عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

باحث في الشؤون الدولية يكشف خفايا صراعات المنطقة.. ويؤكد لـ"سبق": قيادة واجهت التحديات والمشاريع المشبوهة وحققت الاستقرار ووفّرت لشعبها اقتصادًا فعالًا

تم النشر في: 

13 أغسطس 2024, 9:31 صباحاً

- أمريكا تحتاج لرئيس قوي و"كاميلا هاريس" لا تختلف عن طريقة "" في إدارة الملفات أما "ترامب" فسيفاجئ العالم بقراراته.

- فرنسا في افتتاح خلطت حرية التعبير وتطاولت على المقدسات وكشفت صراعها العميق حول الهوية واليمين المتطرف وتراجع النفوذ في إفريقيا.

- حماس انتهت كجماعة لكنها باقية كفكرة مع أفكار أخرى تتشكل في فلسطين بعد "طوفان الأقصى" الذي غرق فيه الشعب الفلسطيني وقضيته.

- تتناغم وتتأقلم مع الظروف العالمية بطريقة مذهلة بما يخدم رخاء المواطن وأمن الوطن.

- إذا لم تنتهِ فوضى السلاح ويتم تفكيك المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط ستستمر المخاطر والتحديات الكبرى.

- العالم مقبل على تغيرات وتنافس بين القوى الكبرى على الهيمنة ومصادر الثروة والنفوذ مع تصاعد النفوذ الصيني والاندفاع الروسي.

- خفايا اغتيال هنية كثيرة.. إسرائيل لم تتبنَه حتى الآن وإيران لم تقدم الرواية الكاملة له.. وقيادات حماس هربت من المسؤولية واختارت "السنوار".

- مرحلة الحسم في الحرب الروسية الأوكرانية بدأت تقترب نوعًا ما والتوجه نحو مرحلة كسر العظم عسكريًّا ودبلوماسيًّا.

- السعودية فككت الكثير من الأزمات بدبلوماسيتها الهادئة والعقلانية وعلى العرب الاستفادة من تجربتها الداخلية والخارجية حتى لا تتشت دولهم.

- أخطر ما يهدد أمنَ الدول الصراعاتُ الداخلية على السلطة أو الثروة أو التراث الفكري.

أجرى الحوار/ شقران الرشيدي- باريس (فرنسا):

يقول الكاتب الحقوقي والباحث في الشؤون الدولية، أنور مالك: إن العالم مقبل على تغيرات كبرى في ظل التنافس بين القوى الكبرى على الهيمنة، ومصادر الثروة، والنفوذ مع تصاعد النفوذ الصيني والاندفاع الروسي.

ويوضح أن عملية الـ7 من أكتوبر تُعتبر أخطر ما حدث في فلسطين والمنطقة، وهي مغامرة ومقامرة غير محسوبة العواقب، لم تستفد منها القضية الفلسطينية أبدًا؛ بل كانت سبب نكبة جديدة، وأدت إلى كارثة إنسانية في قطاع غزة من حيث حجم الدمار والضحايا.

ويؤكد أن السعودية واجهت التحديات الكثيرة، وتمكنت من تأمين حدودها، واستقرار أوضاعها، وساهمت في تفكيك الكثير من الأزمات عبر دبلوماسيتها الهادئة والعقلانية، والتي تعمل من أجل الحفاظ على السلم العالمي، وهو ما يخدم الجميع. والقيادة السعودية وفّرت ظروفًا اقتصادية فعالة، وتناغمت وتأقلمت مع الظروف العالمية بطريقة مذهلة بما يخدم رخاء المواطن وأمن الوطن.

وتناول الحوار عددًا من المحاور السياسية المهمة حول الصراعات في منطقة الشرق الأوسط والعالم.. فإلى التفاصيل.

التصعيد الخطير

Q

** دعني أبدأ معك الحوار بالسؤال عن الذي يحدث حاليًا في منطقة الشرق الأوسط: لماذا كل هذا التصعيد الخطير بين اسرائيل والجماعات المسلحة، وإلى ماذا سينتهي؟

العالم مُقبل على تغيرات كبرى وكل ما يجري منذ اندلاع ما سُمي "الربيع العربي"، يوحي بأن هذا التغيير يفرض نفسه على الكل، وفي ظل ذلك يوجد تنافس بين القوى الكبرى على الهيمنة، ومصادر الثروة، والنفوذ أيضًا. وفي تقديري أن التصعيد الخطير القائم هو محاولات لاستعجال التموقع من طرف قوى كبرى ترى مصالحها صارت مهددة مع تصاعد النفوذ الصيني والاندفاع الروسي لاستعادة ما ضاع من قوة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، أما بالنسبة للجماعات والتنظيمات المسلحة في فلسطين ولبنان واليمن؛ فهي مجرد حروب بالوكالة، والدول التي يجري فيها هذا الصراع هي مجرد ساحات فقط لصراعات أخرى خفية وغير معلنة؛ فكل التنظيمات والمليشيات المسلحة هي مجرد أدوات لدى وكلاء يعملون لصالح دوائر، وفي مقدمتها المشروع الإيراني الذي منذ أن ظهر في المنطقة، وهو أخطر وسيلة مستعملة لابتزاز الدول، والإضرار بأمن العالم العربي والإسلامي عبر الحروب العبثية، والإرهاب وغير ذلك.

أعتقد أن هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة؛ ستؤدي حتمًا إلى مخاطر جسيمة، وتحديات كبرى إن لم يجرِ العمل على تفكيكها، والانتهاء من فوضى السلاح، وحظر التدخل في شؤون الدول الداخلية من خلال هذه الأدوات القذرة جدًّا. وأعتقد أن الحروب القائمة -وفي مقدمتها ما يجري بين حماس والجهاد وإسرائيل- ستكون لديها تداعيات وخيمة على العديد من الدول إن لم يتحمل العالم مسؤوليته لإيقاف نزيف الدم، وإيجاد حلول نهائية لعدد من القضايا، وفي مقدمتها دولة فلسطينية وفق حل الدولتين الذي يشكّل عَصَب الشرعية الدولية، ودون ذلك فسيزداد التطرف وينتشر الإرهاب ويبلغ مداه في السنين القادمة، وستعاني أجيالنا مستقبلًا من تحدياتٍ تهدد أمنهم واستقرار أوطانهم.

حماس انتهت

Q

** بعد مرور أكثر من 10 أشهر على هجوم الـ7 من أكتوبر، مَن الذي استفاد من كل هذا؟ وهل تمكنت إسرائيل من تفكيك حماس؟ أم أن النزاع تمدد إلى جبهات أخرى؟

عملية السابع من أكتوبر تُعتبر أخطر ما حدث في فلسطين والمنطقة، وهي مغامرة، ومقامرة غير محسوبة العواقب لم تستفد منها القضية الفلسطينية أبدًا؛ بل كانت سبب نكبة جديدة، وأدت إلى كارثة إنسانية في قطاع غزة من حيث حجم الدمار والضحايا.. وبسبب هذه العملية فقد أصبحت غزة غير صالحة للحياة، وأعادتها إلى ماضيها الذي يحتاج منها عشرات السنين من الأعمار، ومليارات الدولارات؛ فضلًا عن تضميد جراح الناس الذين فقدوا أهاليهم وأفراد أسرهم.

