لا شك أن سلسلة Dying Light نجحت في ترك بصمة واضحة على خريطة ألعاب الفيديو منذ ظهورها الأول عام 2015. ورغم أنها لم تكن خالية من العيوب، إلا وأنها استطاعت أن تقدم للاعبين تجربة مختلفة، بفضل المزج المبتكر بين عناصر الرعب والأكشن والباركور، مما أضفى روحًا جديدة على قالب ألعاب الزومبي الذي بدا حينها مستهلكًا ومكررًا.
وعلى الرغم من خيبة الأمل التي رافقت إطلاق الجزء الثاني، إلا وأن استوديو Techland لم يفقد شغفه باللعبة، بل واصل دعمها وتطويرها على مدى سنوات طويلة استنادًا إلى ملاحظات اللاعبين، حتى تمكن في النهاية من تحسينها وإظهار أفضل ما لديها.
وها هو أستوديو Techland وبعد سنوات من التفاعل الوثيق مع مجتمع اللعبة، يعود ليقدم تجربة جديدة في هذا العالم المميز من خلال الجزء الثالث Dying Light: The Beast. عنوان يعيد إشعال حماس الجماهير بوعود بتجربة لعب أعمق وأكثر متعة، مع التزام واضح بتلبية تطلعات اللاعبين. والنتيجة تبدو واضحة وهي لعبة تَظهر بأفضل حُلة لها حتى الآن، متجاوزة بفارق ملحوظ ما قدّمه الجزآن السابقان.
روح الانتقام تُسيطر على بطلنا كايل غراين
تضعنا Dying Light: The Beast بعد ثلاثة عشر عامًا من أحداث توسعة The Following للجزء الأول، حيث يعود البطل المحبوب " كايل غراين" إلى الواجهة من جديد. وكما هو معروف فقد وقع "كايل" ضحية للاختطاف على يد شخصية غامضة تُدعى "البارون" الذي استغل مناعته الفريدة ضد عدوى الزومبي ليخضعه لتجارب علمية قاسية انتهت بتحويله إلى كائن هجين نصف إنسان ونصف وحش.
ومع ذلك تَمكن "كايل" في النهاية من الإفلات من قبضة "البارون" ليجد نفسه عائدًا إلى عالم قاسٍ يعج بجحافل الزومبي. مسلحًا بقوى استثنائية تمنحه قدرة مدمرة على سحق الأعداء، ينطلق في صراع مزدوج أولاً البقاء على قيد الحياة وسط هذا الجحيم، وثانيًا تحقيق انتقامه ممن تسبب له في سنوات طويلة من العذاب. وهكذا تنفتح أبواب فصل جديد كليًا في السلسلة، تَعد بمزيد من الدموية والدراما.
تستند الحبكة بلعبة Dying Light: The Beast إلى خطوط قصصية بسيطة ومباشرة، إذ يتحول " كايل غراين" بفعل أحداث قاسية إلى كائن هجين يجمع بين الإنسان والوحش، لينطلق بعدها في رحلة انتقام وسط عالم يسيطر عليه الفوضى والجنون. ورغم هذا الطابع التقليدي، فإن السرد لا يخلو من بعض اللمسات المميزة، حيث تمنح المهام الجانبية والحوارات القصيرة قيمة درامية إضافية تتجاوز أحيانًا ثقل القصة الرئيسية نفسها.
في النهاية تبقى الحبكة الرئيسية للعبة مجرد ذريعة للعب أكثر منها تجربة درامية متكاملة، وهو ما كان متوقعًا منذ الوهلة الأولى. ولكن بفضل الإيقاع السريع للأحداث والأداءات الصوتية والتمثيلية المبهرة، ترتقي القصة إلى مستوى أكثر سينمائية من أي وقت مضى، مقدمة لحظات جذابة مليئة بالحماس والتشويق تدفعك للانغماس في التجربة حتى نهايتها.
من حيث عمر القصة تُعد Dying Light: The Beast الأقصر مقارنةً ببقية أجزاء السلسلة، إذ تتطلب ما بين 16 إلى 18 ساعة لإنهاء المهام الرئيسية بالكامل. أما بالنسبة للاعبين الراغبين في خوض جميع المهام الجانبية واستكشاف كل ما تقدمه اللعبة، فقد يمتد وقت اللعب ليصل إلى أكثر من 45 ساعة من المحتوى.
حين يصبح الباركور سلاحك الفتاك
الباركور يظل القلب النابض لتجربة Dying Light: The Beast، حيث ما زالت اللعبة تحافظ على نفس الإحساس السلس الذي ميز السلسلة بدءًا من الركض فوق الأسطح والقفز بين المباني والتزحلق في الأزقة الضيقة ووصولاً إلى التسلق المحموم للهروب من الجموع. لكن الإضافة الأبرز هنا هي آلية الوحش الذي يفتح المجال أمام لحظات قوة وحشية تُشحن عبر مقياس الغضب، ليُطلق العنان لهجمات يدوية قاسية واندفاعات خارقة عبر الحشود، وحتى مناورات جوية مبالغ فيها باستخدام خطاف الحركة.
وعلى الرغم من المتعة الكبيرة التي توفرها آلية الوحش خاصة عند تفريغ طاقة الغضب ضد الأعداء، إلا وأنها تبدو كإضافة ساهمت في تسهيل مستوى التحدي بشكل ملحوظ، لتجعل التجربة أقل ضغطًا مقارنة بالأجزاء السابقة. وتتنوع هذه القدرات التي يمكن فتحها عبر هزيمة الزعماء، مما يضفي على المواجهات سواء مع الأعداء العاديين أو الزعماء أنفسهم طابعًا أكثر إثارة وعمقًا، ليُقدم بذلك لحظات لا تُنسى تظل راسخة في الذاكرة لفترة طويلة.
وبخلاف الباركور وآلية الوحش التي تُقدمها لعبة Dying Light: The Beast، فهي أيضًا لا تزال تواصل البناء على القاعدة الصلبة التي ميزت السلسلة منذ بدايتها بمزيج متقن من الأكشن والنجاة والرعب. فالمواجهات تعتمد بشكل أساسي على القتال اليدوي بأسلحة بيضاء متنوعة يمكن تعديلها وإضفاء لمستك الخاصة عليها، مع حضور محدود لكن فعال للأسلحة النارية.
بلعبة Dying Light: The Beast ستواجه العديد من الزعماء الذين يُقدمون قتالات متنوعة، فبعضهم يتميز بالسرعة والقدرة على القفز، بينما يمتلك آخرون قدرات خاصًة كالتخفي أو شن هجمات مباغتة. وتُقدم هذه المواجهات لحظات مثيرة وجرعة من التنوع المرحب به، لكن مع التقدم في الأحداث تبدأ بعض التكرارات بالظهور، حيث يُعاد تدوير أفكار الأعداء مع تغييرات شكلية محدودة، وهو ما يقلل تدريجيًا من عنصر المفاجأة وصولاً إلى نهاية القصة الرئيسية.
عالم مفتوح أصغر مقارنة بالجزء الثاني، ولكنه غني بالتفاصيل
لا يخفى على أحد أن تصميم عالم مفتوح متماسك وممتع يُعد من أصعب التحديات التي قد تواجه أي مطور ألعاب، ومع ذلك ينجح استوديو Techland مرة أخرى في إثبات قدرته على التميز في هذا الجانب من خلال Dying Light: The Beast. فعلى الرغم من أن اللعبة طُورت أساسًا كتوسعة للجزء الثاني وهو ما ينعكس بوضوح على حجم عالمها المفتوح الأصغر مقارنة بسابقتها إلا أن العالم جاء غنيًا بالتفاصيل ومليئًا بالمحتوى والتنوع البيئي الذي يطمح إليه اللاعبون.
لم يقتصر هذا التنوع على تعزيز متعة الاستكشاف فحسب، بل جعله عنصرًا محوريًا في التجربة ككل، إذ تمنحك كل منطقة فرصة فريدة للتحدي وكشف أسرارها الخاصة. كما يزخر هذا العالم بمهام جانبية غنية بالشخصيات والتفاصيل السردية، والتي ارتقت في كثير من الأحيان إلى مستوى يوازي بل وربما يتفوق على القصة الرئيسية نفسها، مع وجود أيضًا مهام جانبية أخرى مُكررة، ولكنها لا تُقلل من قيمة وجودة هذا العالم المميز.
نجحت لعبة Dying Light: The Beast في دفع مستوى العنف والدموية إلى آفاق جديدة، إذ قدم أستوديو Techland مشاهد قتالية مشبعة بالتفاصيل الدقيقة التي تُبرز التشويه والنزيف وحتى الانفجارات الجسدية، بأسلوب صادم يخدم هدف اللعبة الأساسي وهو غمر اللاعب في أجواء مشحونة بالتوتر والرعب، تزيد من جرعة المتعة والإثارة.
وعلى الصعيد الرسومي جاءت التجربة الرسومية بجودة جيدة وإن لم تشكل قفزة نوعية مقارنة بالجزء الثاني، وهو أمر متوقع كونها بُنيت أساسًا كتوسعة لها، لكن المشاهد السينمائية قُدمت بعناية، فيما عكست وجوه الشخصيات ردود فعل واقعية عززت الطابع الدرامي للحظات المحورية.
أما على مستوى الصوتيات والموسيقى، فقد أضافت اللعبة طبقة مميزة من الرعب والتوتر، إذ ساهمت الإيقاعات المقلقة وأصوات الزومبي في الليل في بناء أجواء تُبقينا في حالة ترقب دائم. وبفضل هذا التوظيف الصوتي الذكي، تتحول أبسط الخطوات خارج الأمان النسبي للأسطح إلى تجربة مشحونة بالرهبة والقلق.
على صعيد الأداء التقني قدمت Dying Light: The Beast تجربة مستقرة إلى حد كبير على جهاز Xbox Series X، حيث حافظت اللعبة على سلاسة الإطارات وثباتها في معظم الأوقات. ومع ذلك لم تخلو التجربة من بعض العثرات الطفيفة مثل مشاكل ظهور العناصر المفاجئ، بالإضافة إلى حالات نادرة من الإغلاق المفاجئ للعبة. ورغم أنها لا تفسد التجربة الكلية، فإنها تبقى نقاطًا مزعجة نأمل أن يعالجها أستوديو Techlandعبر تحديثات مستقبلية.
قد لا تمثل Dying Light: The Beast ثورة على ما قدمته السلسلة سابقاً، لكنها بلا شك خطوة راسخة تُجسّد خبرة Techland في صقل عناصرها الأساسية. فبين الباركور الانسيابي والقتال الدموي المشبع بالأدرينالين، والعالم المفتوح المليء بالتفاصيل، ينجح هذا الجزء في تجاوز فكرة كونه توسعة فحسب، ليشكل فصلاً جديداً يُقدَّم فيه أفضل ما وصلت إليه السلسلة حتى الآن.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.