اليوم تمثّل ظاهرة الحسد بين القيادات والموظفين في بيئة العمل ظاهرة عالمية، وليست حالات يمكن تجاوزها، أو تبريرها على أنها حالة من التنافسية لمصلحة العمل وتطويره، وتنشط هذه الظاهرة بشكل أكبر عند النجاح وتحقيق الإنجاز، ويغذيها صراع داخلي لدى غالبية الحسّاد في الوصول إلى مواقع قيادية أعلى، والحصول على امتيازات مالية أفضل، والبحث عن علاقات عميقة في المنظومة لضمان الاستدامة الوظيفية.
أكثر خمسة أسباب لانتشار الحسد في بيئة العمل عدم وضع آلية عادلة للمكافآت والامتيازات المالية، والتقييم المبالغ فيه للموظف الذي لا يستحق المنصب أو الترقية أو التكليف بالمهمة على حساب بقية زملائه، إلى جانب إشادة المدير بالأشخاص وليس فريق العمل، وعدم توزيع المهام بشكل عادل وواضح، كذلك وهو الأسوأ الشعور أن واجبات الموظف التي يؤديها على أكمل وجه لم تنصفه في الحصول على حقوقه.
تقول «إيمي كوبر» الحاصلة على دكتوراه في علم النفس الصناعي والتنظيمي للمؤسسات، ومؤلفة كتاب (العمل مع الأشخاص الصعبة) إن «الزميل الحاسد في العمل مستاء منك دائماً، ولديه شعور بعدم استحقاقك ما أنت عليه، بل ويعتقد أنه يجب أن يحصل على ما لديك»، وتضيف «يجبرك على الدخول في معارك طفولية لا هدف منها سوى تعكير صفو يومك، وتشويه صورتك في العمل، ولن يتخلى عن رغبته في الانتقام غير المبرر إلّا إذا تصديت لهجماته، ونجحت في إدارة مشاعره عن بُعد».
معظم الدراسات النفسية والتجارب العملية تنتهي إلى أن أبرز مؤشرات الحاسد في بيئة العمل؛ هي تقليله من قدرات ومهارات زملائه، والتشكيك في نجاحهم، وتشويه سمعتهم بنقل الأخبار والمعلومات غير الصحيحة عنهم، والأسوأ استعداد هذا الحاسد في استغلال أخطاء زملائه للتحالف مع قوى أخرى للخلاص منهم، إلى جانب شخصنة الموضوعات المثارة للنقاش، والإسقاط المتكرر على أشخاص وليس أداء أو أسلوب العمل، كذلك صمته المخيف على طاولة الاجتماعات أثناء الحضور مع القيادات العليا، والحديث أكثر بعد كل اجتماع في الغرف المظلمة!
أسوأ ما في الشخص الحاسد في بيئة العمل أنه يقوّض من روح الفريق الواحد داخل المنظومة، ويعطّل من تحقيق الأهداف والمهام الوظيفية، ويستهلك جهد ووقت زملائه في صراعات جانبية، إضافة إلى بث الكراهية والتشكيك والتأزيم والإحباط بينهم، والمؤسف أيضاً أن زميل العمل الحاسد لديه استعداد للكذب والظلم؛ لأنه وصل لمرحلة نفسية مريضة لا يمكن علاجها على مستواه الشخصي، ولكن يمكن التقليل من تأثيراته السلبية في بيئة العمل.
من أبرز حلول المواجهة والتكيّف مع الزميل الحاسد في العمل أن تجعله ينتصر على نفسه وليس عليك، من خلال إظهار مشاعر رمادية تجاهه، فلا يعلم ماذا تقصد في مديحك له، ولا نقاشك معه، ولا ابتسامتك نحوه، وفي النهاية سيعرف أنه شخص فاشل ومكشوف، وسيضطر إلى الاستقالة، أو تقديم طلب نقله إلى موقع آخر.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.