حين تولّت رئاسة تحرير مجلة سيدتي من لندن، لم تكن امرأة على كرسي إدارة، بل كانت مشروعاً ثقافياً يطرح حضور المرأة في الإعلام بلغة رصينة، ويعيد تشكيل صورة الدور النسائي من الداخل لا من الخارج. ولم يكن صوتها الإذاعي مجرد حضور ناعم، بل كان إعلاناً حازماً أن الأثير يتسع لفكرٍ نسائي مسؤول، حين قدّمت «البيت السعيد» بوعي تربويّ وإنسانيّ.
في التعليم، لم تكن الأكاديمية التي تُكرر المعلومة، بل الباحثة التي سافرت للمعرفة، وكتبت أطروحاتها حول «مكانة المرأة في الإسلام» و«التحديث في الدول النامية»، بعين تنظر إلى السعودية لا كمفعول به، بل كحالة حضارية في طور التشكل. درست في أمريكا، ولم تنسلخ من روحها، بل حملت تساؤلات مجتمعها إلى مكاتب الجامعات، ثم عادت بها إلى قاعات التعليم في جامعة الملك عبدالعزيز.
أسست لجاناً، وشاركت في مجلس إدارة الجمعية الفيصلية الخيرية، ولم تكن حضوراً رمزياً بل قوة اقتراح وتفعيل، بلغة لا تغادر الواقع، ولا تتنازل عن العمق.
ما يميز الرائدة فاتنة شاكر، حقاً لم يكن تعدد أدوارها، بل وحدتها الداخلية في كل تلك الأدوار. كانت تمارس الإعلام كأكاديمية، وتكتب كفاعلة مجتمعية، وتُدرّس كإنسانة تعرف كيف تعجن المعرفة بالحياة. لم يكن صوتها موزعاً بين التخصصات، بل متماسكاً، يصدر من جذور واحدة: الإيمان بأثر الكلمة، ومسؤولية المعرفة.
فاتنة شاكر، ببساطة كانت مشروعاً متكاملاً للريادة النسائية، حين كانت تلك الكلمة لا تزال تُكتب بخجل.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.