وفي تقديري أن إسرائيل استفادت في العموم من هذه المغامرة الغبية، ونجحت في تحقيق الكثير من أهدافها؛ فقد تمكنت من القضاء على ما لا يقل من 8 آلاف مقاتل في الجناح الحمساوي المسلح، وأيضًا العديد من القيادات العسكرية والسياسية، كما تمكنت بعدوانها -الذي بلغ منتهى الهمجية- من القضاء على دولة حماس في قطاع غزة؛ ليس هذا فقط بل إن سكان غزة يحمّلون حركة حماس مسؤولية معاناتهم، والكارثة الإنسانية التي حلت بهم جراء هذه الحرب العبثية التي صارت وبالًا على فلسطين، وقضية الشعب الفلسطيني العادلة، لقد نجحت إسرائيل في تفكيك دولة حماس في غزة وضربت بناها الاجتماعية والأيديولوجية والفكرية والسياسية والتنظيمية داخل القطاع، ولن تعود الحركة مرة أخرى لحكم غزة؛ فالسكان هناك لا يمكن أن يقبلوا بالحمساويين الذين كانوا سبب نكبتهم الجديدة دون أن يوفروا لهم أي حماية أو رعاية مسبقة لمثل هذه المغامرات العبثية. والصراع لن يتمدد أكثر مما نراه؛ فالجبهات كلها تحت إيعاز إيراني، ولا يمكن المغامرة بفتح حرب إقليمية ستكون تداعياتها معقدة وخاصة أن إسرائيل أثبتت قوة مخالبها، وسطوة أجهزتها، ويكفي اغتيال "إسماعيل هنية" في طهران، وتصفية "صالح العاروري" في الضاحية الجنوبية؛ وهو ما يشير إلى الامتدادات الكبرى داخل إيران نفسها.

كما نؤكد على أمر هام؛ أن ما بعد السابع من أكتوبر ليس مثل ما قبله، وأعتقد أن الحمساويين يدركون ذلك، فصاروا يراهنون على إنهاء الحرب بأي ثمن، وظهر بوضوح من خلال تراجع مستوى الشعارات والأهداف، وصاروا يريدون الاحتفاظ بما تبقى من تنظيم حماس، وسلطتهم في القطاع.. حماس انتهت كتنظيم؛ لكنها ستبقى كفكرة معينة، وستتماهى مع أفكار أخرى تتشكل في فلسطين بعد العملية التي سموها "طوفان الأقصى" التي غرق فيها الشعب الفلسطيني وقضيته، واستفادت إسرائيل منها كثيرًا.

اغتيال هنية

Q

** إسرائيل لم تعلن، حتى الآن، أنها اغتالت إسماعيل هنية، بينما أكدت اغتيالها لفؤاد شكر، ومحمد ضيف وغيرهم؛ فما هي الحقيقة الكامنة خلف اغتياله؟

اغتيال هنية فيه خفايا كثيرة، والدليل أن إسرائيل لم تتبنَه لحد الآن، ولا إيران نفسها قدمت الرواية الكاملة عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس الذي كان ضيفًا رسميًّا، وفي مناسبة رسمية تتمثل في تنصيب رئيس إيران الجديد، كما أن العملية وقعت في مقر رسمي تابع للحرس الثوري، وهو محصن؛ فإن اغتالته إسرائيل فلن يحدث دون أدوات ذات نفوذ قوي، وإن اغتالته أطراف أخرى ففي كشفت العملية ضعف نظام إيران داخليًّا وهشاشته الأمنية، ووجود بين أطراف متعددة لديها مصالحها، ولها علاقة وطيدة بكل ما يجري في قطاع غزة والمنطقة.

أما فيما يخص اغتيال إسماعيل هنية؛ فواضح أن العملية ليست كما يروج لها إعلاميًّا، فإيران تُخفي الحقيقة التي مفادها أن قرار تصفية هنية اتُّخذ في أعلى المستويات، ولو لم يكن هناك ضوء أخضر من محيط المرشد في أقل الأحوال فلن يحدث هذا الأمر.

الانتخابات الأمريكية

Q

** على الساحة الأمريكية، مَن الأقرب إلى حسم الانتخابات الرئاسية: الرئيس الجمهوري السابق "ترامب أم نائبة الرئيس الديمقراطي الحالي "كاميلا هاريس"، ولماذا؟ وما هي انعكاساته على منطقتنا؟

أولًا وقبل كل شيء، الولايات المتحدة الأمريكية دولة ديمقراطية، ومن الصعب التكهن مسبقًا بمن سيحسم الانتخابات لصالحه، ولكن هناك العديد من المؤشرات ومن بينها استطلاعات الرأي التي تعطي بعض ملامح المشهد القادم.. شخصيًّا أرجّح فوز ترامب إن بقي الأمر على الوتيرة التي نراها، ولم تحدث مفاجآت سواء من جهة ترامب أو من أي طرف آخر، وهناك أسباب كثيرة ومن بينها أن هاريس كانت نائبة بايدن، وقد عرفت مرحلتُه الكثير من الفشل؛ وهو ما يتحدث عنه الأمريكيون؛ الأمر الآخر أنها امرأة، وقد تمكن ترامب من هزيمة هيلاري من قبل، وكانت السيدة الأولى لولايتين في عهد زوجها كلينتون، كما تولت وزارة الخارجية في عهد أوباما، وتعتبر من نساء أمريكا اللواتي يتمتعن بحضور ونفوذ، وعلى الرغم من ذلك لم تتمكن من الوصول للبيت الأبيض؛ فالناخب لا يزال لديه حساسية وجود امرأة على رأس الولايات المتحدة، وإن كانت هاريس قد تمكنت من تفتيت جزء من هذا الحاجز النفسي بتوليها منصب نائب الرئيس.

وهناك تحولات كبرى في العالم بينها وباء ، وحرب أوكرانيا، وما يجري في الشرق الأوسط، والأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم؛ كلها عوامل حدثت في عهد بايدن وهاريس.. والناخب الأمريكي في عمومه يرى هذه الإدارة فشلت في مواجهة التحديات، خاصة ما يتعلق بالواقع الاقتصادي الداخلي، والقدرة الشرائية والتأمين الصحي وغيره. أما انعكاساته على المنطقة فأعتقد أن هاريس كانت نائبة الرئيس، وترامب كان رئيسًا، وعرفت هذه المراحل تحولات واجهها كل طرف بطريقته؛ لكن ما حدث في عهد بايدن أخطر بكثير، وصارت أمريكا تحتاج لرئيس قوي، وهو ما يؤمن به الناخب الأمريكي؛ فضعف الإدارة في المراحل السابقة جعل الوضع في المنطقة يصل إلى ما نراه من حروب وصراعات تهدد السلم العالمي، فهاريس لن تذهب بعيدًا عن بايدن في إدارة الملفات، وترامب سيفاجئ العالم بالعديد من القرارات التي سيكون فيها السلبي والإيجابي حتمًا؛ ولكن في عمومها تخضع لما عليه الوضع في العام القادم.

الألعاب الأولمبية

Q

** بعد مشاهد الإساءة لسيدنا عيسى عليه السلام، في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، هل تجاوزت فرنسا خطوط حرية التعبير عن الرأي إلى السخرية من الرموز الدينية "الغربية"؟

طبعًا ما حدث في فرنسا أثار غضب أطراف كثيرة، خاصة أن ذلك حدث في مناسبة عالمية بوزن الألعاب الأولمبية، وإن كان حدث من قبل؛ لكنه على مستويات مثل صحيفة "شارل إيبدو" التي أساءت عدة مرات للمسيح عليه السلام، مثلما حدث مع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ ولكنها تبقى صحيفة صفراء خاصة، وليست رسمية أو مناسبة تشرف عليها الدولة. وفرنسا تعيش على وقع الخلط بين الحرية في التعبير والتطاول على مقدسات الآخرين، وأعتقد أن هذا يعكس صراعًا آخر عميقًا يتعلق بالهوية الفرنسية وتصاعد اليمين المتطرف وتراجع النفوذ الفرنسي خاصة في القارة الإفريقية.

والعالم سيتضرر كثيرًا من هذا التطرف؛ فالحرية المطلقة بالمفهوم الفرنسي السائد مَفسدة كبرى لن تولد إلا التطرف والتطرف المضاد؛ مما سيخلق الصدام بين الأمم، وداخل الدول، وهذا لن يكون في صالح أحد، وفرنسا دولة مؤسسات؛ لكنها في السنوات الأخيرة تعيش فوضى أيديولوجية وسياسية واجتماعية قد تتجاوز ذلك إن لم يتراجع الخطاب العاطفي المتطرف، ويتقدم الخطاب العقلاني المتوازن الذي فشل فيه الرئيس الفرنسي الحالي، ولا يوجد ما يعيده لسكته مع الشخصيات السياسية التي تتصدر المشهد بباريس.

الصراع الروسي الأوكراني

Q

** لماذا يقال إن الأسابيع القليلة المقبلة "مهمة" على صعيد الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا؟ وإلى أي مدى يمكن أن يطول أو يقصر زمن هذه الحرب؟

أعتقد أن مرحلة الحسم في الحرب الروسية الأوكرانية بدأت تقترب نوعًا ما، وتعمل إدارة بايدن على أن يكون ذلك قبل نهاية العهدة الرئاسية، وبما سيساعد هاريس في الفوز على ترامب الذي أعطى لهذا الملف أولوية في سياسته الدبلوماسية إن عاد مجددًا إلى البيت الأبيض؛ بل انتقد كثيرًا إدارة بايدن على فشلها الذريع أمام الروس. هناك العديد من المؤشرات التي توحي بأن التنافس بلغ منتهاه على إنهاء الحرب؛ فالروس يريدون الحسم لصالحهم، وأمريكا في ظل بايدن تريد غير ذلك، وما يجري على الأرض يؤكد أن التوجه نحو مرحلة كسر العظم عسكريًّا ودبلوماسيًّا قائم على قدم وساق.

أمر آخر؛ أن حرب غزة شكلت متنفسًا للمشهد الأوكراني؛ حيث أخرجه من الضغط القائم إعلاميًّا ودبلوماسيًّا؛ مما جعل الأطراف كلها تعيد ترتيب أولوياتها في الصراع القائم بين كييف وموسكو؛ لذلك فالمرحلة القادمة -وتحديدًا الأشهر الأخيرة من إدارة بايدن- مهمة للغاية؛ فالديمقراطيون لا يريدون المغامرة بالتصعيد المسلح الذي يفتح الباب نحو تهديدات نووية أو نحو ما يكون لصالح روسيا، وترامب لديه رهاناته، وفي المقابل بوتين يستغل ما يجري في الشرق الأوسط، وما سوف يحدث في مناطق أخرى خاصة منطقة الساحل والصحراء في القارة الإفريقية، ويجعل القادم مصيريًّا للجميع.

اختيار "السنوار"

Q

** ما هي تداعيات اختيار "يحيى السنوار" رئيسًا جديدًا للمكتب السياسي لحماس؟

من حيث المبدأ فإنني شخصيًّا أعتبر هذا التعيين هو مجرد اختيار شكلي لشخص في حالة اختفاء، ولم يظهر منذ عملية السابع من أكتوبر، ويجهل مصيره ودوره في إدارة الحرب القائمة في قطاع غزة، والتي أدت إلى حصيلة مرعبة من الضحايا والدمار والدماء والدموع. وهذا التعيين جاء بعد اغتيال "إسماعيل هنية" في طهران، وأعتقد أن قيادات حماس في الخارج فضّلت التهرب من تحمل مسؤولية رئاسة تنظيم صار مطلوبًا عالميًّا، والاحتلال الإسرائيلي قرر تصفية كل قياداته التي لديها علاقات بعملية السابع من أكتوبر، وأي شخص سيخلُف هنية سيكون ضمن تلك الأهداف لدى المخابرات الإسرائيلية؛ خاصة أن هنية نفسه تمت تصفيته في طهران بغرفة نومه في منزل للحرس الثوري، وهو ضيف رسمي في مناسبة رسمية تتمثل في تنصيب رئيس إيران الجديد.

كما أنه من قبل تم اغتيال صالح العاروري وهو في منطقة محصنة تابعة لـ"حزب الله" بالضاحية الجنوبية.. كل هذا أرعب قيادات حماس، وجعل الدول التي تستضيفهم في حرج كبير؛ لذلك بإيعاز من أطراف متعددة وأولها طهران، تم الاتفاق على إعلان السنوار خليفة لهنية.. وحسب ما توفر لديّ من معطيات وتقييمات؛ فإن يحيى السنوار ليس لديه تواصل مع قيادات حماس منذ عدة أشهر؛ بل إنه منذ مدة وإسماعيل هنية يكيل له الانتقادات ويحمله مسؤولية النكبة الجديدة التي حدثت في قطاع غزة. وفي اعتقادي أن تعيين السنوار ليس حدثًا، والأمر مجرد استراحة -إن صح التعبير- لقيادات حماس التي فشلت في إدارة الحرب، وسقطت "بروباغندا" الطوفان لدى الرأي العام، وصارت تخشى الاستهداف، وتعيش تحت ضغط الدول التي تؤويها، وتدعمها ماليًّا وإعلاميًّا، وأيضًا هو استباق لخروج نهائي للسنوار من المشهد عبر منصب كبير لا يقدم ولا يؤخر شيئًا بالنسبة لشخص يقولون إنه هارب في الأنفاق منذ السابع من أكتوبر.

السعودية والاستقرار

Q

** رغم ما يحدث حول السعودية من نزاعات؛ لا تزال واحة أمن وازدهار، وتطلق المشاريع التنموية في مختلف المجالات؛ فما هو الذي يجعل المملكة ذات اقتصاد ينمو ويتنوع ويستقر بهذا الشكل؟

ليس بالمستغرب التحديات التي تحيط بالمملكة العربية السعودية؛ فعبر تاريخها واجهت تحديات كثيرة، وتمكنت من تأمين حدودها، واستقرار أوضاعها؛ بل ساهمت في تفكيك الكثير من الأزمات عبر دبلوماسيتها الهادئة والعقلانية، والتي تعمل من أجل الحفاظ على السلم العالمي، وهو ما يخدم الجميع. والقيادة السعودية تمكنت من تحقيق أهم عوامل الأمن في كل دولة، وتتمثل في استقرار المؤسسات الحاكمة، ووعي المواطن بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه وطنه وأمنه، وأيضًا سد المنافذ تجاه المشاريع المشبوهة والمهددة لوحدة البلاد الدينية والفكرية والثقافية والسياسية والأمنية، وتوفير ظروف اقتصادية فعالة تمكنت من الصمود في وجه كل التحديات التي واجهت كبرى الدول من كل النواحي.

والمتابع لشؤون الدولة السعودية عبر تاريخها، يجدها تتناغم وتتأقلم مع الظروف العالمية بطريقة مذهلة للمراقبين، ووفق ما يخدم رخاء المواطن وأمن الوطن، ويساعد أوطان الآخرين على دوام الاستقرار إن كانت مستقرة، واستعادة عافيتها إن كانت تعيش في أزمات.. وهذا المنهج في الحكم الرشيد جعل المملكة العربية السعودية لديها مناعة تبلغ منتهاها في وضع عالمي سيئ كما نعيشه نحن الآن، وطبعًا الفضل لله تعالى أولًا ثم لقيادة المملكة التي أثبتت حكمتها وحنكتها في مواجهة كل الصعاب، وإبعاد البلاد عن أي فتن ومِحَن وقعت فيها دول كثيرة للأسف، وبينها العربية والإسلامية. وأخطر ما يهدد أمن الدول؛ الصراعات الداخلية سواء على السلطة أو الثروة أو التراث الفكري، وهو ما ظلت السعودية بعيدة عنه، وتم توفير كل عوامل الحصانة المطلقة أمام مثل هذه التحديات الكبرى، التي تفكك العقد الاجتماعي في العديد من دول العالم.

وأعتقد أنه يجب على العرب في أزماتهم العودة إلى ، والاستفادة من تجربة السعودية الداخلية والخارجية، ودون ذلك سيعيش العالم العربي والإسلامي الكثير من الأزمات التي تهدد بعض الدول بالتفكك الجغرافي والتشتت الديموغرافي لا قدر الله.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا