عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

عالم السياسة الشهير "كاساغراندار" لـ"سبق": الأمير محمد بن سلمان من القادة القلائل على كوكب الأرض الذين يمتلكون قيادة فذة.. والسعودية محظوظة بوجوده

تم النشر في: 

25 أغسطس 2024, 9:09 صباحاً

- لا يوجد صراع الحضارات.. والغرب ينظر إلى صعود العالم الثالث باعتباره صراعًا وتعديًا على هيمنته وتحديًا لرواياته التاريخية الكاذبة.

- التوسع الأخير لمجموعة "البريكس" يكشف أن هناك تحولًا متزايدًا بين حلفاء أمريكا التي أصبحت تشكل حالة غريبة رغم اقتصادها القوي.

- درستُ وبحثت في التاريخ فاكتشفت أنه قد تم تضليلنا عمدًا عن الحضارة العربية الإسلامية حتى يتم تشويه سمعتها ومحوها من التاريخ.

- أمريكا مديونة بـ35 تريليون دولار وتوقفت عن التحديث وعجزها هائل في التعليم.. وما دام جيل "الطفرة" الأمريكية في السلطة فلا أمل للإصلاح.

- 6% من سكان العالم "عرب" وخلال 30 عامًا قُتِل منهم في الحروب والصراعات والإبادة الجماعية 1%.. وهم نصف لاجئي العالم حاليًا.

- لا يوجد أمة أو ثقافة أفضل من الأخرى ويجب علينا أن نحتفل بالتنوع والتسامح ونرفع بعضنا ليتم صناعة روابط السلام.

- خالد بن الوليد أسس لمبدأ الحرب وابتكر التميز القيادي العسكري وأصبح مصدر إلهام للقادة العسكريين اليوم.. ونابليون فشل في ذلك.

- سمات عصر ما بعد الحداثة هي العقل والمساواة وقوانين الحقوق.. ونحن في المراحل النهائية من الرأسمالية والمتوقع حدوث تغييرات كبيرة.

- العرب المسلمون أنشأوا إمبراطورية منفتحة وكانوا متسامحين ومبتكرين.. والنساء العربيات انخرطن في المجتمع ولعبن أدوارًا سياسية ودينية كبيرة.

أجرى الحوار/ شقران الرشيدي- سبق- : يُعد هذا الحوار بمثابة جولة تاريخية وثقافية واقتصادية متنوعة، يأخذنا فيها أستاذ العلوم السياسية بجامعة "أوستن" الأمريكية، المفكر الشهير "روي كاساغراندا"، ليعيد أمامنا قراءة التاريخ بحيادية، فحينما يعرّف حقيقة عصر المعلومات، وما بعد الحداثة، والرأسمالية المتأخرة، والنخب الأمريكية، وصراع الحضارات، يقول: "تم تشويه سمعة المسلمين بشكل عام، والعرب والفرس على وجه التحديد، ومحو حضارتهم من التاريخ"، ثم يتحدث عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضى الله عنه، بإعجاب، ويثني على عبقرية شخصيته، وعندما يسرد القصص الرائعة لأعظم أربع قادة عسكريين في التاريخ، يتملكنا شعور بأننا نتصفح معه من جديد أحداث التاريخ، ونتعرف عن قرب على الشخصيات، والحضارات لكن برؤية واعية، ومنصفة.

و"كاساغراندا" المعروف بتطوير أساليب البحث في الدراسات التاريخية، خص "سبق" بحوار أكد فيه أن تحولات المجتمع نوعية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يتميز بـ3 صفات قيادية، قائلًا عنه: "إنه من القادة القلائل على كوكب الأرض حاليًا الذين يمتلكون قيادة فذة، والسعودية محظوظة بوجوده".

الجدير بالذكر أن الحوار قد تم باللغة الإنجليزية ثم تُرجم للعربية، فإلى التفاصيل.

صراع الحضارات

Q

** هل نحن نعيش في صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي؟ أم أن هذه الأمور مبالغ فيها؟

إحدى المشاكل الكبرى التي يواجهها الجنوب العالمي أو ما يسمى "العالم الثالث"، هي أنه لا يزال يدرس التاريخ من المنظور الغربي؛ مما يعني أنه قَبِلَ ضمنًا بالتفوق الغربي عليه.. ولتكريس هذا الأمر، وللحفاظ على سيادة التاريخ الغربي، ادعى الغربيون أنهم اخترعوا المحرك البخاري رغم أنه قد تم اختراعه مرتين قبل أن يعيدوا اختراعه في القرن الثامن عشر، كما أنهم ادّعوا صناعة المنهج العلمي، وحساب التفاضل والتكامل، والآبار، والطرق المعبدة، والزراعة الحديثة، والطب الحديث، وعدد كبير آخر من الاختراعات الأخرى المنسوبة إليهم بشكل خاطئ.

هذا جانب، وعلى الجانب الآخر، فليس هناك صراع حضارات؛ لأن ما نراه يحدث حاليًا هو أن الهنود بدأوا يستعيدون تميزهم في الرياضيات والصفر، والعرب يستعيدون الحداثة والزراعة والمنهج العلمي وحساب التفاضل والتكامل، ويستعيد الفرس الطب الحديث والجبر ووثيقة الحقوق والخوارزميات؛ ولذلك يمكن القول إن شعوب العالم الثالث أصبحت تعيد تأكيد نفسها بعد انتهاء الاستعمار الغربي، وإذا كان هناك تصادم حضاري، فهو أن الغرب ما زال يحاول تعزيز سيطرته على العالم، وأذكر أنني كنت في نقاش مع أحد الأشخاص، وكان من المفترض أن يكون هذا النقاش فرصة لإيجاد أرضية مشتركة بيننا وإجراء حديث مفيد؛ لكنه تَحول إلى نقاش حول حرية التعبير، قال لي: "بما أنني رجل أبيض، فأنا مضطهد، لا أستطيع ممارسة حريتي في التعبير بعد الآن"، وكان جوابي له: "لا أحد يضطهد الرجال البيض المتميزين في أمريكا، وما يحدث حاليًا هو أنك بدأت الآن تسمع أصواتًا أخرى من السود، والسمر، والصفر، والنساء، وأنت لست معتادًا على مشاركتهم لك المسرح العالمي"، وهذا هو بالضبط ما يدور حوله ادعاء صراع الحضارات، وفي رأيي أن هناك حضارة عالمية واحدة (سواء أحبها أحد أم لا)، وداخل هذا الكون العالمي الذي نعيش فيه توجد ثقافات متنوعة تعبر عن نفسها بطرق مختلفة، وقد ساهم كل منها بجزء في بناء حضارتنا العالمية، والمشكلة أن "أوروبا وأمريكا" غير معتاد على تقبل حقيقة التاريخ الذي شكل عالمنا من منظور غير غربي؛ فهم ينظرون إلى صعود العالم الثالث باعتباره صراعًا، وتعديًا على هيمنتهم، وتحديًا لرواياتهم الكاذبة التي أمضوا قرونًا عديدة في تعزيزها.

الباحثون المتميزون

Q

** تُعَد أحدَ الباحثين المتميزين القلائل الذين أثنوا بإنصاف على تاريخ الحضارة العربية والإسلامية ومراحلها المختلفة، ما السبب؟

كل شخص لديه التحيزات، وجميع الثقافات لها قيم وبها عيوب، ولا يوجد مجتمع أفضل من مجتمع، ونحن جميعًا نحاول أن نجد طريقنا في عالم معقد لا يوجد به أحد يملك الحقيقة بما يكفي لمعرفة كيفية تصحيح الأمور، وكل ما يمكننا فعله هو أن نأمل أن نتمكن كمجتمعات من تقريب وجهات النظر بيننا بدرجة كافية ليتم صناعة بعض روابط السلام بيننا؛ فلا يوجد أمة أو ثقافة أفضل من الأخرى، وعندما كنت طفلًا تعلمت أنه يجب علينا أن نحتفل بالتنوع والتسامح، ونرفع بعضنا، كما اكتشفت أن كل ما تعلمته في المدارس العامة الأمريكية كان خاطئًا (ما عدا الرياضيات)، فلم نتعلم اللغة الإنجليزية السليمة، ولو سألت أي شخص في أمريكا عن ما هي الأمة سيعطيك تعريف الدولة، ولو تسأل عن النظرية سيعطيك تعريف الفرضية.. كما تعلمنا في المدارس سلسلة من الأكاذيب التاريخية، فعلى سبيل المثال الرئيس الأمريكي جورج واشنطن لم يكن يضع أسنانًا خشبية بدلًا من أسنانه التي سقطت، كما درسنا؛ بل كان يلبس طقم أسنان مصنوع من أسنان العبيد الذين يملكهم، والمخترع هنري فورد لم يخترع السيارة، وبن فرانكلين لم يخترع النظارات أو الكهرباء، والرومان لم يخترعوا الطرق المعبدة أو القنوات المائية، وفي الواقع كانوا سيئين في هذا الجانب.. كذلك من خلال بحثي عن الحقيقة، أدركت أنني لا أعرف أي تاريخ للشرق الأوسط منذ عام 476م حتى 1914م، وعندما قرأت المزيد عن هذا التاريخ، أدركت أننا قد تم تضليلنا عمدًا لكي نبقى جاهلين، وحتى يتم تشويه سمعة المسلمين بشكل عام، والعرب والفرس على وجه التحديد، ومحو حضارتهم من التاريخ، وكلما قرأت المزيد شعرت أنه أصبح من واجبي أن أبدأ في سرد قصص حقيقية عن أولئك الذين تم حذفهم من التاريخ.. ولسوء الحظ، لا أستطيع أن أروي جميع القصص، لكن هدفي هو أن أروي أكبر عدد ممكن منها.. لقد أمضيت الكثير من الوقت في العالم العربي، ولقد كان للمحو والتجاهل الحضاري عواقب وخيمة، فالعرب يشكلون حاليًا 6% من سكان العالم، وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية قُتِل منهم 1% في الحروب العسكرية، والصراعات الأهلية، والإبادة الجماعية، كما أن ما يقرب من نصف اللاجئين في العالم حاليًا من العرب، في ظل أكبر أزمة لاجئين على الإطلاق في التاريخ، ربما أكون ساذجًا، لكن تفكيري كان أنه إذا تمكنت من إعطاء صوتي للشعب العربي، فربما تخف بعض الكراهية ضدهم.

خالد بن الوليد

Q

** تقدم محاضرات بطريقة مبهرة عن دور القائد المسلم خالد بن الوليد، فكيف ترى مقومات تفوقه العسكري؟

كان خالد بن الوليد قائدًا قادرًا على رؤية كل ميدان معركة على أنها حالة فريدة من نوعها، وكان يضع حلًّا فريدًا مناسبًا لها، وإذا نظرت إلى الاستراتيجيين العسكريين الذين نقدرهم، كالقائد الفرنسي نابليون على سبيل المثال، وطريقة قيادته للمعارك؛ سنجد أن ذلك أدى في إلى سقوطه وفشله حيث تَوصل البريطانيون و"البروسيون" (نسبة إلى مملكة بروسيا في أوروبا الوسطى والشرقية)، إلى طريقة لكسر معادلة النجاح التي وضعها، أما في حالة القائد المسلم خالد بن الوليد، فنادرًا ما استخدم نفس التكتيك العسكري مرتين في المعارك، وعندما تظن أنه أسس لمبدأ الحرب؛ فإنه يتحدى هذا المبدأ ويفعل العكس، ولم يؤدِّ هذا النوع من الابتكار المتميز إلى نجاحاته العسكرية المذهلة فحسب؛ بل إنه أصبح مصدر إلهام لجميع القادة العسكريين الذين يحاولون حل مشاكل العالم اليوم، وبالنسبة لخالد بن الوليد، لم يكن هناك شيء ثابت، ولم تؤطره أي مجموعة من المعتقدات والأفكار العسكرية، وما يعلمنا إياه خالد بن الوليد هو أنه إذا كنت تريد تغيير العالم؛ عليك أن تتخلى عن ارتباطك بأفكارك، وأن تكون منفتحًا على عالم أكثر تعقيدًا مما يستطيع أي منا فهمه بالكامل.

أعظم القادة العسكريين

Q

** هذا يقودني إلى سؤال: من هم أعظم القادة العسكريين في تاريخ البشرية، ولماذا؟

أولهم القائد المسلم خالد بن الوليد الذي خاض ما بين 24 إلى 50 معركة، وفاز بكل شيء باستثناء معركة واحدة، وهي غزوة "مؤتة"، وفيها كان يجب أن يُقتل، وبدلًا من ذلك، انتزع قوته الصغيرة من قبضة جيش ساحق، وكان انسحابه التكتيكي بمثابة فوز بطريقة ما.

والقائد الثاني هو فرعون الأسرة الثامنة عشرة "تحتمس الثالث"، فعندما استولى على الإمبراطورية التي أسستها زوجة أبيه وبنى عليها، وقاد 17 حملة عسكرية، لم يخسر معركة قط.

أما الإسكندر الثالث الكبير فقد فعل المستحيل، وشق طريقه إلى الهند، وتغلب على جيوش تتفوق عليه عددًا، وكان الأمر مستحيلًا تمامًا، لكنه فعلها.

والقائد "كوروش الثاني" الملقب بـ"كوروش الكبير" لم يكن قائدًا لامعًا ومقتدرًا فحسب؛ بل كان يتصور إمبراطورية شاملة، ومتسامحة مبنية على قوة التنوع، وأصدر أول وثيقة حقوق في العالم في عام 536 قبل الميلاد.

وأيضًا القائد "شابور" الأول الذي تغلب على ثلاثة أباطرة رومان، هم: الإمبراطور جورديان الثالث، والإمبراطور فيليب العربي (سمي العربي لأنه ولد في مدينة "شهبا" في )، والإمبراطور فاليريان، ولقد هزم الإمبراطور "فاليريان" بشكل ساحق؛ لدرجة أنه أسَره حيًّا مع فيلقين رومانيين كاملين، وكان "فاليريان" أول إمبراطور روماني يتم أسره على الإطلاق، ويمكن القول إن "شابور" فهم قوة البحرية الرومانية، وقدرتها على السيطرة على سوريا وفلسطين؛ لذا بدلًا من محاولة الاحتفاظ بالأراضي التي احتلها، لجأ إلى نهبها وتركها تسقط مرة أخرى في أيدي الرومان.

تاريخ البشرية

Q

** ما هي المرحلة التي نعيشها حاليًا من تاريخ البشرية، وما هي سماتها؟

قيل لنا إننا نعيش الآن في "عصر المعلومات"، ولذا إذا تم تسمية عصرٍ ما بناءً على أهم موارده كما سمي العصر الحجري، والبرونزي، والحديدي، وما إلى ذلك؛ فإن تسمية عصرنا بعصر "المعلومات" هو اسم مناسب؛ فالمعلومات هي مورد يباع ويشترى كغيره من الموارد الأخرى.. صحيح أنه قد يتم التلاعب به، واستخدامه للإعلام، وخداع الناس أيضًا؛ لكنه مورد؛ وبالتالي المعلومات هي مورد يمكن تحويلها بسهولة إلى سلاح فعال، مثلما كان يتم تحويل البرونز أو الحديد إلى أسلحة في أزمان سابقة. ودعني أوضح أنه منذ التسعينيات وحتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان هناك اسمان آخران لعصرنا، هما: "عصر ما بعد الحداثة"، و"عصر الرأسمالية المتأخرة"، ورغم أن هذه المصطلحات لا يبدو أنها تتمتع بنفس مستوى الاستخدام والرواج الذي كانت عليه؛ إلا أنها لا تزال تكشف لنا بعض الحقائق حول هذا العصر الذي نعيشه.

