الفور. الكثير من المعجبين قارنوا بيرنثال بروبرت دي نيرو، لكنه يحصل أخيراً على لحظته الخاصة البارزة على غرار لحظة دي نيرو الشهيرة التي يقول فيها: "هل تتحدث إليّ؟"، ما يمهد الطريق لاكتشاف ضعف براكستون المفاجئ، إنه روح ضائعة ووحيدة كل ما يريده هو استعادة صداقة أخيه الأكبر. في المقابل يعيد أفليك تجسيد شخصية وولف بسلاسة. بعد أن انسحب إلى العزلة في مقطورة متنقلة فائقة التطور، يبدو وولف راغباً أيضاً في التواصل، لكن سوء فهمه للغة جسد شقيقه ونواياه يجعل ذلك صعباً. يتسم براكستون بالانفتاح والمرح، ويمنحه بيرنثال حركة جسدية مرنة وسلسة مما يجعل تناقضه مع تصلب وولف الكوميدي أكثر متعة.

الصراع بين الأخوين هو القلب النابض للفيلم، ويتجلى ذلك بوضوح خلال لحظات استراحتهما من مهامهما كمقتصين للعدالة (وأيضاً من اعتراضات ميدينا على أساليبهما). أحد المشاهد البارزة يحدث في بار للرقص الريفي في لوس أنجلوس، حيث يتناقض حماس براكستون للمشاجرات مع أسلوب وولف الملتوي للغزل، الذي يتضمن حساباته الدقيقة لدخول ساحة الرقص. هذا المشهد يثبت مدى فهم أوكونور للعلاقة الجوهرية بين الحركة والشخصية، ففي سينما الأكشن، لا يمكن الفصل بين الاثنين.

يحرص The Accountant 2 على تحقيق توازن متقن بين الكوميديا والدراما في كل لحظة.

إن The Accountant 2 هو تكملة مفاجئة في عاطفيتها، تحافظ على ترابط حتى أكثر عناصر حبكتها تشتيتاً. إنه مليء بذلك الطابع الحماسي النقي الذي استُبدل في هوليوود المعاصرة بالسخرية السريعة، مما يجعله يجمع بين الفكاهة والدراما بسلاسة، ليقدم واحداً من أكثر أفلام الاستوديو اكتمالاً هذا العام.

- ترجمة ديما مهنا