02 مارس 2025, 2:14 مساءً
في ليلة عيد الحب، لم تكن الهدايا هي ما وصل إلى مئات العاملين في إدارة الأمن النووي الوطني الأميركي، بل كانت خطابات الفصل المفاجئة التي أرسلتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وهذه الخطابات لم تكن مجرد إجراء روتيني لتقليص النفقات، بل كانت صفعة قوية لواحد من أكثر الأجهزة الحكومية حساسية في الولايات المتحدة. ما تلا ذلك كان فوضى عارمة، وكشف عن إدارة عشوائية تهدد أمن الأمة.
فوضى الفصل
ففي فبراير 2021، أقدمت إدارة ترامب على فصل 17% من قوة عمل إدارة الأمن النووي الوطني، متجاهلة اعتراضات كبار المسؤولين النوويين، وهؤلاء العمال ليسوا موظفين عاديين؛ فهم المسؤولون عن تأمين 5000 رأس نووي، ومنع تسرب الإشعاعات، وضمان عدم وقوع انفجارات نووية عرضية. ومع ذلك، تم فصلهم عبر بريد إلكتروني مختصر، دون أي اعتبار لخطورة أدوارهم، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
ولم تمر هذه الخطوة دون رد فعل عنيف. تلقى مكتب وزير الطاقة كريس رايت مكالمات مذعورة من أعضاء الكونغرس، بمن فيهم جمهوريون عادة ما يدعمون ترامب. تمت إعادة توظيف معظم العمال المفصولين في أقل من 24 ساعة، لكن الضرر كان قد وقع. الفوضى التي خلفتها هذه الخطوة كشفت عن خلل عميق في إدارة واحدة من أكثر الوكالات الحكومية أهمية.
قرارات متسرعة
ولم تكن عمليات الفصل مدفوعة بخطة استراتيجية لتحسين الوكالة، بل كانت نتيجة قرارات متسرعة اتخذها مسؤولون يفتقرون إلى الفهم الأساسي لعمل إدارة الأمن النووي الوطني. تم فصل العمال بناءً على قوائم عشوائية، دون مراعاة لأدوارهم الحساسة أو خبراتهم المتخصصة.
ومن بين الذين تم فصلهم، كان هناك عمال أساسيون في مصنع "بانتكس" في تكساس، وهو المنشأة الوحيدة في الولايات المتحدة التي يمكنها تفكيك الرؤوس النووية القديمة بأمان، كما تم فصل خبراء في مختبر لوس ألاموس الوطني، الذي يلعب دورًا محوريًا في البرنامج النووي الأمريكي منذ 80 عامًا.
مخاطر أمنية
ويحمل العديد من العمال المفصولين تصريح أمان من المستوى "Q"، مما يمنحهم الوصول إلى أسرار نووية حساسة. أثار فصلهم مخاوف من أن يبيعوا معرفتهم لدول مارقة أو جماعات إرهابية، خاصة في ظل حاجتهم إلى العمل.
وبدأت عملية إعادة التوظيف بشكل فوضوي، حيث تم إرسال خطابات مختصرة إلى العمال المفصولين تخبرهم بأن فصلهم "تم التراجع عنه"، وبعضهم علم بإعادة توظيفه من خلال الصحف، بينما تم فصل آخرون مرة أخرى بعد إخبارهم بأنهم أعيد توظيفهم.
أضرار مستمرة
وحتى بعد إعادة توظيف معظم العمال، لا تزال التخفيضات المتبقية تعرض الأمة للخطر. تم فصل عشرات العمال الذين يشرفون على تنظيف المواقع الملوثة من حقبة الحرب الباردة، مما يهدد بحدوث كوارث بيئية وصحية.
وفي رسالة إلى وزير الطاقة، طالب مشرعون ديمقراطيون بمساءلة الإدارة عن هذه الخطوات المتسرعة. وأكدوا أن فصل العمال دون خطة استراتيجية يهدد الأمن القومي الأمريكي، ويظهر إدارة غير مسؤولة لواحد من أهم أجهزة الدولة.
انتقادات خارجية
ووصفت مؤسسة "هيريتيج" المحافظة الإدارة النووية بالفاشلة، مشيرة إلى تأخر تحديث الترسانة النووية وتجاوز الميزانيات. لكن عمليات الفصل العشوائي لم تستهدف إصلاح الخلل، بل زادت من تفاقم الأزمة.
وحذر خبراء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من أن فصل العمال المتخصصين يعكس "سذاجة" في فهم النظام النووي. وأكدوا أن الأخطاء الإدارية قد تؤدي إلى كوارث غير مسبوقة، مثل حرائق إشعاعية أو تسربات قاتلة.
وأزمة الفصل في إدارة الأمن النووي الوطني ليست مجرد قصة عن إدارة عشوائية، بل هي تحذير صارخ من مخاطر تطبيق منهجيات القطاع الخاص على الوكالات الحكومية ذات المهام الحساسة. في عالم يعتمد على الأسلحة النووية، قد تكون التكلفة أعلى من مجرد فوضى إدارية. هل ستتعلم الإدارة من هذه الأخطاء، أم ستستمر في المخاطرة بأمن الأمة؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.