عرب وعالم / السعودية / عكاظ

وقفتُ أمام منزلك... هل أخطأت ؟

- الحاجة إلى الطرح المتوازن الذي يوضح المفاهيم القانونية دون تهويل أو تهوين

- نظام حماية المرافق العامة يتعلق بالإضرار غير المشروع بالمرافق ولا يتناول «إيقاف المركبات» المؤقت في الأماكن العامة.

- الأصل في الوقوف أمام العقارات الخاصة هو الإباحة، ما لم يترتب على ذلك ضرر محدد، دائم أو متكرر.

-لا بد من التطرق إلى مفهوم حق الارتفاق، وهو من الحقوق العينية التبعية التي تُمنح لعقار معين على عقار آخر.

-الخلط بين ما هو من باب «الذوق العام» وبين ما هو من «الحقوق والواجبات القانونية» قد يؤدي إلى التضليل

في بيئة قانونية تتسم بالتنظيم المتسارع والتفاعل المجتمعي مع الشأن القانوني، تبرز الحاجة إلى الطرح المتوازن الذي يوضح المفاهيم القانونية دون تهويل أو تهوين. وقد أعادت تصريحات إعلامية تم تداولها مؤخرًا بشأن الوقوف أمام المنازل وما إذا كان يشكل مخالفة نظامية، ثم تصريح وزارة العدل الذي نفى وجود سند قانوني لما ورد في تلك التصريحات، تسليط الضوء على الحاجة إلى توضيح اللبس بين ما هو تنظيمي، وما هو مدني، وما يُصنف ضمن نطاق «حق الارتفاق».

بداية، لا بد من التذكير بأن نظام حماية المرافق العامة، وخاصة مادته الخامسة، لا تتناول الأفعال ذات الطابع المدني كالإيقاف المؤقت للمركبات في الأماكن العامة، وإنما تتعلق بأفعال الإضرار أو التعدي أو الاستغلال غير المشروع للمرافق، ككسر أنابيب المياه، أو تعطيل شبكات الكهرباء، أو التخريب المتعمد للبنية التحتية. وبالتالي، لا يمكن قانوناً تصنيف الوقوف المؤقت أمام منزل، ما لم يكن فيه تعدٍّ بيّن، كجريمة تدخل ضمن هذا النظام.

أما مسألة الوقوف أمام العقارات الخاصة فالأصل فيها هو الإباحة، ما لم يترتب على ذلك ضرر محدد، دائم أو متكرر، يمكن إثباته. ويدخل ذلك في إطار المسؤولية المدنية، لا الجزائية. ولهذا فإن أي دعوى تنشأ عن ضرر مزعوم من الوقوف لا تُبنى على نص نظامي جنائي، بل على أحكام المسؤولية التقصيرية، إن توفرت شروطها من خطأ وضرر وعلاقة سببية.

وفي هذا السياق، لا بد من التطرق إلى مفهوم حق الارتفاق، وهو من الحقوق العينية التبعية التي تُمنح لعقار معين على عقار آخر، كحق المرور، أو حق المسيل، أو حق الشرب. وهذا الحق لا يُنشأ بموجب الممارسة العادية أو التكرار المجتمعي فقط، بل يجب أن يكون مثبتاً بنص أو اتفاق أو قرينة قوية تُثبت وجوده تاريخياً أو عرفياً. وبالتالي، فإن القول بوجود «حق ارتفاق» يتيح لشخص الوقوف أمام منزل الغير، دون علاقة عقارية أو ترخيص رسمي، قول لا سند له في النظام أو الفقه القانوني.

القانون بطبيعته لا يُجرم إلا بنص، ولا يمنح الحقوق إلا بأدلة. ومن ثم، فإن الخلط بين ما هو من باب «الذوق العام» أو «التصرف الحضاري» وبين ما هو من «الحقوق والواجبات القانونية» قد يؤدي إلى تضليل الجمهور، وإساءة استخدام المصطلحات القانونية في غير محلها.

وقد جاء بيان وزارة العدل الصادر بتاريخ 14 شوال 1446هـ (الموافق 12 أبريل 2025م)، ليؤكد هذه الحقيقة، ويوضح أن ما أُشير إليه من وجود عقوبة على الوقوف أمام المنازل لا يستند إلى أي أساس قانوني، ولا يدخل ضمن أنظمة الحماية الجزائية، بل هو من مسائل التعامل المدني التي يحكمها مبدأ عدم الضرر، متى ما ثبت الضرر.

في الختام، فإن التوعية القانونية يجب أن ترتقي إلى درجة من الاتزان، لا تذهب بالناس نحو التخويف باسم القانون، ولا تبسط لهم الأمور حتى تذوب الحدود بين الحقوق والآداب العامة. القانون ليس وسيلة ردع فقط، بل هو نظام حياة يحكمه المنطق ويُضبط بالنص.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا