عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

الانتخابات الألمانية.. صعود اليمين المتطرف يضع البلاد في مفترق طرق

تم النشر في: 

23 فبراير 2025, 4:39 مساءً

في قلب أوروبا، تواجه ألمانيا مرحلة حرجة تحرك فيها الأحداث السياسية نسيج التحالفات التقليدية بشكل لم يشهده المشهد السياسي منذ عقود، بعد انهيار الحكومة السابقة وتفكك التحالف البرلماني الذي كان يجمع بين الحزب الاجتماعي الديمقراطي، حيث جرت الانتخابات المبكرة اليوم، لتكشف عن معادلة انتخابية جديدة قد تغير ملامح الديمقراطية الألمانية.

ففي خضم توترات اقتصادية واجتماعية، تتجه الأوزان السياسية نحو اختيار غير مسبوق، حيث يتوقع الخبراء أن يحقق التيار المحافظ بقيادة فريدريش ميرز، صوتاً يقارب 30%، بينما ترتفع نسبة التيار اليميني المتطرف – الذي يمثل حزب "البديل لألمانيا" – لتصل إلى حوالي 20%، وهو رقم قياسي لم يسبق له مثيل. وفي المقابل، يتوقع أن يتلقى حزب العمال، الذي يقوده أولاف شولتز تاريخية منخفضة بنحو 15%، مما يزيد من حدة الانقسام السياسي وتحديات تشكيل الحكومة المقبلة.

تفكك الائتلاف الحاكم

وتعقب هذه النتائج فترة من الاضطرابات، التي أدت إلى تفكك الائتلاف الحاكم، حيث لم تعد قوى الحكومة السابقة قادرة على تجاوز الخلافات الداخلية حول قضايا حساسة كسياسة الهجرة وإصلاح الاقتصاد الوطني. فقد أضحت قضايا الأمن والهجرة من المحاور الرئيسية التي أثارت استياء الشريحة الكبيرة من الناخبين، خاصةً بعد وقوع سلسلة من الحوادث الأمنية، التي ارتبطت بتدفق اللاجئين، مما أعاد إلى الواجهة مخاوف كانت تكبتها سنوات، وإن دعم التيار اليميني المتطرف لمثل هذه السياسات الصارمة، الذي تسعى به القوى التقليدية للحصول على دعم إضافي في البرلمان، يُعدّ خطوة محفوفة بالمخاطر، إذ يفتح الباب أمام سياسات قد تعيد ألمانيا إلى فصول من التاريخ السياسي المظلم.

ويحاول فريدريش ميرز – المرشح المحافظ – استغلال هذه الظروف لتقديم رؤية إصلاحية تهدف إلى إعادة بناء الهيبة الصناعية والاقتصادية لألمانيا عبر خفض الضرائب وتخفيف الروتين البيروقراطي. إلا أن هذا التحرك السياسي يأتي مع ثمن باهظ، حيث إن اعتماد دعم التيار اليميني المتطرف يثير تساؤلات حول مدى التزام التيار السياسي بالمبادئ الديمقراطية الأساسية، ما يضع النظام السياسي الألماني أمام تحديات جمة في تشكيل حكومة مستقرة.

انقسام سياسي

وتشير مؤشرات استطلاعات الرأي إلى انقسام واضح في الساحة السياسية؛ فبينما يظل التيار المحافظ متماسكاً ويدعم توجهاته الإصلاحية، يحقق التيار اليميني المتطرف تقدماً ملحوظاً بفضل خطابه الذي يستهدف مشاعر الخوف من الاغتراب والتغيرات الاجتماعية السريعة. إن النتيجة المتوقعة التي تقارب 20% لصالح حزب "البديل لألمانيا" لا تعني بالضرورة حصولهم على فرصة للحكم، إذ إن باقي الأحزاب ترفض بشكل قاطع الدخول في تحالفات معهم. وهكذا يصبح مستقبل تشكيل الحكومة موضوعاً معقداً يتطلب مفاوضات طويلة وربما تحالفاً ثلاثياً أو أكثر، ما يزيد من درجة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، وفقاً لـ"رويترز".

ويتجلى الانقسام أيضاً في ردود فعل المجتمع، إذ يتراوح التأييد بين فئات الشباب التي عن أملها في التغيير ورغبتها في رؤية إصلاحات جذرية، وبين فئات أخرى تتخوف من تبعات الانحياز إلى التيار المتطرف، خاصةً كبار السن والمثقفين الذين يرون في ذلك تهديداً للقيم الديمقراطية التي تأسست عليها الدولة.

تأزم اقتصادي

وتزامن الانقسام السياسي مع تحديات اقتصادية ملحوظة؛ فمع تباطؤ النمو الاقتصادي وتفاقم الفوارق الاجتماعية، بات واضحاً أن السياسات الاقتصادية الجديدة قد لا تكون كافية لجذب ثقة المستثمرين أو تحقيق الاستقرار المطلوب. إن السياسات التي يعد بها التيار المحافظ، رغم أنها تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الألمانية، قد تُفاقم التباينات الاجتماعية إذا ما تم تنفيذها على أسس تُعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية دون مراعاة العدالة الاجتماعية. هذا الواقع الاقتصادي، المصحوب بمخاوف من تأثيرات خارجية مثل سياسات الرئيس دونالد ترامب والضغوط العالمية، يزيد من صعوبة إعادة بناء الثقة في النظام السياسي والاقتصادي.

كما أن الصعوبات في تشكيل حكومة تحالفية مستقرة تُضيف عبئاً إضافياً على الاقتصاد، إذ يُتوقع أن تؤجل مفاوضات تشكيل الحكومة حتى أسابيع أو شهور، مما يخلق حالة من الجمود السياسي تؤثر سلباً على فرص الاستثمار والنمو.

تحذير جاد

يُشير المراقبون السياسيون إلى أن الاعتماد على دعم التيار اليميني المتطرف قد يكون له عواقب وخيمة على مستقبل الديمقراطية الألمانية. فالخطر يكمن في أن تتراجع معايير العدالة والمساواة وتتسع الشقوق الاجتماعية داخل المجتمع، ما قد يؤدي إلى تحول تدريجي في الثقافة السياسية نحو نمط أكثر استبداداً. وفي ظل هذه المعادلة، يبرز سؤال محوري: هل سيتمكن النظام الديمقراطي الألماني من تجاوز هذه الأزمة وتشكيل حكومة تحافظ على تماسك الدولة وتضمن استقرارها الاقتصادي والاجتماعي؟

ومع استمرار التحديات السياسية والاقتصادية، يبقى الأمل معقوداً على قدرة قادة الأمة على إعادة صياغة التحالفات وبناء مستقبل يضمن للألمان أمانهم واستقرارهم دون التضحية بالمبادئ الديمقراطية التي شكلت جوهر هويتهم الوطنية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا