تحذير: تحتوي هذه المراجعة على حرق كامل للحلقة 4 من مسلسل Daredevil: Born Again!
للاطلاع على المراجعة الخالية من الحرق للحلقتين 1+2. والحلقة 3 مع حرق.
وصلنا تقريباً إلى منتصف الرحلة في الموسم الأول من Daredevil: Born Again، وحصلنا أخيراً على اللمحة الحقيقية الأولى لشخصية الشرير الرئيسي "ميوز"، إلى جانب الظهور المرتقب لشخصية فرانك كاسل الذي لم يكن مخيباً آبداً. تتسم الحلقة بتقلباتها المتعددة، فهي تأخذنا في رحلة عاطفية تتأرجح بين أقصى درجات الحزن والألم، ولحظات الضحك المُفاجئة، لتشكل جسراً رابطاً بين الحلقات الثلاث الأولى، مع آمال بعودة مات لارتداء بدلة ديرديفل في الحلقة القادمة. (نعم، مارفل، لقد طال الانتظار، وأتوقع أن يشعر الكثيرون مثلي بالإحباط لعدم عودة شيطان هيلز كيتشن حتى الآن).
تحمل الحلقة عنواناً باللاتينية "Sic Semper Systema"، أي "هكذا هو الحال دائماً مع النظام العدلي"، وتُسلط الضوء على صراع الشخصيات مع نظامٍ عدليٍ فاسد، ويتم استعراض ذلك من خلال عيون شخصيات متعددة: بداية من أنجيلا (ابنة شقيقة آيالا) المحطمة بالألم لإهمال التحقيق في جريمة قتل خالها، ووصولاً إلى ليروي، الموكل الجديد لمات (المزيد حوله لاحقاً)، وحتى ويلسون فيسك العالق بالبيروقراطية في سعيه لإحكام قبضته على نيويورك.
وهناك مشهد يجمع مات بالضابط باول يُسلط الضوء على مفهوم السلطة الموروثة، حيث لا يتردد باول في استعراض نفوذه، سواء من خلال دفع شارة الشرطة نحو صدر مات ليلتصق بالحائط، أو عبر تهديده المبطن بأن عائلته بأكملها من أفراد الشرطة، مما يجعله بمنأى عن أي مساءلة. فتركز الحلقة على المعايير مزدوجة التي تحمي أصحاب النفوذ وتطحن الفقراء في حلقةٍ مفرغة من الجريمة والعقاب.
يمر مات في هذه الحلقة بثلاث حوارات تترك أثراً بالغاً في نفسه، حول موضوعات الغفران وظلم النظام العدلي الذي يخيب آمال الناس العاديين. فمنذ موت فوغي، تعهد مات لنفسه بالالتزام بالقانون والابتعاد عن أعمال المقتصين المقنّعين، إلا أن كل حوار من هذه الحوارات يؤكد له بأن النظام صُمم في النهاية لمصلحة أصحاب السلطة واستغلال الطبقات الدنيا بالمجتمع، مما يدفعه خطوة أقرب نحو العودة إلى طريق المقتصين.
كان الحوار الأول مع أنجيلا، التي تشعر بألم عميق لعدم تحرك أحد لمعرفة من قتل خالها هيكتور آيالا فقط لأنه كان من الطبقة الفقيرة في مواجهة الشرطة. تظهر أنجيلا لفترة أطول على الشاشة من قبل فيما يبدو أنها خطوة أولى نحو تسليمها لاحقاً عباءة وايت تايغر، سواء في المسلسل نفسه أو ربما بانضمامها لفريق "الآفينجرز الشباب" في مشروع مستقبلي ما. وهذه الأحداث تذكّرنا بالقصص المصورة حيث كان مات يتولى تدريبها لتصبح الوايت تايغر، مما يعزز الربط بين الأحداث الحالية والقصص المصورة.
الحوار الثاني الذي ترك به تأثيراً كان مع موكله ليروي الذي تم اعتقاله لسرقته بعض الفشار المكرمل. وبينما يُسجن ليروي على هذا الفعل البسيط، فإن الشرطيان اللذان اعتقلاه وأكلا نفس الفشار الذي سرقه من دون أن يدفعا ثمنه لا يتعرضان للمساءلة، مما يسلط الضوء على كيف تُطبَّق معايير مزدوجة، حيث يمكن للسلطات فعل ما تشاء دون أن تُحاسب. لكن شخصاً متشرداً مثل ليروي سبق وأن سجن على سرقة بسيطة، فأدى ذلك إلى خسارته فرصة الحصول على دعم حكومي، واضطر بعد ذلك إلى اللجوء إلى السرقة لتأمين قوت يومه، وهكذا يجد نفسه عالقاً في حلقة مفرغة مؤلمة لا تنتهي. في المقابل، لو سرق شاب ثري من متجر ما، فإن محاميه الثري سيخلصه ببساطة من السجن.
وعلى الجانب الآخر من المعادلة، نرى أن العلاقة بين فيسك وفانيسا في تحسّن، حيث يجلسان على الأريكة في جلسة العلاج النفسي اليوم بمسافة أقرب من بعضهما البعض مما كان عليه في الحلقة الماضية، وكذلك الأمر على طاولة العشاء في المنزل لاحقاً، ويتحدثان عن آدم للمرة الأولى بصراحة، كما أعطتنا الجلسة (نحن وفيسك أيضاً على ما يبدو) تفاصيل لأول مرة حول حياة فانيسا وهي صغيرة، متحدثة عن والدها كيف كان يترك والدتها لأسابيع طويلة، يشرب الكحول ويقامر، وكيف أن سلوكه دمر والدتها مما جعلها تفقد احترامها لها. وانعكس ذلك على فيسك عندما تركها لفترة طويلة في رحلته مع مايا التي رأيناها خلال مسلسل Echo. وقد اعتبرت مغادرته خيانة توازي خيانتها له مع آدم، وبأنه كان هو السبّاق هنا في ذلك. وهنا نصل مرة أخرى للموضوع الرئيسي للحلقة: "الغفران"، إذ يبدو أن الخطوة الأولى للمضي قدماً في زواجهما تكمن في قدرتهما على مسامحة بعضهما البعض.
تأخذنا الحلقة في خليط متنوع من المشاعر. ففي حين كانت الحلقات الماضية تتسم بالحنين للماضي وآلام الفقدان والخسارة والظلم، تحتوي هذه الحلقة أيضاً على لحظات تظهر الألم المستمر الناتج عن فقدان أشخاص مثل آيالا وفوغي والظلم الذي يفرضه النظام. وفي ذات الوقت، تتخللها لمحات فكاهية غير متوقعة تشمل فيسك نفسه. فهناك مشهد يجلس فيه وهو يعاني من الالتزامات الجديدة كعمدة، مضطراً لتحمل البيروقراطية من جهة، ولتقديم وجه مختلف أمام الإعلام من جهة أخرى، مع خضوعه لمهام مثل زيارة مدرسة يغني فيها الأطفال أغنية مليئة بالنشاز، وهو جالس في كرسي منخفض كطفل تمت معاقبته. ولا يكاد يهرب من هذا حتى يجد نفسه باجتماع آخر يستمع لنفس الأغنية بلغة مختلفة مما يجعلنا نرى تدريجياً كيف يحتقن الغضب في داخله.
كان ذلك المشهد مضحكاً جداً، لكن كل هذا يمهد الطريق للمشهد الأخير الصادم في الحلقة حيث نكتشف أنه يسجن آدم المسكين في سرداب تحت الأرض، فينزل إليه ويمر أمام اللوحة البيضاء "الأرنب في العاصفة الثلجية" الملطخة بدمائه من المسلسل الأصلي، والتي احتفظ بها من دون أن يزيل الدماء ربما كتذكير دائم لخطاياه، وذلك قبل أن يجلس ويتناول وجبة مليئة بالدهون على عكس الوجبات الصحية التي يتناولها صباحاً مع فانيسا أمام آدم الذي يتوسل له لإخراجه. نعم، فيسك لم يتغير أبداً، ووجهه الظلامي يعود للظهور من جديد.
قبل أن ننتقل للحديث عن أهم مشهد بالحلقة، يجب الإشادة بالطريقة التي يستخدم فيها صُنّاع المسلسل الصوت وأسلوب التصوير دون أي حوار مباشر لجعلنا نشعر بقدرات مات الفائقة. ففي مشهد مات والضابط باول، نكتشف من خلال سماع نبضات قلبه أثناء حديثه مع مات أنه لا يعرف حقاً من قتل آيالا، وفي مشهد آخر يعثر مات على غلاف الرصاصة التي قتلت هيكتور باستخدام سمعه فقط من خلال استخدام طريقة مميزة بالإخراج تجعلنا نشعر أننا نسمعها بنفس طريقته. هذه اللقطات التي صُوّرت بذكاء بالغ، تُضيف بعداً مشوقاً للمشهد وتعكس الإتقان في استخدام العناصر السمعية والبصرية لنقل المشاعر والتوتر دون الحاجة إلى كلمات.
كان من اللافت أيضاً تسليط الضوء على قضية "السكرول" في عالم مارفل السينمائي بعد أحداث Captain Marvel وSecret Invasion وThe Marvels. يُظهر ذلك وعي الناس ضمن العالم بوجود هذه الظاهرة وتأثيرها على النظام، وقد يكون هناك احتمال لوجود قانون خاص يُعنى بالتحقق من هوية المجرم للتأكد من أنه ليس سكرول. وهذا ما دفع ليروي إلى إثارة الموضوع أمام مات، ربما في محاولة لإيجاد ثغرة قانونية تُخرجه من الأزمة التي يواجهها. تُضيف هذه اللمحة بعداً إضافياً للمسلسل يربطه مع عالم مارفل السينمائي الأوسع.
نصل أخيراً للحديث عن فرانك كاسل... ذا بانشر "أو المُعاقب"، أخيراً بعد طول انتظار يطل علينا في الحلقة الرابعة، وفي حين كان المشهد قصيراً إلا أنه كان مؤثراً جداً ومليئاً بالمشاعر المحتدمة والمؤلمة بالنسبة إليه وإلى مات. ويا له من مشهد، فلقد كان من أقوى المشاهد بالمسلسل حتى الآن. في كل مرة يجتمع فيها تشارلي كوكس مع جون بيرنثال على الشاشة نرى بعض أفضل المشاهد في عالم مارفل، ومسلسل Daredevil: Born Again يطلق العنان لهما فيبدعان بالأداء من دون الحاجة حتى إلى الكثير من الإخراج، حيث أن حضورهما والكاريزما التي يتمتعان بهما كافية لتجعلنا نستمتع في كل ثانية. ويقدم بيرنثال أداءً رائعاً وقوياً يجسد السوداوية التي لطالما ميزت ذا بانيشر.
في آخر مرة رأينا فيها فرانك كان قد قضى على كل من له صلة بمقتل عائلته، وفي النهاية يرفض فرصة العمل مع الحكومة ويختار الاستمرار كمقتص يسعى لتحقيق العدالة بنفسه. لكن في هذا المسلسل يبدو منعزلاً في سردابه الخاص به، مستسلماً لآلامه. بالطبع هذا المشهد لا يكفي ليكشف لنا بالضبط ما حدث له بين الحلقة الأخيرة من مسلسل The Punisher وبين هذه الحلقة، ربما سيتم تفسير ذلك خلال هذا المسلسل أو من خلال الفيلم الخاص الذي أعلن عنه مؤخراً.
يجري حوار رائع بينه وبين مات، وفي حين أن السبب الظاهري لقدوم مات إلى فرانك هو أنه يريد منه أن يتحمل مسؤولية ازدياد أعداد المقلدين له في المدينة مؤمنين بتحقيق العدالة بأنفسهم خاصة بعدما لمس شعار "بانيشر" على غطاء الرصاصة التي قتلت هيكتور، إلا أن السبب الحقيقي لقدومه هو أنه ضمنياً يريد فرانك أن يساعده على أن يغفر لنفسه خسارة فوغي.
تحدثت في بداية المراجعة عن 3 مشاهد تركت تأثيراً في مات، وهذا الحوار هو الأثقل على قلبه، لقد جعله فرانك يواجه حقيقته مباشرة، فيلومه لأنه تخلى عن كونه ديرديفل، وينطق بالكلمات التي لا يريد سماعها، إنه يريد شخصاً يساعده على تبرير ذاك الشعور بالرغبة بالقتل الذي يعتمل في داخله، ولأنه يؤمن بالخير في الآخرين وبمسار العدالة فهو يشعر بالخوف من هذا الشعور، وفرانك يستطيع أن يرى ذلك بوضوح لأنه يشعر بشكل دائم أيضاً بالذنب والخزي من هذه المشاعر.
كان رد فعل مات الأول هو الهروب، فيحاول المغادرة قبل أن يباغته فرانك بسؤاله عن فوغي. نعم، إنه أول شخص يجعله يواجه ما كان يحاول الهروب منه منذ وفاة صديقه العزيز، حتى كارين لم تتمكن من جعله يتعامل مع مأساة خسارته الكبيرة هذه، حيث أمضى أيامه بالهروب، مقتنعاً أن العالم خسر شخصاً جيداً مثل فوغي، وهو الآن يحاول أن يعيش كما كان سيفعل فوغي لو كان حياً، ربما في محاولة يائسة منه لملء الفراغ الذي خلفه صديقه وراءه.
نرى لأول مرة في هذا المسلسل الصراع الداخلي الذي يعيشه مات يظهر للسطح، في تعابير وجهه وكلماته، في اضطرابه من كل كلمة صادقة يقولها له فرانك، في اللحظة التي يفقد فيها السيطرة على نفسه فيلكمه في وجهه ثم يعتذر منه، في اللحظة التي تغمره الدموع وهو عاجز عن نطق اسم "فوغي"، في اللحظات التي يحاول فيها تبرير موقفه أنه استعان بالنظام القضائي للانتقام من بولز آي بدلاً من قتله، ليصرخ فرانك بالفكرة السوداوية التي تعذب مات حقاً: "وماذا عن فوغي؟ ألم يحرم من الحياة؟".
في النهاية يجدر القول أنه بالرغم من أن الحلقة قدّمت لحظات رائعة من التوتر والدراما، إلا أن هناك بعض النقاط التي قد تجعلها أقل تماسكاً مما كنا نأمل. أولاً، لا يمكن تجاهل خيبة الأمل التي يشعر بها بعض المشاهدين بسبب غياب ديرديفل بزيه الشهير حتى الآن، فبعد أربع حلقات، لا يزال مات مردوك في صراع داخلي دون أن يتخذ خطوة حقيقية نحو العودة كبطل خارق.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن ملاحظة تفاوت واضح في تركيبة الحلقة نفسها، حيث تتأرجح بين لحظات قوية وأخرى أضعف، مما يجعل الإيقاع غير متوازن أحياناً. حيث تظهر في بعض الأحيان بصمات النسخة الأصلية من المسلسل قبل التعديلات الإبداعية الشاملة التي أجريت عليه في مرحلة لاحقة من الإنتاج، حيث يبدو أن الحبكة القديمة كانت تركز بشكل أساسي على محاكمة ليروي وصراع فيسك مع دوره كعمدة، بينما الإضافات الأحدث، مثل قصة فرانك كاسل وقضية هيكتور أضفت الكثير من العمق والتشويق. وفي بعض اللحظات يمكن ملاحظة الفجوة بين هاتين النسختين، مما يؤدي إلى شعور بالتفاوت في السرد وكأن هناك خيطين قصصيين متداخلين لم يتم دمجهما بسلاسة تامة.
لكن يجدر القول أن الحلقة كانت مليئة بلحظات رائعة تُعطي جرعة من الصبر في انتظار الحلقة الخامسة التي نأمل أن تعيدنا إلى قلب الأكشن، خاصة مع ظهور الشرير "ميوز" أخيراً. ومن ناحية أخرى فإن عودة فرانك كاسل وحدها كانت لحظة تستحق الانتظار، ومع تصاعد التوتر في مدينة نيويورك وظهور شخصيات جديدة، يبدو أننا على أعتاب تحول كبير في القصة سيعيد مات موردوك إلى ساحة القتال من جديد.
في حين تعاني الحلقة الرابعة من Daredevil: Born Again من تفاوت في الإيقاع والسرد أحياناً، بالإضافة إلى استمرار غياب ديرديفل بزيه الشهير حتى الآن مما قد يحبط البعض، إلا عودة فرانك كاسل بحد ذاتها تجعلها تستحق كل الانتظار، بالإضافة إلى تهديد الشرير الجديد الذي يلوح بالأفق ويعد بمواجهات دموية قادمة تجعلنا لا نطيق الانتظار.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.