ما بعد الحداثة

Q

** دعني هنا أطرح السؤال التالي: ما هي سمات "عصر ما بعد الحداثة"؟

سماته العقل، والمساواة، وقوانين الحقوق، والسعي وراء الحقيقة، والإيمان بالصالح الأعظم.. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، ربما يكون أحد سمات ما بعد الحداثة هو أن الناخبين يعتقدون أن القضية الأكثر أهمية اليوم هي الاقتصاد؛ ولذا فلقد أصبح الاقتصاد غايةً بدلًا من أن يكون وسيلة، وهنا يتعين على الولايات المتحدة أن تُغَير شعارها إلى لماذا نجني المال ونكسب المزيد منه؟ لأن الهدف من المال أصبح لا معنى له، ويجب أن يكون الهدف هو كسب المال للقيام بشيء ما.

الرأسمالية المتأخرة

Q

** وإلى ماذا تشير عبارة "عصر الرأسمالية المتأخرة"؟

تشير بشكل متفائل إلى أننا في المراحل النهائية من الرأسمالية؛ فليس هناك شك في حدوث تغييرات كبيرة في الرأسمالية، فعلى سبيل المثال إذا كنت تريد تقييم كيفية عمل اقتصاد جمهورية الشعبية، فسوف تقول ببساطة إنها تنتج سلعًا رخيصة الثمن وتصدرها، وعند تقيّم كيفية عمل اقتصاد جمهورية ألمانيا الاتحادية، فستقول إن الآلة الصناعية الألمانية ركّزت بشكل كبير على المكونات الدقيقة عالية التقنية التي تصدرها، أما فستقول عنها إنها تبيع للعالم، وهذه ليست أسرارًا بل أمورًا معروفة للجميع.

في أمريكا

Q

** وماذا عن الرأسمالية المتأخرة في أمريكا باعتبارها الآن أقوى اقتصاد في العالم؟

عندما أشرح الاقتصاد الأمريكي، فسأقول كان الميزان التجاري الأمريكي سلبيًّا لمدة خمسين عامًا، والصادرات الأولى للولايات المتحدة هي الدولار، وأيضًا بيع الكثير من المنتجات الغذائية، وبعض الطاقة، والأسلحة، والموسيقى، والأفلام.. وابتداءً من عام 1981م انتقلت من الديون المتواضعة إلى الضخمة، واليوم حكومة أمريكا مديونة بمبلغ 35 تريليون دولار، ولهذا فقد توقفت عن صيانة وتحديث البنية التحتية، كما خفّضت الإنفاق على التعليم منذ الثمانينيات؛ وبالتالي تعاني من عجز هائل في التعليم مقارنة بالعالم الثالث، وفي رأيي أنه ما دام جيل الطفرة السكانية الأمريكية في السلطة؛ فليس هناك أي أمل في أن تتمكن أمريكا من إصلاح هذه الأمور؛ ناهيك عن القيام بأي شيء للمساعدة في الأمور الأخرى كالاحتباس الحراري العالمي أو أي قضية عالمية أخرى، والنخبة الحاكمة في أمريكا ترفض السماح بارتفاع الضرائب المفروضة عليها، وتصر على إبقاء العبء الضريبي على كاهل الطبقة المتوسطة.. ومع ذلك، وعلى نحو ما؛ يستمر الاقتصاد الأمريكي في النمو والبقاء على قيد الحياة، فهو يمثل 25% من الاقتصاد العالمي، وهو لاعب حاسم دوليًّا، وأود أن أوضح أن هناك تحولًا متزايدًا بين حلفاء أمريكا وأصدقائها، كالتوسع الأخير لمجموعة "البريكس"، ورغم ذلك لا تزال الولايات المتحدة تشكل حالة شاذة غريبة تعمل خارج القواعد الرأسمالية القديمة.

عصر الإنترنت

Q

** بناء على رأيك فنحن نعيش في عصر المعلومات، وما بعد الحداثة، والرأسمالية المتأخرة، وماذا أيضًا؟

عندما نضع الإنترنت في المعادلة، تتبادر إلى ذهننا مجموعة أخرى من الأسماء لهذا العصر، كعصر المعلومات المضللة، أو عصر غرفة الصدى، أو ربما عصر ما بعد الحقيقة.. والمفارقة الحاسمة في عصر الإنترنت هي أننا ككائنات بشرية لم نتمكن قط من الوصول إلى هذا القدر من المعلومات المكثف، ومع ذلك، يبدو الأمر وكأننا لا نعرف إلا القليل عن العالم، والعلوم الأخرى المختلفة، وفي الواقع فإن ما كنا نعرفه في 1984م قد يكون بالنسبة لنا بمثابة ذكريات قديمة، ولكي أكون صادقًا سأقول فقط إن الناس لم يستفيدوا بشكل كامل من الإنترنت، والمشكلة هي أن الناس يقررون ما يريدون تصديقه ثم يبحثون عن أدلة تدعم ذلك؛ مما يجعل خوارزميات الإنترنت تدفع الناس إلى ما يسمى "فخ الأرانب" الذي يقدم لهم معلومات مضللة بدلًا من إجبارهم على مواجهة حماقةٍ ما يصدقونها.

أفكار ملهمة

Q

** لقد قدّمت أفكارًا ملهمة حول كيفية المبادئ الإسلامية في مجال الابتكار، فما هي أبرز تلك المبادئ؟

أنا دائمًا أهدف إلى أن تكون قراءتي منصفة للتاريخ، وليس تقييمًا للمبادئ الدينية.. والعرب المسلمون في القرن السابع أصحاب مبادئ لذا كانوا متسامحين، ومبتكرين، وعطوفين، وآمنوا بالمساواة بين جميع البشر، وكانت النساء العربيات قويات، ومنخرطات بشكل كامل في المجتمع المدني، وقاتلن في المعارك، ولعبن أدوارًا سياسية ودينية كبيرة؛ وبالتالي استطاع العرب إنشاء إمبراطورية منفتحة ومتنوعة، وبحلول بداية القرن التاسع حققت إنجازات علمية، ورياضية، وفلسفية جديدة قدمتها للحضارة الإنسانية.

المجتمع السعودي

Q

** كيف تنظرون إلى التحول الذي يشهده المجتمع السعودي حاليًا بقيادة ولي العهد، وكيف تضعونه في السياق التاريخي؟

باعتباري عالمًا سياسيًّا، فأنا مهتم دائمًا بأسئلة مثل: ما هو الحكم الرشيد؟ وكيف تبدو القيادة الجيدة؟ وبهذه الطريقة أنا أتبع التوجه الـ"مكيافيلي" بعض الشيء؛ ولكن ليس بالطريقة السلبية التي يفكر بها معظم الناس في هذا المصطلح، ففي الفصل السادس من كتاب الأمير يقول إن أفضل القادة هم من يستخدمون قواعد وأساليب جديدة في الحكم؛ وبالتالي يصف كل حاكم بأنه يجب أن يمتلك الموهبة اللازمة في اتخاذ القرارات الجيدة، وبمعنى آخر، فإن صفات القائد الجيد، أنه مبتكر، وموهوب، وملهم، وبالتالي يحافظ على دولته من التخلف الحضاري.. وبالعودة لسؤالك، وباعتباري مراقبًا سياسيًّا؛ فيمكنني القول إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يتمتع بالصفات الثلاث جميعها، وهي الابتكار، والموهبة، والإلهام، ويبدو أن عددًا قليلًا جدًّا من الدول على كوكب الأرض لديه الآن هذا النوع من القيادة الفذة، وينبغي على المملكة العربية السعودية أن تعتبر نفسها محظوظة للغاية بوجوده.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا